ألترا عراق ـ فريق التحرير
بين اتهامات بالشدّة والإجرام، ومديح بالبطولة والشجاعة، تم تعيين اللواء ركن ناصر الغنام قائدًا لعمليات الانبار خلفًا لقائدها السابق محمود الفلاحي والذي غادر منصبه بدعوى التخابر مع C.I.A، بعد تبني كتائب حزب الله في العراق وفصائل مسلحة أخرى حملة واسعة لإبعاده عن قيادة عمليات تلك المحافظة.
تم تعيين اللواء ركن ناصر الغنام قائدًا لعمليات الانبار خلفًا لقائدها السابق محمود الفلاحي والذي غادر منصبه بدعوى التخابر مع C.I.A
جغرافيًا، تمثل الأنبار عمقًا إستراتيجيًا مهمًا لطرفي الصراع في العراق، حيث تعتبرها طهران ومن يؤيدها داخليًا، أهم منطقة عراقية للضغط على الولايات المتحدة عبر تهديد "إسرائيل"، فيما تعتبرها الولايات المتحدة أكثر مناطق العراق أمنًا لقواتها المتواجدة على أرضه، وتعد قاعدة عين الأسد في المحافظة من أكثر القواعد الأمريكية غموضًا في المنطقة.
اقرأ/ي أيضًا: تصعيد غير مسبوق: أول "سهام" الميليشيات للجيش.. خيانة أم تخوين؟!
في تموز/يوليو الماضي ضجّت وكالات الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعي بتسجيل صوتي نشرته وتبنته كتائب حزب الله، وقالت إنه اتصال هاتفي بين قائد عمليات الأنبار اللواء الركن محمود الفلاحي وعنصرًا تابعًا لـC.I.A، جرى خلاله الحديث عن "صفقات بمبالغ كبيرة مقابل إحداثيات يقدمها الفلاحي لمواقع تابعة للحشد الشعبي"، ما أدى إلى فتح تحقيق عاجل من قبل وزارة الدفاع للتحقق بشأن التسجيل، والتي كشفت فيما بعد بأنه تسجيل مفبرك وأعلنت براءة الفلاحي من التهم الموجهة إليه، لكن لم يخل الأمر من ضغط كبير تجاه الوزارة والقائد العام للقوات المسلحة، أدى إلى سحب صلاحيات المذكور ومنحها لخلفهِ ناصر الغنام بـ"انتقالة مريبة" تضاربت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.
أحد الضبّاط الذين خدموا فترة من الزمن تحت قيادة ناصر الغنّام في الفرقة الثانية بالجيش العراقي، قال لـ"ألترا عراق"، إن "ناصر الغنّام إنسان عسكري لدرجة تجعلك تكره مفردة "العسكرية"، فهو صارم لدرجة كبيرة جدًا، ويفضّل أن يكون دوام الجندي 21 يومًا مقابل سبعة أيام"، مضيفًا أنه "سني من أهل الأنبار"، مستدركًا "لكنه يكره جميع السنة في الجيش العراقي، ويتخذ مقربيه من سكنة محافظات ذي قار وبابل وواسط غالبًا"، لافتًا إلى هذا "يعود لمحاولته التقرّب دائمًا من شيعة السلطة".
أضاف الضابط الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أنه "في أكثر من مناسبة قُدمت فيها شكاوى من مجموعة جنود ضدّ ناصر الغنّام إلى رئاسة الوزراء، وبعد تدقيق بالمعلومات وأخذ الإفادات جاء رد القيادة على هذه الشكاوى، بمعنى (كيف تشتكون على ابن المرجعية؟)"، لافتًا إلى أن "الحسنة الوحيدة لدى الغنام إنه لا يمد يده إلى راتب الجندي ولا يرضى بسرقته".
وفي السياق تحدّث جندي رفض الكشف عن أسمه لـ"ألترا عراق"، أن "الغنام حّدي جدًا، ويتصرف مع المواطن كما يتصرف مع الجندي، حيث يمكن أن تجد في السجن الجندي وعامل النظافة والطبيب والمحامي، وأنه لا يعير أية أهمية للأوامر القضائية والقانونية عند تنفيذه عمليات إلقاء قبض".
مصدر لـ"ألترا عراق": في ظل قيادة الغنّام يمكن أن تجد في السجن الجندي وعامل النظافة والطبيب والمحامي، وأنه لا يعير أية أهمية للأوامر القضائية والقانونية
ورأى أن "اللواء ركن ناصر الغنام قيادي فاشل، لأن الحرب بشكل عام هي حرب نفسية، وتصرفاته مع الجنود تدمر نفسيتهم بشكل كبير"، مضيفًا أن "الجندي تحت قيادته إما في الواجب أو في الأشغال أو في الدورات أو معاقبٌ في السجن، وأن السجن في وقته يشبه سجن "زاويرا" من دخله يُنسى، إلا إذا كان يملك واسطة قوية، فعندها يخرج بعد شهر أو شهرين على الأقل".
اقرأ/ي أيضًا: مأزق عبد المهدي و"الميليشيات".. قرارات على الورق ورد بالصواريخ!
أضاف أن "الغنام يملك طريقة عقاب اسمها (نكرة التمساح)، وهي عبارة عن حفرة مليئة بالوحل بعمق متر واحد، وطول 4 مترات، وعرض نصف متر، كان يرمى فيها المخالف ويقال له: (جد التمساح وأخرجه)، لافتًا إلى أنه "رمى فيها ذات مرة أحد الجنود من أهالي قضاء بيجي، وبسبب البرد الشديد توفي الجندي، ومر الأمر مرور الكرام كأن شيئًا لم يكن".
في 21 تموز/يوليو من عام 2013، قدّم الغنام استقالته من الجيش العراقي بسبب "القرارات والأوامر غير المهنية، والتي تسبّبت بالفوضى والإرباك في الملف الأمني"، وذلك في نفس اليوم الذي تعرّض له سجنا أبو غريب والتاجي إلى هجوم مسلح لتهريب سجناء معتقلين فيه، ترواح عدد الهاربين منهم من 500 إلى 1000 سجين، فيما كان أغلبهم ينتمون لمجاميع مسلحة.
يرجح مصدر أمني من محافظة الأنبار بأن الغنام جاء بدعم أمريكي، مخالفًا لرأي بعض المراقبين الذين رأوا أنه مقرب من رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وقادة فصائل مسلحة شيعية، وتسنم المنصب بشكل مجدول بعد إزاحة محمود الفلاحي.
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب تتعلّق بوظيفته، إن "المعلومات تشير لوجود تقاطعات سلبية كبيرة بين قائد العمليات الجديد والحشد الشعبي"، منوهًا إلى أن "المصالح الأمريكية تأخذ بالتوسع في الأنبار، ولا يمكن أن تسكت في حال وصول المنصب تحت سيطرة الخصوم، لافتًا إلى أنه أن "شركة جنيرال إلكتريك الأمريكية باشرت العمل وفتح مجال الاستثمار في المحافظة، وهذا العمل بحاجة لحماية كبيرة لن تتوفر بوجود قائد عمليات مقرّب من الحشد الشعبي".
مصدر لـ"ألترا عراق": حزب الحل هو من رشّح ناصر الغنام لتسنم المنصب، بعد أن تيقنوا من عدم قدرتهم على حماية سلفه الفلاحي وإعادته إلى القيادة
أضاف أن "حزب الحل هو من رشّح الغنام لتسنم المنصب، بعد أن تيقنوا من عدم قدرتهم على حماية سلفه الفلاحي وإعادته إلى القيادة"، لافتًا إلى أن "قوات الحشد الشعبي في القائم بدأت بالتقلص والابتعاد عن المدينة بشكل تدريجي فور إعلان الغنام قائدًا لعمليات المحافظة".
اقرأ/ي أيضًا: "طبول الحرب" تقرع في بغداد وبيروت.. كيف سيرد الحشد الشعبي على إسرائيل؟!
لكن مراقبين رأوا أن تنصيب الغنام هو الجزء الثاني من خطة الفصائل المسلحة بالسيطرة على محافظة الأنبار، وإنها بعد نجاحها بإبعاد الفلاحي لن تتنازل وترضى بقائد عمليات جديد يعاكس طموحاتها السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، في هذه المحافظة بالتحديد.
ملازم عمل تحت قيادة الغنام أثناء خدمته في الموصل، تحدّث لـ"ألترا عراق"، عن الدائرة المقربة من الأخير وأعمالها وصلاحياتها، قائلًا إن "هنالك 3 أشخاص يرافقون الغنام أينما حل، ولا يفارقونه أبدًا، وهم (أبو رمزي) وهو رئيس عرفاء ويعتبر جلاد القيادة، يمتلك صلاحية القتل، وبعدها يرفع كتابًا بالمقتول على أنه شهيد أثناء المعارك"، مضيفًا أن "الشخص الثاني هو داود الغنام أخ ناصر، وهو أقربهم وأكثرهم ثقة من قائد العمليات، فضلًا عن وجود شخص ثالث يدعى (أبو جعفر) يعد هو والآخرين أسلحة الغنام لتنفيذ ما يريد، فهو لا ينفذ أي شي بيده".
وبالحديث عن الصرامة العسكرية، كشف الملازم عن العرض الصباحي في كل وحدات الجيش وصنوفه، مبينًا أنه "يبدأ الساعة الخامسة فجرًا وينتهي بعد ساعة، تعقبه ساعة أخرى والإفطار، مستدركًا "لكن تحت قيادة الغنام يبدأ العرض الصباحي الساعة الثالثة والنص فجرًا بتدريب شاق لغاية الخامسة صباحًا، يعقبه التفتيش اليومي الخاص بالقيافة، والذي يقوم به عادة (أبو جعفر) وداود الغنام".
كان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد طرح اسم ناصر الغنام ضمن قائمة مكونة من 5 أسماء يدعمها ويرشحها لوزارة الدفاع، بصفتها شخصيات نزيهة، بحسب رأيه.
لناصر الغنّام طريقة عقاب أسمها (نكرة التمساح)، رمى فيها ذات مرة أحد الجنود من أهالي قضاء بيجي، وبسبب البرد الشديد توفي الجندي، ومر الأمر مرور الكرام
فيما دعا شيخ عموم عشيرة البونمر الشيخ نعيم الكعود، عام 2015، رئيس الحكومة آنذاك، حيدر العبادي بإقالة قائد عمليات الجزيرة والبادية العسكرية ناصر الغنام لتقصيره في أداء الواجب لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في محافظة الأنبار، كما طالب مسؤولون في المحافظة إلى إبداله بقائد آخر متعاون مع العشائر، كون الغنام لا يقبل إشراكهم في عمليات التحرير، فضلًا عن رفضه جلب المواد الغذائية المرسلة لبعض مناطق المحافظة، ليرد الغنام فيما بعد ويعتبر أن هذه الدعوة كانت بسبب رفضه الرضوخ لمطالب بعض وجهاء وشيوخ المحافظة بالإفراج عن معتقلين تابعين لهم في سجون الجيش العراقي.
اقرأ/ي أيضًا:
بين الأسواق وصفحات فيسبوك.. سلطة الأنبار تبحث عن "القدسية" بثوب "داعش"!
قائد شرطة الأنبار يعلن "التفرّغ" لملاحقة "البرمودا" ويحدّد موعد الحملة القادمة