في السنوات الأخيرة، شهد العراق العديد من الطرق لعميات غسل الأموال، منها تأسيس مطاعم ومولات ومراكز تجميل ومشاريع كثيرة، يتم الحديث عنها بين فترة وأخرى، لكنّ مؤخرًا ظهرت أحاديث في مواقع التواصل الاجتماعي، عن عمليات "غسل" ضمن عقود الزواج التي تصل إلى المليارات في حالات معينة.
يرى خبير قانوني أنّ القانون العراقي يفترض حسن النية ولم يجرم أصحاب المهور العالية إلا إذا ثبت العكس
ويأتي غسل الأموال في العراق لإضفاء شرعية على الأموال المسروقة من المال العام، حيث يتم استثمارها في مشاريع عامة، بسبب انتشار الفساد في البلاد بشكل غير مسبوق منذ العام 2003 وحتى الآن.
وفسّر الأكاديمي المختص في مجال القانون، محمد السامرائي، إمكانية تصنيف مبالغ عقود القران التي تصل للمليارات ضمن قضايا "غسل الأموال".
ويقول السامرائي لـ"ألترا عراق"، إنّ "جريمة غسل الأموال تعني إضفاء المشروعية على أموال ذات مصادر غير مشروعة، كالفساد والجريمة المنظمة وغيرها من الجرائم العالمية العابرة في تأثيرها حدود الدولة الواحدة، وهو ما يطلق عليه تبييض الأموال أيضًا".
وفي العادة، تشدّد بعض التشريعات في تكليف من تتضخم ثروته وأمواله ببيان مصادرها، وإلا سيقع تحت طائلة القانون والتضخم غير المشروع، ويشمل بهذا التكليف ـ والكلام للسامرائي ـ "كبار موظفي الدولة أو رؤوساء النقابات أو المنظمات غير الحكومية، فيتم مصادرة قيمة التضخم في حالة العجز عن إثبات مشروعية تلك الأموال".
وبالنسبة للمهور العالية التي تصل إلى ملايين أو مليارات الدولارات، يقول السامرائي إنها "قد تكون في حالة اعتبارها مقبوضة بحكم القانون نوعًا من محاولة إضفاء المشروعية عليها عند تحولها إلى ذمة الزوجة"، مبينًا أنّ "القانون العراقي لم يعالج هذا الموضوع، لأن هنالك ربما عدم جدية أو شكلية اقتضت بها بعض الأعراف الاجتماعية غير المقبولة أو المبالغ بها، أي بمعنى أن القانون افترض حسن النية كالعادة، ولم يجرّم أصحاب المهور العالية إلا إذا ثبت العكس".
ويتحدث المختص القانوني عن ازدياد تلك الحالات، إذ يعتقد أنه أمر "يستدعي تكليف الشخص المانح للمهر وقبل تصديق عقد الزواج بإثبات مشروعية أمواله، إذا كان هو غير مشمول أساسًا بتقديم كشف الذمة المالية، خصوصًا في المبالغ التي تتجاوز المنطق والعرف الاجتماعي السائد".
وبالمقابل، يرى السامرائي أنّ "هنالك حاجة لسد النقص التشريعي وإجراء تعديل على قوانين مكافحة الفساد فيما يتعلق بقانون مكافحة غسل الأموال، وقانون هيئة النزاهة وتطبيقها تطبيقًا صحيحًا للكشف عن مدى مشروعية تلك الأموال الضخمة من جهة ووضع حد للتمادي في فرض المهور العالية، خصوصًا مع ارتفاع معدلات العنوسة والعزوف عن الزواج في ظل مستوى دخل سنوي محدود للنسبة الأكبر من المجتمع".
ودعا الخبير القانوني إلى "حماية غالبية طبقات المجتمع من تصرفات وأفعال طبقة طفيلية قليلة قد ظهرت في السنوات الأخيرة، وتميزت بثرائها الفاحش المعلن بشكل غير مقبول دون أدنى خوف من المحاسبة القانونية من جهة أو مراعاة لمشاعر أبناء المجتمع من جهة أخرى".
لكنّ الخبير القانوني، علي التميمي، ينفي إمكانية اعتبار "المهور العالية" داخلة ضمن قضايا غسل الأموال في العراق، معتبرًا أنها "تأتي بالاتفاق بين الطرفين، أي بالرضا والقبول".
وقال التميمي في حديث لـ"ألترا عراق"، إنه "باتفاق فقهاء الشريعة الإسلامية، ليس للمهر حدًا أعلى، وبدليل ذكره في القرآن الكريم بهذا التعبير"، كما أنّ "المهر ليس من أركان عقد الزواج بل من آثاره، ويلزم الرجل بمهر المثل ولو اتفق الاثنان على عدمه، لأنه هدية لازمة وعطاء مقرر للمرأة وليس عوضًا".
وأوضح التميمي أنه "يجوز زيادة المهر أو نقصانه باتفاق الزوجين وفق حجة زيادة المهر التي يصدرها القاضي"، موضحًا أنّ "القانون 352 لسنة 1987 أوجب أن يكون نصف الزيادة للضريبة والمحكمة".