بعد حدوث الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا وتسبّب بمصرع عشرات الآلاف وتحطم أعداد كبيرة من المباني والمنازل، بدأ الخوف ينتشر في الدول القريبة، ومنها العراق، وبشأن قدرة المجمعات السكنية التي بُنيت حديثًا عن طريق الاستثمار ومن قبل القطاع الخاص في الصمود فيما لو حدث أي زلزال مشابه.
يشهد العراق ظاهرة انهيار المباني وكان آخرها انهيار مبنى قيد الإنشاء في مدينة الموصل
وتعرّضت العديد من المحافظات العراقية إلى هزات ارتدادية ناجمة عن زلزال تركيا وسوريا، وكان آخرها مساء يوم الاثنين الماضي، حيث أعلنت الهيئة العامة للرصد الزلزالي، أنّها سجلت هزة أرضية شعر بها سكّان مدن إقليم كردستان وبعض المحافظات الأخرى، داعيةً في الوقت نفسه إلى أخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن الشائعات، والالتزام بالوصايا الزلزالية والصادرة عنها.
مواطنون عبّروا عن خوفهم، بشأن عدم امتلاك المجمعات السكنية القدرة على مواجهة أي زلزال في حال حدوثه، الأمر الذي يتزامن مع استمرار الهزات الأرضية التي ضربت المنطقة.
تعليق حكومي
من جانبها، تقول المتحدث باسم الهيئة الوطنية للاستثمار التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، حنان جاسم إنّهم "يعملون على تعزيز وجذب رؤوس الأموال والشركات الاستثمارية للعراق ممن تزيد قيمتها الاستثمارية عن 250 مليون دولار أمريكي"، مبينة أنّ "المشاريع التي تبلغ قيمتها أقل من 250 مليون دولار هي تخصّص هيئات الاستثمار في بغداد والمحافظات".
وخلال حديثها لـ"ألترا عراق"، تؤكد جاسم، أنّ "الهيئة هي إحدى الجهات المشرفة على المخططات التفصيلية والنهائية للمشاريع السكنية العمودية".
والهيئة الرسمية تقوم بـ"إحالة هذه المخططات بعد تقديمها من قبل الجهة المنفذة لأي مجمع سكني أفقي إلى مكتب استشاري حكومي يقوم بالتدقيق والرقابة عن مدى توفر شروط الأمان والسلامة اللازمة بتلك المجمعات وبضمنها مقاييس الزلازل وغيرها"، وفقًا لجاسم.
وختمت جاسم حديثها بالقول إنّ "الهيئة لا تمنح الموافقات لأي مشاريع تفتقر إلى تلك الشروط والمعايير والتي من ضمنها (مقاييس مواجهة أخطار الزلازل)".
وشهد العراق في السنوات القليلة الماضية انتشار مجمعات سكنية ذات "البناء العمودي" في عموم المحافظات، حيث بدأ العراقيون يعتادون على هذا النوع من السكن، على اعتبار أنّ النظام السكني في البلاد كان مقتصرًا على البناء الأفقي بشكل كبير.
لا معايير لمواجهة الزلازل
مدير المركز الإعلامي في وزارة الإسكان، أحمد آوات، يقول إنّ "وزارته غير مسؤولة عن أي مجمع سكني في العاصمة بغداد، وإنما اختصاصها يقع فقط في المحافظات الأخرى".
وفي حديث لـ"ألترا عراق"، يشير آوات إلى أنّ "المجمعات التي تقع ضمن مسؤوليات وزارة الإسكان والإعمار لا تتجاوز ارتفاعها الثلاثة طوابق مما يجعلها لا تتأثر بالزلازل في حال حدوثه"، مبينًا أن "المجمعات السكنية في بغداد بلغت ما بين الـ 20 إلى 25 طابقًا".
ووفقًا لحديث المتحدث الحكومي، فإنّ خطط الوزارة للسنوات الماضية لم يضع فيها "معيار الزلازل" هندسيًا، كون العراق لا يقع على خط الزلازل العالمي، مؤكدًا أنّ "دائرة المباني التابعة للوزارة بدأت تضع في حساباتها الآن إضافة المعايير العالمية الخاصة بالزلازل عند بناء المجمعات السكنية ذات الأبراج الطويلة".
وشهدت مدن عراقية عديدة ظاهرة انهيار المباني وكان آخرها الشهر الماضي، إذ انهار مبنى قيد الإنشاء في مدينة الموصل الأمر الذي أسفر عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 9 آخرين، وفقًا لمصادر أمنية".
مجمع واحد قد يصمد أمام الزلازل
وقضية متابعة وتطبيق شروط حماية المباني من الزلازل في المجمعات الجديدة "ليس ضمن مسؤولية الدفاع المدني"، بحسب مدير إعلام الدفاع المدني، العميد جودت عبد الرحمن.
ويقول جودت لـ"ألترا عراق"، إنّ "العراق يقع خارج الخط الزلزالي عدا الشريط الحدودي مع إيران التي يشهد هزات ارتدادية خفيفة بين الحين والآخر"، مبينًا أنّ "الديوانية وديالى ومحافظتي واسط وميسان هم من يشعرون بهذه الهزات البسيطة".
وبحسب عبدالرحمن، فإنّ مهام فرق الدفاع المدني تناط بـ"توفير مرشات حرائق وسلم خارجي خاص بالطوارئ وحساسات إنذار ولا تدخل ضمن توفير شروط ومواصفات مواجهة الزلازل".
وحول الأبنية التي قد تصمد أمام الزلازل في حال حدوثها، يوضح العميد قائلًا إنّ "مجمع بسماية السكني الموجود ضمن العاصمة بغداد مجهز ومبني لمواجهة أي زلازل قد تحدث وفقًا لما ذكرته الشركة المسؤولة عن تنفيذه".
ويتساءل العديد من العراقيين حول التقنية المستخدمة في بناء المباني المقاومة للزلازل، إذ اخترعت اليابان على سبيل المثال تقنية جديدة أطلقت عليها "تقنية عزل القاعدة".
تقول مديرية الدفاع المدني إنّ مجمع بسماية السكني الموجود ضمن العاصمة بغداد مجهز ومبني لمواجهة أي زلازل
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فإنّ هذه التقنية بدأت تستخدم في مباني عديدة في اليابان، خصوصًا عقب زلزال هانشين الذي ضرب البلاد في العام 1995، وتقول الصحيفة، إنّ "دولًا أخرى، مثل تشيلي والصين وإيطاليا والمكسيك وبيرو وتركيا ودول أخرى معرضة للزلازل، تبنت هذه التقنيات بدرجات متفاوتة".