ارتفاع غير مسبوق بدرجات الحرارة حول العالم، دفع الأمم المتحدة أن تصدر تحذيرًا كان عنوانه "دخول العالم مرحلة الغليان" مثيرة بذلك المخاوف من مستوى التغير المناخي الذي يواجهه كوكب الأرض نتيجة انتشار الملوثات الصناعية، لكن العراق، الذي يعيش درجات حرارة هي الأعلى في العالم، ربما له النصيب الأكبر من هذا "الغليان"، كما تعبّر الأمم المتحدة.
موجة الحر الحالية في العراق جاءت نتيجة تعمق المنخفض الموسمي الحراري والذي تطلق عليه تسمية "اللسان الهندي"
واتخذت عدة محافظات عراقية، إجراءات احترازية لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة، منها تقليل ساعات الدوام الرسمي، بينما اضطرت محافظات مثل ذي قار إلى تعطيل الدوام الرسمي إثر الارتفاع غير المسبوق الذي يعيشه العراق.
وفي سياق "الغليان" الذي تحدثت به الأمم المتحدة، قامت شركات نفطية في جنوب العراق، صباح 13 اب/ أغسطس، برفع راية بنفسجية، في إشارة إلى الأشعة فوق البنفسجية التي تؤدي إلى الإصابة بضربة الشمس القوية، ووفق هذا الإجراء، يتوقف عمل العمال في تلك الشركات ويقتصر على الأعمال الضرورية فقط.
اللسان الهندي يزيد حرارة العراق
وفيما تتوقع هيئة الأنواء الجوية العراقية، استمرار ارتفاع درجات الحرارة في العراق، تشير إلى أنّ أحد أسباب هذا الارتفاع، هو تعمق المنخفض الموسمي والذي يسمى بـ"اللسان الهندي".
ويقول مدير إعلام هيئة الأنواء الجوية، عامر الجابري، في تصريح لـ"ألترا عراق"، إنّ "موجة الحر الحالية جاءت نتيجة تعمق المنخفض الموسمي الحراري والذي تطلق عليه تسمية اللسان الهندي".
ويقول الجابري أيضًا إنّ "هذا المنخفض الموسمي يسمى أيضًا جمرة القيظ، ويتعمق منتصف شهر أيار/مايو، مستدركًا: "لكن تأثيره بدأ هذا العام في الربع الأول من شهر تموز/يوليو المنصرم، وأدى إلى ارتفاع درجات الحرارة بين 45 إلى 50 درجة مئوية".
قال فولكر تورك إن حرارة الصيف الشديدة والتلوث في جنوب العراق يشيران إلى أنّ حقبة الغليان العالمي قد حلت
وفيما يخص الحالة الجوية لفصل الشتاء القادم، تقول هيئة الأنواء الجوية، إنها "لا تستطيع التنبؤ بها من هذه الفترة وقياس مستوى الأمطار التي ستهطل في الشتاء".
وبعد انتهاء فصل الصيف الحالي وانخفاض درجات الحرارة ـ والكلام للجابري ـ ستكون "هناك قراءات أخرى من قبل الأنواء الجوية، وكلّما انحسرت الفترة التي ستقاس بها حالة الطقس، كلما أعطيت النتائج اكثر مصداقية".
الغليان العالمي
التحذيرات الأممية تزامنت مع زيارة أجراها مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى العراق واستغرقت أربعة أيام، حيث حذّر من مستويات درجة الحرارة المرتفعة في البلاد.
وقال تورك إنّ "حرارة الصيف الشديدة والتلوث في جنوب العراق يشيران إلى أنّ حقبة الغليان العالمي قد حلت".
متنبئ: مصطلح الغليان غير موجود
وبعد أن أثارت الأمم المتحدة مخاوف العالم بحديثها عن "غليان قادم" نتيجة تغير المناخ، يستغرب متنبئون جويون من استخدام هذا المصطلح غير الموجود في قياس الحالة الجوية والطقس، بحسب ما يقول الخبير في الأرصاد الجوية كرار الغزالي.
الغزالي يقول لـ"ألترا عراق"، إنّ "خرائط الطقس الخاصة بدرجات الحرارة تبين أن درجات الحرارة ستزداد في عموم محافظات البلاد خلال الأسبوع الحالي والأسبوع المقبل وتصل خلالها درجات الحرارة إلى 52 درجة مئوية".
وهناك تحذيرات أممية وتقارير تحدثت عن وصول درجات الحرارة إلى نصف درجة الغليان، وهذا الشيء ـ والكلام للغزالي ـ غير صحيح علميًا لـ"عدم وجود مثل هكذا مصطلح في الأنواء الجوية".
وأوضح الغزالي أنّ "درجة الغليان هي مرحلة انتقال المادة من الحالة السائلة إلى الغازية، وهذه تحصل فقط عند تسخين السائل وليس في حالة الطقس".
تهويل وواقع ساخن
ويعتبر المتنبئ الجوي صادق عطية، أن ما تحدث عنه أمين عام الأمم المتحدة بـ"التهويل"، لكنه لا يقلل من مخاطر الارتفاع المستمر في درجات الحرارة التي يعيشها العراق ودول المنطقة، كما ينبه إلى "ضرورة وضع الحلول اللازمة لتلك الأزمة".
ويقول عطية لـ"ألترا عراق"، إنّ "هناك نوعًا من التهويل حصل في موضوع ارتفاع درجات الحرارة حول العالم ولا يوجد ارتباط بين درجات حرارة الطقس ودرجة الغليان".
وأشار إلى أنّ "ارتفاع درجات الحرارة في العراق والمنطقة العربية إلى درجات غير مسبوقة منذ سنوات لأسباب مشخصة بسبب مناخ تلك المنطقة شبه الصحراوي والجاف خلال موسم الصيف والذي يمتد لقرابة الستة أشهر".
وعن أبرز أسباب ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، يتحدث عطية عن معطيات إضافية موجودة عربيًا وعراقيًا، وتتمثل بـ:
- قلة المساحات الخضراء
- قلة هطول الأمطار
ولفت عطية إلى "وجود ارتباط بين الزيادة السكانية وارتفاع درجات الحرارة، مؤكدًا أنّ "زيادة الكثافة السكانية والمباني المشيدة والشوارع وأعداد المركبات الهائلة وقبال ذلك؛ ازدياد المحروقات النفطية أثر سلبًا على حالة المناخ".
والعراق هو أكثر الدول تأثرًا بـ"الاحترار العالمي"، حسب ما يقول المتنبئ الجوي والذي يعزوه "لانعدام الحلول فيه، خاصة بمواكبة الارتفاع الهائل بدرجات الحرارة".
وبحسب عطية، فإنّ "مناطق وسط وجنوب العراق وأيضًا العاصمة بغداد تسجل درجات حرارة فوق الخمسين، وهذا كان يحصل سابقًا في فترات زمنية محددة قد لا تتجاوز الأسبوع، لكن حاليًا صارت تستمر لأيام عدة".
تحدث متنبئ جوي عن وجود ارتباط بين الزيادة السكانية وارتفاع درجات الحرارة
ومنذ بداية فصل الصيف الحالي، سجل العراق معدلات جفاف خطرة، لا سيما في مناطق الأهوار بالجنوب، بسبب قلة التدفقات المائية لنهري دجلة والفرات، إضافة إلى قلة في الأمطار التي هطلت في فصل الشتاء، وسط مخاوف من اشتداد الأزمة خلال السنوات المقبلة.