ظهرت في الآونة الأخيرة، العديد من شكاوى المواطنين، بخصوص أسعار جمرك السيارات في العراق للعام 2023 والسنوات التي قبله، فضلًا عن أخطاء تحدث أثناء المعاملات وكتابة حجم المحرّكات في المعاملات.
موانئ البصرة ومنفذ طريبيل الحدودي يمثلان أكبر مورد مالي للمخلصين والمستوردين للسيارات
وقد حاول "ألترا عراق"، أن يحصل على أسعار جمرك السيارات في العراق 2023، عبر قوائم معتمدة رسميًا.
وتحدث "كرار المسعودي"، وهو مالك أحد معارض السيارات، عن تكاليف التعرفة الجمركية، فيما كشف عن وجود طرق احتيالية وأتاوات تجبى من قبل مجاميع تتاجر بتخليص السيارات في موانئ البصرة ومنفذ طريبيل الحدودي.
وقال المسعودي، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "موانئ البصرة ومنفذ طريبيل الحدودي يمثلان أكبر مورد مالي للمخلصين والمستوردين للسيارات حيث يحققون أرباحًا تتجاوز 2000 دولار بالسيارة الواحدة، مقارنة بمبلغ 100 أو 200 دولار عن طريق إقليم كردستان"، مضيفًا أنه "توقف عن الاستيراد عبر البصرة وطريبيل في نهاية عام 2016 بعدما أصبح مبلغ التخليص الجمركي مبالغ فيه، ولا تعرف تفاصيل المدفوعات الحقيقية في الوصولات الرسمية، كما يوجد أخطاء فادحة في تسجيل المركبات نتيجة تجاوز المخلصين للإجراء الصحيح عبر دفع الرشاوى لعدة موظفين يتواجدون بالمنفذ".
سعر التعرفة الجمركية هو 15 % من قيمة السيارة المستوردة في بلد المنشأ
وأضاف أنّ "ما يحصل في البصرة وطريبيل لا يمكن رؤيته في جمارك إقليم كردستان على الإطلاق، فالوضوح في أربيل بخطوات المعاملات الجمركية وتسهيل تسجيل المركبات يتم وفقًا للقانون واطمئنان كبير لا يقبل الشك، ومبالغ واضحة ومفصلة في الأوراق الرسمية".
ولفت المسعودي إلى أنّ "فترة إنجاز المعاملات في الجنوب والغرب تصل لعدة أشهر رغم دفع الأموال، بينما في كردستان كل شيء سريع جدًا وهذا امتياز للسيارات الشمالية التي باتت تمثل الارتياح الأكبر لمن يبحث عن الخلاص من المشاكل بالأوراق الرسمية مقابل قلة الربح كمستورد".
وبحسب المسعودي، فإنّ "سعر التعرفة الجمركية هو 15 % من قيمة السيارة المستوردة في بلد المنشأ، وبذلك فهي تختلف بالمبلغ حسب سعر السيارة نفسها"، معتبرًا أنّ "قرار توحيد التعرفة بين جميع المنافذ يقال إنه تم تطبيقه لكنه غير ملموس في الواقع لغاية الآن، وتصبح السيارة التي تحمل رقم أربيل أو السليمانية أو دهوك بسعر سيارة تحمل رقم البصرة، إذ مستمر الرخص في المحافظات الشمالية مقارنة بالغلاء بباقي المحافظات الجنوبية".
وأشار إلى أنه "ربما قرار توحيد التعرفة قد تم تطبيقه فعليًا كما يشاع، لكن المستوردين عبر البصرة وطريبيل لم يخفضوا أسعارهم لاستمرار الربح في التكاليف، وهذا هو التفسير الأكثر واقعية لما يحصل لغاية الآن".
ووفقًا للمسعودي، فإنّ سعر التعرفة الجمركية يعتمد على الآتي:
- 1- نوع السيارة
- 2- سنة الصنع
- 3- بلد المنشأ
- 4- الضرر
ويقول المسعودي إنّ "موديل 2021 الآن يجري منعه من الدخول ويتم إدخال موديلات 2022، 2023، 2024، أي كل سنة يتم السماح بدخول 3 موديلات فقط"، موضحًا أنّ "كل موديل فرق سعر تعرفته عن الآخر 300 إلى 400 الف دينار عراقي، لكن الان اغلب السيارات التي تأتي عن طريق اقليم كردستان تكون تعرفتها الجمركية اقل او اكثر من 2000 دولار واغلبها نوع كوري ".
السيارات من موديل 2021 الآن يجري منعها من الدخول إلى العراق ويتم إدخال موديلات 2022، 2023، 2024
واكد أن "التلاعب في التعرفة بالبصرة وطريبيل واضح من خلال عدم وجود وصولات واضحة للمبالغ المدفوعة حيث يتم تسليم وصل مكتوب فيه بخط غير واضح، ويكون مجموع المبلغ هو الواضح فقط كرقم إجمالي، عكس الشمال حيث يكون الوصل مطبوعًا بوضوح وكل فقرة تقرأ بشكل صحيح".
وكمثال توضيحي لمبلغ 1834 دولارًا كتعرفة جمركية لسيارة نوع بيكانتو 2023 في المنافذ الشمالية فهي تقسم كالآتي:
- 1- الصيانة = صفر لكونها غير متضررة
- 2-رسم جمركي = 1535 دولارًا
- 3- أجور الكشف= 15 دولارًا
- 4- ضريبة الدخل= 231 دولارًا
- 5- غرامات = لا توجد
- 6- قيمة الاستمارة = 3 دولار
وتعتبر قيمة السيارة أعلاه ـ بحسب المسعودي ـ "رخيصة ولذلك تكون تعرفتها منخفضة، وإذا كانت السيارة من نوع الأسعار الكبيرة، فتكون قيمة التعرفة أكبر، وعلى سبيل المثال، سيارة تكون قيمتها 10 آلاف دولار ببلد المنشأ، فيتم دفع 1500 دولار كتعرفة جمركية لها في المنفذ وهي نسبة 15 %".
ويفصّل المسعودي بالقول إنّ "مبلغ التعرفة يحسب بالدولار ولكنه يدفع بالدينار العراقي بحسابه على سعر صرف 1300 دينار للدولار الواحد، لأن التعرفة الجمركية باعتبارها تدفع لدائرة حكومية فيتم استلامها بعملة الدينار".
وفي السابق كان منفذا سفوان وأم قصر يعملان سوية، فكان الأول "أغلى بتعرفته الجمركية من الثاني، ومثال على ذلك؛ سيارة ميسوبيشي 3 سلندر 2021 دخلت عبر ميناء سفوان بتعرفة قيمتها 1850 دولارًا، بينما قيمتها ببلد المنشأ أقل من سيارات أخرى تدخل عبر أم قصر".
واعتبر المسعودي أنّ منافذ البصرة فيها مافيات تسيطر على الجمارك، حيث "يقوم المستورد بدفع 3000 دولار كتكلفة جمركية وتصل لغاية المعرض بتكلفة مقطوعة بشكل إجمالي دون الخوض بالتفاصيل مع الشخص الذي يقوم بتخليص الإجراءات"، مضيفًا أنّ "المخلّص يقوم بتمشية المعاملة وقد لا يدفع المبالغ المطلوبة من قبل صاحب السيارة لو ذهب لتمشية معاملته بنفسه، ولكنه بنفس الوقت يسلم المالك معاملة كاملة وهنا تكمن المشاكل حيث حدثت حالات بوجود إشارات حجز على سيارات داخلة من البصرة وطريبيل بعد 10 سنوات، وأقل وأكثر نتيجة عدم سير إجراءاتها بشكل صحيح، ودفع رسومها كاملة أو وجود أخطاء بمعلوماتها أو نقص في تفاصيل معينة تجاوزها المخلص بطريقة الاتفاقات مقابل الأموال".
ومن مشاكل التخليص الجمركي الذي يقوم به المخلّصون مقابل مبالغ إجمالية بلا تفاصيل في المنافذ أوقع الكثير من الناس بمشاكل رغم شراء سيارات وبيعها وتحويلها لأكثر من 3 مرات بشكل أصولي في دوائر المرور، وفق المسعودي الذي يقول إنه "ظهر على مجموعة سيارات في إحدى المرات أنه مدفوع للواحدة منهن 700 ألف بينما رسمها الحقيقي المفروض هو 4 ملايين دينار، وسيارة أخرى تمت العودة بها ودفع 12 مليون من جديد، لأن جمركها 13.5 مليون، ومدفوع لها وقت دخولها 1.5 مليون فقط".
والأخطاء تظهر "إذا كانت معاملة السيارة غير نظيفة وأصولية، حيث يضطر المشتري بعد سنوات للعودة ودفع مبالغ أخرى كي تزال إشارات الحجز عن سيارته في المرور"، كما يقول المسعودي، إذ بعد ذلك كله، "يتضح حجم التزوير والتلاعب والفساد في البصرة وطريبيل، مؤكدًا أنّ "استمراره بالاستيراد عبر المحافظات الشمالية يجعله متأكدًا من نظافة المعاملات الجمركية لسياراته، بالإضافة للتعامل بمصداقية مع الزبائن دون الخوض بمشاكل مستقبلية نتيجة الاستيراد من البصرة وطريبيل لأنه سيكون ليس لها حل إلا بدفع أموال إضافية لم تدفع سابقًا".
وكشف المسعودي عن أن "الشخص القائم بعملية تخليص السيارات في البصرة يذهب للموظف المخمن بشأن سيارة مستوردة نوع تاهو، وهي قيمتها 100 ألف دولار، وتعرفتها تكون 15 ألف دولار، ويطلب منه تعريفها بمبلغ 400 ألف دولار، ليتم دفع 6 آلاف دولار مقابل منحه رشوة قرابة 1000 إلى 2000 دولار ومثلها للمخلص نفسه"، مبينًا أنّ "الحساب وتجاوز الخطوات بهذا الشكل يكون أقل على بعض التجار ويتعاملون بهذه الطريقة لإخراج السيارات من الميناء".
وأكد أنّ عودة البعض للبصرة بعدما اتجهوا للاستيراد من الشمال خلال السنوات الماضية مرهون بالآتي:
- 1- تطبيق الرقابةوالنزاهة 100%
- 2- توحيد الجمرك دون تلاعب وتزوير
- 3- إكمال قرص السيارة عبر الإنترنت بمدة 3 أيام كما هو حال الشمال وليس 30 يومًا
- 4- تسهيل الترقيم وطباعة اللوحات وتسليم السنوية مثل أربيل، وبلا أي دينار كرشوة، لأنه يستغرق 6 أشهر لسيارات استيراد البصرة، ويتم دفع 100 دولار كرشوى حتى تتم طباعة الرقم.
واعتبر أنّ "من يستمر بالاستيراد من البصرة مستفيد بتحقيق ربح 10 أضعاف، مقارنة بربح 200 إلى 300 دولار من الشمال، ولكن الفرق راحة بالتخليص والمعاملة مقابل مصداقية بالعمل مع الزبائن، كي لا يعودوا بعد سنوات لاتهام المستورد بتزوير أوراقهم".
قال خبير اقتصادي إن مجمل الواردات غير النفطية للعراق من وضمنها الجمارك لا تشكل سوى ما يقارب 7 %
وبالنسبة لمالك المعرض، فإنّ "سلطات الإقليم منتفعة بشكل كبير بإيرادات مالية ضخمة من تعرفة جمرك السيارات في العراق، وبشكل يومي خرافي، حيث توجد 3 منافذ للاستيراد معلومة، وهناك أخرى غير معلومة"، مؤكدًا أنّ "الإجراءات في الشمال رغم أنها مستمرة ورقيًا، وبالبصمة الحبرية القديمة لكنها سليمة وليست قابلة للتزوير كما في دوائر البصرة وطريبيل وبغداد، وخاصة مجمعات المرور التي تضطر المستورد لدفع مبالغ مالية إضافية لتجاوز الروتين وتحمل عناء تعطل المنظومات الالكترونية وانطفاء الكهرباء وغيرها".
ومضى المسعودي بالقول إنّ "الاستيراد عبر أربيل والذهاب برًا أو جوًا، وقطع المسافة الطويلة للحصول على معاملات جمركية ومرورية سليمة ونظيفة بلا تلاعب، هو أرحم بكثير من المنافذ والدوائر الموجودة في بغداد والبصرة وطريبيل".
وفي الأثناء، حدد تاجر السيارات، محمد الخالدي، مجموعة أسباب لارتفاع أسعار السيارات في السوق العراقية، مؤكدًا أنّ "سعر التعرفة الجمركية يعتبر أبرزها".
وقال الخالدي في حديث لـ "ألترا عراق"، إنّ "سعر التعرفة الجمركية كان معتمدًا بنسبة 15 % من سعر السيارة المستوردة في البلد القادمة منه، لكن ارتفع إلى 20 وربما 25 %".
وفصل الخالدي ارتفاع التعرفة كالآتي:
- 1- السيارة نوع كورلا كان مبلغ جمركها 3200 دولار أصبح 4800 دولار.
- 2-السيارة نوع جارجر كان مبلغ جمركها 4000 دولار وأصبح 6000 دولار.
وبحسب الخالدي، فإنّ "ارتفاع أسعار التعرفة الجمركية تسبب بغلاء سوق السيارات كثيرًا"، مبينًا أنّ "من الأسباب الأخرى، هو تكاليف النقل التي كانت قرابة 1800 دولار للسيارة وأصبح قرابة 3000 دولار".
وقال الخالدي إنّ "أسعار السيارات أصبحت مرتفعة من المزادات الخارجية بالأساس، ولذلك ترتفع تكلفتها تدريجيًا مع إضافة النقل والشحن والتصليح والجمرك لغاية وصولها كلها تكاليف إضافية"، مبينًا أنّ "تصليح السيارات لوحده تكلفته ارتفعت وباتت تمثل ثقلًا على المستوردين أو المشترين، لأن الأدوات الاحتياطية وقطع الغيار والصبغ وأجور العمال أسعارها زادت للضعف".
هذا وعلّق الخبير الاقتصادي، محمد فخري، على إجراءات وتكلفة التعرفة الجمركية للسيارات في العراق، مبينًا أن "أغلبها مرتفعة ومبالغ فيها".
وقال فخري، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "مجمل الواردات غير النفطية للعراق من وضمنها الجمارك لا يشكل سوى ما يقارب 7 %، لذا يسمى الاقتصاد العراقي بالريعي وفقًا لمعادلة بيع النفط لأجل توزيع الرواتب".
رأى اقتصاديون أن التعرفة الجمركية للسيارات وغيرها من السلع المستوردة تشكل أهم الروافد التمويلية للموازنات لو خليت من الفساد والرشوة
أما ما يرتبط بالجمارك واستيراد السيارات، فهي بحسب الخبير "عالية لبعضها مع مواكبة الموديلات الحديثة"، مبينًا أنه "يجب الانتباه لوجود أكثر من 20 مليون مواطن تحت خط الفقر والهشاشة، لا يستطيعون شراء سيارات حديثة بتكاليفها الشرائية وغيرها من تكاليف، كالتعرفة الجمركية لعدم تناسبها مع قدرتهم الاقتصادية".
ودعا فخري، الجهات المعنية إلى "إيجاد حلول لتسهيل السماح باستيراد سيارات ذات مناشئ رصينة وموديلات قديمة تسهم بدعم الشرائح البسيطة وتكون حركتها خارج مراكز المدن".
وفي الأثناء، اعتبر الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن الشيخلي، إيرادات الجمارك من أكبر موارد الدولة العراقية بشرط خلوها من الفساد، مبينًا أنه "يفترض تشكيلها لمورد مهم في الموازنات المالية".
وقال الشيخلي، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "التعرفة الجمركية للسيارات وغيرها من السلع والبضائع المستوردة تشكل أهم الروافد التمويلية للموازنات لو خليت من الفساد والرشوة، مضيفًا أنّ "من بين الممارسات الفاسدة في هذا القطاع هي اعتماد قاعدة بيانات تشمل الجميع، حيث أن مستورد المواد الغذائية والسجائر والخمور يعامل في التحاسب الجمركي حسبما يقدره موظف الجمارك في المنفذ الحدودي".
وبالنسبة للشيخلي، فإنّ "التخبط في ملف التعرفة الجمركية بات يؤدي إلى إمكانية تسجيل بعض المواد المستوردة كمواد غذائية وهي ليست بغذائية"، مستدركًا بالقول: "وذلك يحصل لأن الغذاء معفي من الجمرك، وكذلك مستورد السيارات الحديثه والمستعملة يتم التعامل معه كما يتعامل مع مستورد المكائن والمعدات الإنتاجية التي تعفى لكونها جزء من المشاريع الاستثمارية المخفف عنها الضرائب".
وأشار الشيخلي إلى أن "كل التلاعب الحاصل في الجمارك أفسح المجال لموظفي هذه الهيئة، ليتعاملوا مع التاجر وفق التسهيلات والصفقات التي يتفق عليها بين طرفين".