تمخضت زيارة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى العاصمة أنقرة، في أولى نتائجها عن زيادة إطلاقات المياه إلى نهر دجلة لمدة شهر، وفق ما أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء الثلاثاء.
أردوغان والسوداني ترأسا، 21 آذار/مارس، جلسة مباحثات موسّعة بين المسؤولين العراقيين والأتراك شهدت، وفق بيان لمكتب رئيس الحكومة "بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وعدد من القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك وسبل تطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات، ومنها مجال المياه".
مياه أكثر إلى دجلة
أردوغان قال عقب ذلك، في مؤتمر صحافي مشترك، إنّ "موضوع المياه ليس صراعًا، بل مجال تعاون يخدم مصالحنا المشتركة"، مبينًا أنّ الجانبين يمكنهما عبر "التعاون العقلاني التغلب على مشاكل المياه".
أعلن الرئيس التركي زيادة إطلاقات المياه نحو نهر دجلة لمدة شهر في إطار اتفاق أولي لحلّ مشكلة المياه بين بغداد وأنقرة
وأضاف أردوغان، أنّ "تركيا تمر أيضًا بفترة جفاف، وعلى الرغم من ذلك وجهنا بزيادة إطلاقات مياه نهر دجلة نحو العراق لمدة شهر لتخفيف مشاكل العراق في هذا الصدد".
السوداني من جانبه قال، إنّ العراق "يتفهم حجم مشكلة الجفاف التي تواجه المنطقة"، مؤكّدًا أنّ "هذه المشكلة ستبقى في إطارها الفني بعيدًا عن أي استغلال عبر لجان مختصة".
كما أكّد على "أهمية تفعيل المركز البحثي للموارد المائية ليكون محطة لتدارس المشكلة وتجاوز تداعياتها".
خط سكك بين البصرة وتركيا
اقتصاديًا أعلن الرئيس التركي اتفاق الجانبين "على تحقيق المصالح المشتركة، والشروع بطريق سكك حديد مع العراق يبدأ من البصرة إلى حدود تركيا".
أردوغان أشار إلى أنّ المشروع "يعد ذا أهمية استراتيجية عالية للمنطقة بأكملها ويعود بالفائدة على ملايين الأشخاص في منطقة جغرافية واسعة تمتد من أوروبا إلى الخليج من هذا المشروع"، مبينًا أنّ دول المنطقة الأخرى "مهتمة بهذا المشروع الذي سيعزز التعاون الإقليمي والتجارة والعلاقات الإنسانية".
كشف أردوغان والسوداني عن اتفاق على مشروع بناء القناة الجافة عبر سكة حديد تربط البصرة بالحدود التركية وصولاً إلى أوروبا
ودعا أردوغان، إلى "إزالة العوائق غير الجمركية" لرفع حجم التجارة بين البلدين، والذي تجاوز 24 مليار دولار العام الماضي.
فيما قال رئيس مجلس الوزراء، إنّ المباحثات مع الرئيس التركي "ركزت على تعزيز التعاون في المجالات كافة، وأبرزها الاقتصادي"، مشيرًا إلى تفاصيل أكثر عن مشروع الربط بين البصرة وتركيا.
وأوضح السوداني، أنّ المشروع الذي يعرف بـ "القناة الجافة" سيربط الشرق بالغرب، وسيكون "ممرًا عالميًا لنقل البضائع والطاقة"، داعيًا دول إلى اجتماع في بغداد لمناقشة مشروع "القناة الحيوي".
في ذات السياق، تحدث السوداني عن ضرورة تعزيز نشاط الشركات التركية في العراق، مشيرًا إلى أنّ "العراق يمتلك ثروة هائلة من الغاز ومن الممكن أن يصدره خلال سنوات".
السوداني قال أيضًا إنّ "العراق بكل قطاعاته جاد للعمل مع الشركات التركية"، فيما أعلن الموافقة على "منح صلاحية للسفير العراقي في أنقرة بمنح تأشيرة مباشرة لرجال الأعمال والمستثمرين الأتراك".
"حزب العمال منظمة إرهابية"
على الصعيد الأمني، أكّد الجانبان الاتفاق على "تحقيق المصالح المشتركة، وجهود مكافحة الإرهاب".
أردوغان قال في هذا الصدد، إنّ "تركيا أثبتت أنّها صديقة حقيقة للعراقيين، وهي المدافع عن وحدة العراق السياسية وسلامته الإقليمية"، مبينًا في الوقت ذاته أنّ "الاختلافات تنشأ بين الجيران من وقت إلى آخر، وقد أظهر العراق وتركيا العزم على حلها في إطار حسن الجوار".
وأضاف الرئيس التركي، أنّ أنقرة وبغداد "تعرفان جيدًا ألم الإرهاب ووجهه الدموي ودفعنا الثمن معًا"، مشيرًا إلى مناقشة ملفات "المنظمات الإرهابية من حزب العمال وداعش وغيرها"، مع رئيس الحكومة العراقية.
دعا أردوغان العراق إلى اعتبار حزب العمال "منظمة إرهابية" فيما قال السوداني إنّ حلّ المشكلة يكمن في التعاون الاستخباري "دون عنف"
وشدد أردوغان، أنّ "هذه المنظمات تشكل خطر على البلدين"، داعيًا العراق إلى اعتبار حزب العمال الكردستاني "منظمة إرهابية، وطرد عناصره من الأراضي العراقية".
السوداني بدوره رد بالإشارة إلى "التزام العراق بعدم السماح باستخدام أراضيه للاعتداء على تركيا"، مؤكّدًا أنّ "أمن المنطقة واحد لا يتجزأ".
ورأى السوداني، أنّ حل مشاكل حزب العمال والمنظمات التي تحاربها تركيا داخل الأراضي العراقية "يكمن بالتعاون الاستخباري، بعيدًا عن استخدام العنف وبما يحافظ أمن وسيادة العراق".