بلغت الأزمة ذروتها مجددًا بين الحكومة الاتحادية والحزب الديمقراطي الكردستاني إثر تعديل مواد في قانون الموازنة للأعوام الثلاثة المقبلة تتعلق بسلطة إدارة النفط والإيرادات في إقليم كردستان.
يقف الحزب الديمقراطي الكردستاني بمفرده في معارضة تمرير قانون الموازنة بعد تعديل فقرات إدارة النفط وحصة الإقليم
وشملت التعديلات فقرات في المادتين 13، 14 خلافًا للاتفاق السياسي الذي قاد إلى تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني كما يقول المسؤولون في أربيل.
حزب بارزاني غاضب
وتنص التعديلات على تسليم حكومة الإقليم الإيرادات النفطية وغير النفطية قبل الحصول على حصتها من الموازنة، وإيداع الأموال في حساب مصرفي في البنك المركزي العراقي، في حين يريد الإقليم فتح حساب في مصرف "سيتي بنك".
كما نصت على منع الإقليم من استخراج النفط من حقول كركوك ونينوى الخاضعة حاليًا لسيطرة حكومة كردستان، حيث تمثل هذه الحقول ثلث إنتاج الإقليم من النفط الخام.
ويقول وزير المالية والاقتصاد في حكومة الإقليم آوات شيخ جناب إنّ هذه التعديلات لم تبق أي صلاحيات لحكومة كردستان.
وتحدث الوزير لوسائل الإعلام الأحد 28 أيار/مايو، في وقت تحرك القيادي في البارتي شاخوان عبد الله الذي يشغل منصب النائب الثاني لرئيس البرلمان في محاولة أخيرة للضغط على اللجنة المالية بورقة قانونية.
ونشر عبد الله كتابًا رسميًا يطالب بتعليق عمل اللجنة بحجة أنّ عدد أعضائها أكبر من الذي يسمح به النظام الداخلي للبرلمان، لكن أعضاء في اللجنة أكّدوا استمرار إجراءات تحضير القانون تمهيدًا لإقراره دون تحديد موعد مؤكّد.
اليكتي يساند بغداد
ووجد الحزب الديمقراطي الكردستاني نفسه بمفرده في محاولات منع التعديلات قبل إقرار الموازنة، حيث يقول غريمه في الإقليم الاتحاد الوطني الكردستاني إنّه "راض" عما حققته اللجنة المالية من إجراءات بشأن قانون الموازنة.
ويصف القيادي في الحزب غياث السورجي لـ "الترا عراق"، اعتراضات قيادات البارتي بـ "غير المقبولة"، مبينًا أنّ حزبه "يقف مع كل ما ستقرره اللجنة المالية النيابية من تعديلات تتعلق بالمواد الخاصة بمستحقات إقليم كردستان".
يريد الاتحاد الوطني الكردستاني أن يخضع ملف إدارة النفط في كردستان لسلطة بغداد حيث يتهم غريمه بالتفرد بالإيرادات
ويرى السورجي في هذه التعديلات "رداعًا للفساد" الذي يمارسه الحزب الديمقراطي، مشددًا على ضرورة السيطرة على عمليات تصدير النفط من قبل السلطات الاتحادية.
ويقول سورجي، إنّ اعتراضات غريمه الديمقراطي "غير جديدة"، مبينًا أنّ الديمقراطي "معتاد على خرق الاتفاقات سواء داخل إقليم كردستان مع الأطراف الكردية، أو الأطراف في بغداد والحكومة الاتحادية".
ويؤكّد سورجي، أنّ نواب الاتحاد الوطني الكردستاني سيحضرون جلسة البرلمان للتصويت على قانون الموازنة.
البارتي: التعديلات لن تمر
بالمقابل، يتهم الديمقراطي اليكتي بمحاولة "تعكير" حالة الهدوء بين المركز والإقليم.
ويقول النائب عن الديمقراطي الكردستاني شريف سليمان لـ "الترا عراق"، إنّ "أطرافًا في اللجنة المالية النيابية تحاول عرقلة اتفاق بغداد وأربيل، ما سيضر بعمل مجلس النواب والأجواء السياسية، فضلاً عن تعطيل رواتب موظفي الإقليم ومستحقات الشعب".
ويضيف سليمان، أنّ "اللجنة في وقت سابق مررت المادة 12 وبندين من المادة 13، لكن الآن اللجنة لا تستطيع تمرير البقية لوجود أطراف معارضة للتصويت"، مبينًا أنّ "المكون الكردي بممثليه في البرلمان لن يسمحوا بخرق الاتفاقات السياسية بهذا الشكل وفي اللحظات الأخيرة".
ويوضح النائب، أنّ "إقليم كردستان لم يستلم أي مستحقات مالية من موازناته للسنوات الثلاث الأخيرة، مما دفعه لتطبيق الاستقطاعات من رواتب موظفيه من أجل الادخار وتوفير الأموال"، مشيرًا إلى أنّ "الدستور ينص على أن لكردستان الحق في التصرف بنسبة 50% من إجمالي إيراداته، لكنه ذهب باتجاه تصفير الخلافات بين الحكومتين في الفترة الماضية".
يقول البارتي إنّ الاتفاق مع السوداني أبرم بناءً على "تنازلات" من أربيل مشددًا أنّ الموازنة لن تمر بصيغتها الحالية
ويشدد سليمان، أنّ الاتفاق النفطي والمالي الأخير مع السوداني شهد "تنازلات من أربيل للوصول إلى حلّ نهائي، لكن يبدو هناك من لا يريد الهدوء لعلاقة المركز بالإقليم بعرقلة تمرير مستحقات كردستان في الموازنة عبر التعديلات أو الحذف، وهو ما سيعرقل إقرار الموازنة".
الإطار يتفق
وفي آخر التطورات، أعلن الإطار التنسيقي التوصل إلى اتفاق "حول النقاط الخلافية" بشأن قانون الموازنة بعد اجتماع لزعماء بعض الأطراف والفصائل المسلحة مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.
وأصدر الإطار بيانًا قال فيه إنّ الموازنة يجب أن تمر في أسرع وقت لـ "صلتها المباشرة بعمل الحكومة وأمور المواطنين اليومية وتحقيق متطلباته الخدمية".
ولم يشر البيان إلى موقف واضح من اعتراضات الحزب الديمقراطي المستند إلى الاتفاق داخل ائتلاف إدارة الدولة.
بدوره يقول النائب عن كتلة عصائب أهل الحق محمد البلداوي لـ "الترا عراق"، إنّ الموازنة بصيغتها المعدلة "ستكون منصفة لإقليم كردستان"، عادًا اعتراضات الحزب الديمقراطي "في غير محلها".
ويشير البلداوي إلى "ضرورة تكاتف جميع الكتل السياسية لتمرير القانون وعدم وضع المعرقلات أمام القانون"، مؤكدًا أنّ "اللجنة المالية حسمت معظم المواد ويمكن أن تمرر في أي لحظة".
لم يحدد البرلمان أي موعد جديد لقراءة قانون الموازنة وإقراره في ظل استمرار السجالات منذ أشهر
وفشل مجلس النواب السبت 27 أيار/مايو في عقد جلسة لتمرير الموازنة وفق موعد حدده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
والموعد هو الرابع الذي يفشل بعد أن حدد ائتلاف إدارة الدولة موعدين سابقين فشل بهما، كما فشل الموعد الآخر الذي حدده النائب الثاني لرئيس البرلمان شاخوان عبد الله.