الترا عراق - فريق التحرير
انتهج إعلام الأحزاب بفضائياته ومواقعه الإخبارية خطابًا موازيًا لنهج السلطة ووقف إلى صفها في محاولتها لقمع التظاهرات أو التضييق عليها والتقليل من شأنها. ومُنذ لحظة انطلاق الموجة الأولى من الاحتجاجات مطلع تشرين الأول/ اكتوبر 2019، ما تزال قائمة "طويلة" من الفضائيات تساندها منصات في مواقع التواصل الاجتماعي تشن حملة "تخوين" و"شيطنة" ضد الشبان، متجاوزة بذلك الحدود الموضوعية التي تفرضها مهنة الإعلام والصحافة.
انتهج إعلام الأحزاب والإعلام "الولائي" خطابًا موازيًا لنهج السلطة ووقف إلى صفها في محاولتها لقمع التظاهرات أو التضييق عليها والتقليل من شأنها
كان إعلام فصائل الحشد الشعبي أو ما يعرف بـ "الإعلام الولائي" نسبة إلى الولاء لطهران، كان الأشد "وطأة" على المتظاهرين، حتى أن قنوات "الاتجاه والعهد والغدير وآي نيوز والراصد والطليعة" خصصت عشرات الساعات التلفزيونية للحديث عن تأثير التظاهرات على تعطيل الحياة العامة، واستضافت فيها محللين وساسة يناهضون التظاهرات.
اقرأ/ي أيضًا: الشائعات.. سلاحٌ هش للسلطة يؤازر "قنّاصها" وقنابلها الدخانية!
تمتلك فصائل الحشد الشعبي المقربة من إيران العدد الأكبر من قائمة الفضائيات العراقية (21 فضائية)، منضوية جميها فيما يعرف "اتحاد الإذاعات والتلفزيونات العراقية" الذي تموله طهران، والذي بدوره يمول عددًا كبيرًا من تلك الفضائيات التي تشترك بخطاب شبه موحد وهو من ضمن شروط الاتحاد التي يفرضها على كل وسائل الإعلام التي تسجل فيها ويمولها.
إلى جانب المحطات، تمتلك غالبية الأحزاب والشخصيات السياسية وسائل إعلام، انتهجت أيضًا خطابًا منحازًا للسلطة، ومتناغمًا مع نهج الحكومة.
لم تكتف وسائل الإعلام المناوئة للتظاهرات بتضليل الأخبار عن الاحتجاجات أو التقليل من شأنها، بل اعتمدت أسلوبًا "شعبويًا" في تلفيق الأكاذيب والشائعات، تساندها بذلك صفحات في فيسبوك وتوتير، فيما يلي أبرز 7 شائعات منها قوبلت بالدحض والسخرية من قبل المتابعين والمتظاهرين:
عملاء الجوكر!
أطلق الإعلام الحزبي وصف "عملاء الجوكر" على المتظاهرين، والجوكر هو شخصية خيالية شريرة في القصص المصورة من نشر دي سي كومكس، فيما تزامن آخر ظهور لتلك الشخصية في فلم Joker مع انطلاق الاحتجاجات العراقية مطلع تشرين الأول/أكتوبر.
روجت وسائل الإعلام التابعة لفصائل مسلحة من بينها كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق "أكاذيب واتهامات" ضد المتظاهرين بعضها أثار السخرية
استخدم مصطلح "الجوكر" لشيطنة الناشطين الداعمين للاحتجاجات، لكن كلمة "عملاء" حولته إلى مصطلح هجين، يراد منه الإشارة إلى "عمالة محركي الاحتجاجات إلى الولايات المتحدة الأمريكية"، وذلك ما تررد على ألسنة ساسة وقادة في الحشد ومحللين، بينهم رئيس اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية حميد الحسيني.
"بعثية"!
منذ عام 2003 حرصت أطراف السلطة على إطلاق صفة "الانتماء إلى البعث" ضد كل من يعارض مصالحها، في محاولة لكسب تأييد الشارع عبر استغلال رفضه المطلق لكل ما يمت لحزب البعث بصلة نتيجة عقود من الحرمان والحروب.
ومع استشعار خطر الاحتجاجات، كان لا بد للإعلام الحزبي أن يطلق تلك التهمة ضد المتظاهرين، عبر عشرات التقارير والتغطيات الإخبارية التي تؤكد "اختراق الاحتجاجات من قبل حزب البعث، تمهيدًا لعودته"، كما في حديث القيادي في حركة عصائب أهل الحق، وتصريحه لوكالة المعلومة المملولة من قبل "كتائب حزب الله"، حيث قال إن "التظاهرات في بغداد والمحافظات مخترقة من قبل حزب البعث والسعودية!".
عملاء السفارات!
العمالة تهمة أخرى وجهت إلى المتظاهرين، عبر صفحات تتبع لوسائل إعلام حزبية، ضمن حملة لتشويه الاحتجاجات، حيث حددت تلك الصفحات أسماء ناشطين ومدونين قالت إنهم يتلقون دعمًا من السفارتين الأمريكية والبريطانية لـ "نشر الفوضى وفق مخطط إسرائيلي".
وصفت وسائل الإعلام "الولائية" المتظاهرين بـ "البعثيين وعملاء السفارات" والكثير من الاتهامات الأخرى وحرضت ضدهم عبر ساعات طويلة من البث
وفقًا لمعلومات حصل عليها "الترا عراق"، فإن غالبية الصفحات التي نشرت مقاطع فديو "تحريضية" ضد نشطاء ومدونيين واتهمتهم بالعمالة للسفارات، تديرها مجاميع تابعة إلى "فصيل كتائب حزب الله".
اقرأ/ي أيضًا: وكالة إيرانية تهاجم احتجاجات الطلبة في العراق: إجراءات لنشر الفوضى
ويقول مصدر من داخل الحركة المسلحة رفض الكشف عن اسمه، إن "كتائب حزب الله خصصت مقرًا في شارع فلسطين، لإدارة عمليات الإعلام الاجتماعي، والتي كثفت نشاطها مع انطلاق الاحتجاجات، ومن بين الصفحات التي تديرها صفحة (صبيان السفار، رحلة انكيدو، وشبكة الإعلام المقاوم).
مقتل "أحمد المهنا"..
كما حاول الإعلام الحزبي اتهام المتظاهرين بارتكاب أعمال عنف أو أعمال "غير أخلاقية"، ومن تلك المحاولات ادعاء مقتل المصور الحربي لإعلام الحشد الشعبي (أحمد المهنا) على يد مندسين "طعنًا بالسكاكين"، في حين أثبتت التقارير الطبية وشهادات أطباء في ساحة التحرير، أن المهنا قتل ضمن أحداث هجوم السنك بعد أن أصابته رصاصة في الظهر، ونشر مقربون من المهنا إفادات تؤكد عدم تعرضه لأي حالة طعن، لكن بيانًا للحشد أصر على أنه "قتل طعنًا".
أعداد المتظاهرين
التقليل من حجم تأثير الاحتجاجات والحديث عن تراجع أعداد المتظاهرين، كان محاولة أخرى ما تزال مستمرة ضمن الحملة التي شنها الإعلام الحزبي ضد "انتفاضة تشرين".
فعقب حادثة "الوثبة" في 12 كانون الأول/ديسمبر، بثت قناتا "الاتجاه وآفاق"، عاجلين بالتزامن يفيدان بانسحاب المتظاهرين من ساحة الوثبة، بينما نشرت قناة "العهد" عاجلًا عن تناقص أعداد المتظاهرين في ساحة التحرير، على خلفية الحادثة.
روجت وسائل إعلام السلطة وفضائيات الفصائل المسلحة مخاوف من خروقات أمنية بسبب الاحتجاجات كما حاولت التقليل من حجم تأثير التظاهرات في ذات الوقت
فيما قال الناطق باسم وزارة الداخلية خالد المحنا، إن "عدد المتظاهرين الكلي بلغ نحو 14 ألف فقط في جميع ساحات الاحتجاج"، وهو تصريح أثار سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
داعش يستغل التظاهرات
وركزت تغطيات عدد من الفضائيات الحزبية، على الأخبار الأمنية والعمليات العسكرية، في محاولة لصرف النظر عن أحداث التظاهرات، حيث خصصت تلك الفضائيات ساعات خاصة لمناقشة الوضع الأمني في عموم البلاد، استضافت فيها محللين وساسة. كما انسجمت تلك التغطيات مع تصريحات لقادة أمنيين، آخرها تصريح المتحدث باسم العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي، الذي قال فيه إن "داعش حاول استغلال انشغال القوات الأمنية بتأمين الحماية الأمنية للمتظاهرين، لشن هجمات وتنفيذ خروقات".
مندسون!
تعرض المتظاهرون إلى شتى أنواع الاتهامات في العناوين الإخبارية في عدد من وسائل الإعلام، ومنها وصفهم بـ "المخربين والمندسين"، حتى أن بعضها اتهمت جميع المتظاهرين في ساحة الوثبة بالوقوف وراء حادثة قتل الشاب والتمثيل بجثته، كما مثلت الحادثة المأساوية انطلاقة لتصوير التظاهرات كعمليات "فوضوية يجب فضها".
اقرأ/ي أيضًا:
إحاطة أممية مخضبة بدماء 20 ألف متظاهر.. العالم ينصت إلى صوت شبان العراق
رجال دين شيعة على "عربة الانتفاضة".. "نهضة" عراقية تفسر "وحشية" خامنئي!