منذ صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا بخصوص تمويل إقليم كردستان من قبل حكومة بغداد، ظهرت المخاوف والأسئلة عن إمكانية تمرير موازنة 2023 المالية وسط هذه الأجواء السياسية الخلافية.
تقدم ردود الفعل الكردية حول قرار المحكمة الاتحادية مؤشرات حول توتر كبير في العلاقات بين بغداد وأربيل
وقبل أيام قليلة، أصدرت المحكمة الاتحادية قرارًا يقضي بإلغاء جميع القرارات الحكومية المتعلّقة بتحويل الأموال إلى إقليم كردستان، مؤكدةً أنها "عدم صحة القرارات الصادرة من قبل مجلس الوزراء في عامي 2021 و2022".
وأرسلت حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، دفعات مالية عديدة إلى الإقليم خلال العامين السابقين بغية دفع حكومة الإقليم لرواتب موظفيها، مشترطة في ذات الوقت، استقطاع هذه الأموال لاحقًا من الموازنة المالية العامة للدولة.
توقعات كردية
وتقول القيادية في حزب الاتحاد الديمقراطي، ريزان الشيخ دلير، إنّ "تشريع الموازنة المالية في كل عام يشهد مشكلات عديدة أبرزها ما يتعلق بإقليم كردستان"، مبينةً أنّ "الدستور كان واضحًا بشأن المستحقات والالتزامات المالية الخاصة بالإقليم".
ووفقًا لحديث دلير لـ"ألترا عراق"، فإنّ بغداد الزمت الإقليم في موازنة 2021 بتصدير النفط بطاقة 250 ألف برميل يوميًا عبر شركة سومو، فضلًا عن "منح العائدات المالية للمنافذ والمطارات إلى المركز، لكن الحكومة السابقة لم تلتزم بإرسال وتطبيق الاتفاق المالي".
وتوقعت القيادية الكردية، "عدم التزام بغداد في تنفيذ بنود وفقرات موازنة 2023 الخاصة بالتخصيصات المالية للإقليم، مشيرة إلى أنّ "قرار المحكمة الاتحادية الأخير ملزم التطبيق بالنسبة لإقليم كردستان، لكن ليس له تأثير على الموازنة المقبلة".
والاتفاقات السياسية خارج إطار الموازنة يعد غير قانوني، بحسب دلير التي أشارت إلى أنّ "بغداد وأربيل لم تبحثا ملف الموازنة المالية للعام الجاري لغاية الآن وهما في انتظار وصول مشروع القانون إلى مجلس النواب لبدء المباحثات بشكل رسمي".
وبعد ساعات من قرار المحكمة الاتحادية، اعتبر رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، القرار "غير عادل ومجحف، مؤكدًا أن "هذا القرار يستهدف مجمل العملية والاستقرار السياسيين".
تأثيرات سلبية
وجاء قرار المحكمة الاتحادية على خلفية دعوى أقامها النائب مصطفى سند، الذي قال إنّ "القرار صدر بناءً على الدعوى التي أقامتها أمام المحكمة الاتحادية التي حكمت بعدم صحة 6 قرارات للحكومة السابقة بتحويل المبالغ للإقليم خلال العام 2022، مؤكدًا أنها "قرارات مخالفة للنظام الداخلي والدستور وقانوني الموازنة العامة والإدارة المالية".
في المقابل، يقول المحلل السياسي الكردي ياسين عزيز، إنّ "ردود الفعل الكردية لا سيما من الحزب الديمقراطي الكردستاني بشأن قرار المحكمة الاتحادية كانت غاضبة جدًا، مما أعطى مؤشر بتوتر كبير في العملية السياسية والعلاقات بين الكرد والأطراف السياسية المتحكمة بالمشهد السياسي في بغداد".
وأشار عزيز إلى أنّ "هناك وساطة أمريكية للتهدئة بين حكومتي بغداد والإقليم توجت بانتخاب رئاسة اللجان النيابية التي منح الكرد حصة جيدة فيها".
وحول التخوف من عرقلة الموازنة جراء قرار الاتحادية، توقع المحلل السياسي، وجود "إمكانية كبيرة جدًا من انعكاس قرار الاتحادية على تمرير الموازنة من قبل مجلس النواب العراقي".
وفي حديث لـ "ألترا عراق"، لفت عزيز إلى أنّ "أبرز النقاط الخلافية التي تعيق تمرير الموازنة في كل عام هي حصة إقليم كردستان والتي تعتبر أحدى المسائل المهمة لفك عقدة المشاكل العالقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية، لكن في الوقت نفسه هناك بوادر إيجابية بين القيادات السياسية لتجاوز هذه الأزمة".
إفشال حكومة السوداني
إلى ذلك، يقول الباحث السياسي دريد الناصر، إنّ "توقيت قرار المحكمة الاتحادية جاء برغبة من بعض قيادات الإطار التنسيقي بهدف إفشال حكومة محمد شياع السوداني، كون أنّ الأخير أصبح غير قادر عن منح الأموال للإقليم وبالتالي أنّ العلاقة بين بغداد وأربيل ستصبح معدومة".
ويتحدث الناصر عن "انقسامات كبيرة داخل الإطار بشأن دعم حكومة السوداني بناءً على توجيهات خارجية"، مبينًا أنّ "هناك سيناريوهات اثنين بشأن تأثر الموازنة المالية بقرار المحكمة".
وبحسب الناصر فإنّ السيناريوهات هي:
- السيناريو الأول: أن تتأثر قضية تمرير الموازنة في مجلس النواب العراقي على خلفية قرار المحكمة وهذا ما يحاول إثارته بعض القيادات داخل الإطار التنسيقي.
- السيناريو الثاني: أن تتجه الحكومة نحو تطبيق قرار المحكمة الاتحادية على موازنة 2021، واعتبار أنّ موازنة 2023 غير ملزمة بتنفيذ الأمر القضائي وهو ما يتيح فتح باب الحوار مع الإقليم.
وتعهد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وفقًا لتصريحات نيابية خلال الاجتماع الأخير الذي جمعه بتحالف إدارة الدولة بإرسال الموازنة إلى البرلمان خلال شهر شباط/فبراير المقبل.