ألترا عراق ـ فريق التحرير
مع التطوّر المستمر تحاول البلدان وضع خطط ودراسات مستمرّة للخدمات العامّة، خاصّة الطرق منها، وحتى لا تتراكم لتسبب أزمات معقّدة للمواطنين، لا سيما مع الازدياد السكّاني والعوامل التي تلوّث البيئة، لكن حكومات ما بعد 2003 في العراق لم تعمل بتلك الرؤية أبدًا، وكما يصفها منتقدوها أن كل شيء يجري هنا بلا رؤية، إذ أن دخول السيّارات إلى العراق، لم ينقطع منذ 16 عامًا، وسط تراجع كبير في البنى التحتية ومختلف مفاصل الحياة.
دخول السيّارات إلى العراق لم ينقطع منذ 16 عامًا دون رؤية أو تخطيط، وسط تراجع كبير في البنى التحتية
من أبرز الملفات المهملة هو إدارة النقل العام والخاص، الذي ما زال بذات الآلية المتبعة عندما كانت بضع المئات من السيارة تجوب الشوارع، فيما ضاعف فتح الاستيراد على مصراعيه أعدادها، حتى بلغ نحو 3 ملايين سيارة في العاصمة بغداد، مع بقاء ذات الطرق البدائية، فضلًا عن رداءة النوعيات المستوردة والتي لا تتناسب مع ظروف العراق الجوية ما يجعلها في فصل الصيف بلا تكييف كبركان متحرك، بالإضافة إلى إرتفاع أسعار المحروقات.
عمل عشوائي
سائقو الأجرة في بغداد يضطرون للتجوال في الشوارع بشكل عشوائي على أمل الحصول على "زبونٍ ما" يضاعف استهلاك الوقود فضلًا عن الزحام، فيما تنظم الكثير من مدن العالم، التي تتشابه مع بغداد من حيث عدد السكّان والمساحة حركة النقل الخاص من خلال توفير مكاتب في كل منطقة يتم طلب السيارة من خلال الهاتف ما يمنع التجوال الفوضوي في الشوارع بالإضافة إلى مميزات الأمان التي توفرها لـ"لزبون".
اقرأ/ي أيضًا: لماذا يلجأ العراقيون لشراء "السيارات الشمالية"؟
يقول حسن كريم وهو صاحب سيارة، إنه "يضطر هو وجميع سائقي الأجرة إلى الدوران المستمر في شوارع العاصمة بحثًا عن أجرة، خاصّة وأن شرطة المرور تمنعهم من الوقوف في محيط المؤسسات الحكومية والمراكز التجارية والأماكن الحيوية في أوقات الذروة اليومية".
أضاف كريم في حديثه لـ"ألترا عرق"، أن "دخول شركات تنظم عمل سيارات الأجرة مهم وضروري وساعد في العاصمة بغداد على تخفيف مصروفات أصحاب السيارات المتعاقدين معهم، فضلًا عن تجنب جدلية الأجرة وتحديدها، فالتطبيق الإلكتروني هو من يحدّدها والزبون له حق القبول أو الرفض، بالإضافة إلى أنه يقدم تسهيلات وعروض للمواطن".
أشار كريم إلى أن "الشركات تحدد سنة الصنع والمنشأ الكوري والياباني، فيما تملأ الشوارع السيارات الإيرانية والصينية، بالإضافة لنوعيات أخرى، ما يمنع تعاقد الكثير من أصحاب السيارات معها".
في السياق قال ضابط المرور "أ، م"، إن "وقوف سيارات الأجرة في الأماكن التي تشهد زحام مروري وبشري يسبب إرباكًا في حركة المرور وقد يسفر عنه حوادث عديدة"، مبينًا في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "طبيعة الطرق في العاصمة قديمة ولا تتناسب مع الارتفاع المطرد بأعداد السيارات وهي ليست منتظمة".
التنافس بـ"التكييف"
ارتفاع درجات الحرارة أسهم في جعل تشغيل التكييف في سيارات الأجرة عاملًا في المنافسة بين سيارات الأجرة الصغيرة "التاكسي"، والحافلات "الكيا 11 راكبًا"، والتي تسيطر بشكل كبير على شبكة النقل الخاص في عموم مناطق العاصمة بغداد لوجود خط سير ثابت لكل منها، ما يضمن للمواطن معرفة عدد المراحل التي توصله إلى مكانه، فضلًا عن انخفاض الأجرة، لكنها في الصيف تمثل مأزقًا حقيقًا للمواطن والسائق على حدٍ سواء بسبب عدم وجود التكيف في معظمها.
التكييف ساهم بشكل كبير في انخفاض عدد الركّاب من سيّارة "الكيّا" بسبب ارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى آثاره على سيّارات التكسي غير الحديثة
يقول سائق "الكيا" جمال علي، إن "التبريد ساهم بشكل كبير بانخفاض عدد الركاب بسبب ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، فضلًا عن تراجع ساعات عملنا، فيما تشهد سيارات التكسي إقبال كبير خاصة التي تعمل من خلال شركات "التكسي" والتي تصل إلى باب المنزل من خلال الـ"جي بي أس".
اقرأ/ي أيضًا: ضحايا السيارات غير المفخخة في العراق.. 5 أشخاص كل ساعتين
أضاف علي في حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "الكثير يتصورون أن السبب في السائق عند عدم تشغيل التبريد خاصة في السيارات الحديثة، مستدركًا "لكنهم لا يعرفون أن تلك الحداثة شكلية فمعظم السيارات هي صينية ولا تتحمل محركاتها فتح التبريد في درجات الحرارة هذه ولا تقاوم ليوم واحد، فيما يمكن للسيارات اليابانية فعل ذلك بسهولة ودون أي ضرر".
لفت علي إلى أن "الحديث لا ينطبق على جميع سيارات التكسي، فهناك نوعيات رديئة من السيارات مثل "السايبا والطيبة"، الإيرانيتين ونوعيات صينية، والتي تفتح التبريد بأوقات متباعدة ترفع زجاج السيارة لتصور الزبون أن التبريد شغّال، وهو ضعيف وغير جيد، ما دفع المواطن يختار السيارة الكورية بشكل أكبر".
تابع علي أن "عدم وجود ساحات وقوف بشكل كافي بالإضافة إلى عدم الالتزام بالموجودة منها جعل العمل فوضوي ورهين الشجار وارتفاع الأصوات، بالإضافة إلى الكثير من الساحات في بغداد يسيطر عليها "سماسرة" لديهم أكثر من سيارة على خطوط معينة ويجرون ترتيبات مع رجال المرور للسماح لهم بالوقوف في النقاط التي يتكدس فيها الركاب".
"مزاحمة".. غياب القانون
عند وقوفك على جانب أحد شوارع العاصمة بغداد تتزاحم عندك سيارات الأجرة، يقدم سائقوها من خلال "الهورن" خدماتهم، لكن لا تتفاجئ حين تقف سيارة غير صفراء "خصوصي" من ضمنهم، فالعراق، ولليوم يفتقر لقانون حماية المهن ولا يسمح بمعاقبتهم من قبل رجال المرور.
الكثير من ساحات بغداد يسيطر عليها "سماسرة" لديهم أكثر من سيارة على خطوط معينة ويجرون ترتيبات مع رجال المرور للسماح لهم بالوقوف في النقاط التي يتكدس فيها الركاب
إزاء ذلك يقول جاسم محمد، إن "انخفاض أسعار الكثير من سيارات الأجرة بالإضافة إلى إتاحة فرصة العمل لسيارات الخصوصي، دفع معظم الموظفين إلى شراء سيارات والعمل عليها أو إعطاءها لسائق ضمن اتفاق مادي".
أضاف محمد في حديث لـ"ألترا عراق، أن "المزاحمة واضحة وعلنية حيث يضع الكثير من سائقي السيارات الخصوصي إشارات الدلالة التي تستخدمها سيارات الأجرة، بالوقت الذي تفرض على سيارات "التاكسي" الصفراء رسوم من قبل هيئة النقل، والتي من واجباتها أن تتحمل مسؤولية منع هؤلاء من العمل".
اقرأ/ي أيضًا: هل ستحول منظومة الغاز سيارات الأجرة إلى مفخخات وعبوات ناسفة؟
فيما عمدت مجالس محافظات إلى منع عمل سيارات الخصوصي كـ"تكسي"، حيث قرّر مجلس محافظة واسط، منع سيارات النقل الخصوصي وموظفي الدولة من مزاولة مهنة "التكسي" في المحافظة.
وذكر بيان تابعه "ألترا عراق"، أن "المجلس اتخذ القرار بعد التواصل مع الجهات المعنية من المرور والنقل الخاص، فيما خول اللجنة الأمنية والخدمات بمتابعة تطبيق القانون بالتنسيق مع الدوائر المعنية بعد وضع الآلية المناسبة".
لكن السائق رشيد جابر في المحافظة قال، إن "جميع سيارات الخصوصي تعمل بذات الطريقة، ولا أحد تمت محاسبته"، مبينًا في حديثه لـ"ألترا عراق" أن "الكثير منهم في باب مرآب المحافظة بسبب منع القوانين دخولهم، وأمام أعين موظفي الهيئة العامة للنقل وهم لا يحركون ساكنًا، فيما يفرضون الرسوم والغرامات على السيارات الصفراء".
في السياق، يقول الرائد في إعلام مديرية المرور العامة فادي عماد، إن "قانون 86 لسنة 2004، المعمول به حاليًا لا يتضمن أي فقرة قانونية تسمح لرجل المرور بمحاسبة سائقي السيارات الخصوصية الذين يعملون كسائقي سيارات أجرة، مؤكدًا أنه "ليس من حق أي شخص محاسبة سائقي السيارات الخصوصية على ذلك، لغياب وجود القانون الرادع لتلك الظاهرة".
هناك الكثير من الموظفين ومن لديهم سيّارات الخصوصي يعملون في سيّاراتهم بشوارع بغداد والمحافظات الأمر الذي يؤثر على الذين يعملون في سيّارات الأجرة فقط
ودعا عماد في تصريح صحفي تابعه "ألترا عراق"، إلى "إشراك هيئة النقل الداخلي الخاص التابعة لوزارة النقل في عملية ملاحقة هذه الظاهرة كون الهيئة لديها مفارز مدنية تنتشر في الشوارع وهي المسؤولة عن بيع علامات "التاكسي" والتي تلعب دورًا كبيرًا في معالجة هذه الظاهرة".
اقرأ/ي أيضًا:
لماذا يفضل العشّاق قضاء مواعيدهم الغرامية بـ"السيارات" في بغداد؟
أرقام مهولة عن ضحايا الحوادث المرورية بالنجف.. أكثر من 18 ألف مصاب!