17-أبريل-2023
العيد

الأمور متضاربة حتى الآن (Getty)

كانت بداية شهر رمضان هذا العام، بداية مفرحة لشعوب العراق ومعظم الدول العربية والإسلامية، حيث أنه لأول مرة منذ سنوات تصوم جميع الدول والمذاهب والمتبنيات الفقهية المختلفة بيوم واحد.

تختلف المؤشرات والمعطيات الفلكيّة بشكل متداخل بخصوص يوم عيد الفطر في العالم العربي

وبالرغم من أن بعض الأوساط الشعبية في العراق وبعض الدول العربية ربطت في حينها، إعلان شهر رمضان بيوم واحد ولاسيما إيران والسعودية، مع الصلح السياسي وعودة العلاقات بين الرياض وطهران، إلا أن خبراء استبعدوا علاقة الشأن السياسي بتوحيد إعلان رمضان، بل جاء لأسباب فلكيّة علميّة.

حسابات رمضان

حيث تظهر خارطة مركز الفلك الدولي "استحالة" رؤية هلال رمضان بجميع الوسائل على الإطلاق في معظم قارتي آسيا وإفريقا وأوروبا، بالإضافة إلى "عدم إمكانية" رؤية الهلال في الأمريكيتين، يوم الثلاثاء 21 آذار/مارس في حينها.

رمضان

لكن رؤية الهلال في يوم الأربعاء 22 آذار/مارس، أصبحت ممكنة في جميع الدول وبمختلف الوسائل، وأصبح ممكنًا حتى بالعين المجردة في العراق وجميع الدول جنوبًا وغربًا، حتى أقصى القارتين الأمريكيتين، أما شرقًا، فكانت رؤية الهلال "قد تكون ممكنة" بالعين المجردة، وبالتالي فهي ممكنة بالتلسكوب، ما جعل شهر رمضان موحدًا يوم الخميس في جميع الدول.

لكن فيما يخص عيد الفطر هذا العام، سيكون الأمر محيرًا نوعًا ما، فهذه المرة تختلف المؤشرات والمعطيات الفلكيّة، بشكل متداخل، وتبدو ليست قاطعة وحاسمة كما كانت في بداية تحديد شهر رمضان.

وبحسب الخارطة المعلنة من مركز الفلك الدولي، فإنّ رؤية الهلال غير ممكنة، ولكنها ليست مستحيلة، في قارة آسيا وأستراليا بالكامل، وممكنة بالتلسكوب فقط في جزء من قارتي إفريقيا وأوروبا، وممكنة نسبيًا بالعين المجردة في جزء من مناطق الأمريكيتين.

العيد

 

 

 

ماذا عن المتبنيات الفقهية؟

وفق متبنيات المرجع الديني الأعلى في العراق، علي السيستاني، التي تشترط رؤية الهلال بالعين المجردة أولًا وأن تكون في داخل البلد ذاته ثانيًا، ولا تتيح حجّية رؤية الهلال في بلد على بلد آخر، إلا في نطاق ضيّق، أي أنه "تكون الرؤية في البلد الأوّل ملازمة للرؤية في البلد الثاني لولا المانع من سحاب أو جبل أو نحوهما"، حيث يلجأ هذا المتبنى الفقهي غالبًا بجعل الرؤية في البلدان الواقعة في الشرق لها حجّية على البلدان التي في غربها، لأنّ ولادة الهلال ورؤيته تبدأ من غرب الكرة الأرضية وتضعف رؤيته كلما اتجهنا إلى شرقها، لذا فإنّ الهلال إذا تمت رؤيته في بلاد معينة، فأنه واجب الرؤية حتمًا في البلدان التي في غربها، ولا تمنع رؤيته سوى الظروف الجوية السيئة، وهذا الشرط غير متوفر في معطيات رؤية هلال شوال كما تظهر خارطة مرصد الفلك الدولي، حيث أن رؤية هلال لأي بلد شرق العراق غير ممكنة.

وعلى هذا الأساس، ربما يكون يوم الجمعة مكملًا لشهر رمضان، وأن السبت هو أول أيام شهر شوال، وبالتالي عيد الفطر للسيستاني، حيث أن رؤية الهلال بالعين المجردة في الأمريكيتين ليست حجّة على مقلدي السيستاني في البلدان الأخرى شرقها.

وفعلًا، توقع مكتب السيستاني في بيان أن "يكون يوم السبت المقبل الموافق 22 نيسان/أبريل الحالي أول أيام عيد الفطر المبارك". 

أما فيما يخص إيران، وبالرغم من أنها كانت في سنوات معينة تختلف مع مرجعية السيستاني، حيث يعود الخلاف في المرات التي تكون فيها رؤية الهلال في العراق وإيران ممكنًا بالتلسكوب وغير ممكن بالعين المجردة، إلا أنّ هذه المرة، فإنّ رؤية الهلال غير ممكنة بالطريقتين، لذلك من المتوقع أن تتفق إيران ومرجعية المرشد الأعلى علي خامنئي هذا العام في تحديد العيد مع السيستاني في يوم السبت المقبل وليس الجمعة.

أما السعودية، فهي الأخرى تعتمد الرؤية في بلدها تحديدًا ولكن بمختلف الوسائل، ومن بينها الحسابات الفلكية، لكن بشرط أن تؤدي الحسابات الفلكية إلى الرؤية وليس فقط الاعتماد على الحسابات، لكنها رؤية غير مشروطة بمؤسسة محددة، بل تكتفي بشهادة الشهود، حتى وإن أثبتت الحسابات الفلكية غالبًا عدم إمكانية الرؤية، كما حصل في سنوات سابقة، لذا فأنه من المحتمل أن تعلن السعودية عيد الفطر يوم الجمعة.

وهو مارجحه مركز الفلك الدولي، حيث يقول "بما أن هناك إمكانية لرؤية الهلال بالتلسكوب من أجزاء من العالم الإسلامي يوم الخميس، ونظرًا لحدوث الاقتران قبل غروب الشمس وغروب القمر بعد غروب الشمس في جميع مناطق العالم الإسلامي، فقد جرت العادة بمثل هذه الظروف أن تعلن غالبية دول العالم الإسلامي بدء الشهر في اليوم التالي، وعليه من المتوقع إعلان العديد من الدول عيد الفطر يوم الجمعة 21 نيسان/أبريل"، من هنا فإنّ إعلان السعودية لعيد الفطر يوم الجمعة هو "احتمال قائم" وليس أمرًا حتميًا. 

أما فيما يتعلق بالوقف السني العراقي، فإنّ متبنياته الفقهية ليست واضحة تمامًا ولا ثابتة بشكل قطعي، ويتم الاعتماد على الكثير من المعطيات منها الرؤية بالعين المسلحة والحسابات الفلكية أيضًا، كما تشير إلى إمكانية الاعتماد على رؤية الهلال في دول عربية وإسلامية أخرى، وهو ما يرجح إمكانية إعلان الوقف السني لعيد الفطر يوم الجمعة اعتمادًا على الحسابات الفكية وأيضًا تماشيًا مع الدول العربية والإسلامية التي ستكون رؤية الهلال فيها بواسطة التسلكوب ممكنة، مثل مصر والمغرب والجزائر والعديد من الدول الإفريقية، كما تظهر خارطة مركز الفلك الدولي.

لم يعلن الوقف السني توقعاته عن العيد في العراق حتى الآن

وسبق أن اختلف الوقف السني بالفعل مع السعودية في تحديد شهر ذي القعدة في عام 2021، فبينما كان لدى السعودية يوم 30 ذي القعدة والموافق 10 تموز/يوليو، كان الوقف السني يؤكد حينها أنه يوافق 29 من شهر ذي القعدة، مما تسبب بجدل واسع في الأوساط الشعبية على حسابه الرسمي في "فيسبوك".