في ساعات المساء المكتظة بالمجموعة الثقافية التي تضم مقاهي ومحال تجارية وجامعة الموصل، حيث تزدحم بالمارة والمتسوقين مع نهاية الأسبوع، انفجرت سيارة مفخخة، الخميس 28 شباط/فبراير، عن بعد، مخلفة قتيلًا وجرحى، لتربك الأوضاع الهادئة في المدينة، وتثير المخاوف والاتهامات، لجهات سياسية ومجموعات تنشط بعمليات فساد في المدينة.
أثار التفجير الجديد في الموصل مخاوف من انتكاسة أمنية تقف خلفها جهات سياسية ومجموعات تنشط في المدينة بعمليات تهديد وابتزاز
كانت وزارة الصحة قالت، في بيان لها، الجمعة الأول من آذار/مارس، إن حصيلة التفجير، هي مقتل مدني وإصابة 24 آخرين بينهم سبعة أشخاص في حالة حرجة.
اقرأ/ي أيضًا: هدمها "جنود البغدادي" ولن تعود.. معالم اختفت من نينوى
قيادة عمليات نينوى، الجهة المسؤولة عن الأمن في المحافظة، حاولت التقليل من حجم الأحداث والمخاوف، مؤكدة أن "الموصل كباقي مدن العراق، والعالم، قد تشهد تفجيرات أو خروقات، خاصة أنها مدينة تضم أربعة ملايين نسمة، وكانت عاصمة خلافة داعش المزعومة قبل وقت ليس بالطويل".
حيث قال قائد العمليات اللواء نجم الجبوري لـ "الترا عراق"، إن "التفجير الأخير أمر طبيعي"، متهمًا "جهات مغرضة" بمحاولة "تشويش" الوضع في الموصل، وإظهار المدينة غير مستقرة، بهدف عرقلة عمليات الإعمار والبناء لـ "مصالح سياسية وشخصية".
أكد الجبوري، وهو المسؤول الأول عن جميع القطعات الأمنية والعسكرية في نينوى، أن قيادة عملياته "تواصل تحقيقاتها الفعالة للوصول للأشخاص الذين هم على صلة بالتفجير"، مبينًا أن "جميع القوات الأمنية والعسكرية والحشود متنشرة في أطراف المحافظة، وعلى الحدود وفي داخل المدينة، وهم يؤمنون الوضع بشكل كامل"، فيما طمئن بالقول: "لا مخاوف أصلًا من حدوث أي شيء خارج السيطرة".
وكان مسؤولون محليون قد أبدوا، في وقت سابق لـ "التر عراق"، مخاوفهم من انهيار الوضع الأمني في المحافظة مجددًا، بسبب الأتاوات وعمليات التهريب التي تجري في المحافظة، نحو سوريا وإقليم كردستان ومحافظات عراقية أخرى.
شهدت محافظة ننيوى استقرارًا ملحوظًا منذ استعادتها في تموز/يوليو 2017، من سيطرة تنظيم "داعش"، أربكه تفجير في القيارة لحقه آخر في تلعفر وثالث بالموصل بسيارات مفخخة، خلال العام الماضي، فيما سجلت المدينة أول تفجير في العام الجاري، وهو الرابع الذي تشهده المحافظة منذ طرد "داعش".
حذر أسامة النجيفي من تسرب للجماعات المسلحة بموازاة عمليات التهريب بشكل طردي في نينوى بتواطئ من بعض الجهات الأمنية
من جانبه قال رئيس كتلة القرار النيابية أسامة النجيفي، على هامش ملتقى الأمن والسيادة في الشرق الأوسط الذي عقد في أربيل وحضرته "الترا عراق"، إن "هناك تسرب للجماعات المسلحة، بموازاة عمليات التهريب بشكل طردي في نينوى، بتواطئ من بعض الجهات الأمنية".
أضاف النجيفي، أن "هناك أزمات سياسية وإدارية وتفشي للفساد في نينوى، هو ما تسبب بوقع مثل تلك التفجيرات، ويزيد المخاوف من تكرارها". كان شقيق النجيفي أثيل، محافظًا لنينوى، عندما سيطرة تنظيم "داعش" على الموصل وأعلن الخلافة فيها صيف 2014.
إلا أن أبناء المدينة يبدون شبه متيقنين، من نهاية خطر "داعش" في المدينة، ملقين بالاتهام على جهات أخرى تستفيد من الوضع الأمني المرتبك في المدينة، مع مخاوف من عودة كوابيس السنوات التي سبقت سقوط المدينة والتي شهدت تفجيرات وعمليات اغتيال شبه يومية لم تخلو من طابع سياسي وتصفية حسابات أو تهديد لأصحاب مصالح وأموال لابتزازهم.
اقرأ/ي أيضًا: قصّة "الجنس" مقابل الغذاء.. شهادة حية من مخيمات النزوح في نينوى
ويقول المحلل الأمني سعد عبدالله لـ "الترا عراق" إن "الوضع في الموصل مستقر منذ التحرير مستقر، لكن تلك الهجمات لا زالت ترعب الناس عند حدوثها"، مبينًا أن "ما تغيير هو تعامل الموصليين مع تلك الأحداث حيث باتوا يواصلون نشاطهم وعملهم عقب تلك الهجمات، ولا يعودون إلى منزلهم".
لم يعد الموصليون يخافون السيارات المفخخة حيث يواصلون نشاطاتهم بعد كل تفجير ولا يعودون إلى منازلهم هربًا بعد أن "تيقنوا" وقوف جهات خلفها وغياب يد "داعش" عن تلك التفجيرات
كما يؤكد عبدالله، أن "المخاوف من تكرار الهجمات وعودة الموصل إلى المربع الأول ليست بعيدة عن أذهان أبناء المدينة، ولكن الناس تأقلمت مع الأوضاع، خصوصًا وأن الجميع متيقن أن تلك العمليات هي ليست لتنظيم داعش، وإنما يقف خلفها سياسيين أو رجال أعمال تتضارب مصالحهم فيتجهون إلى اثارة المشكالات في الشارع لغايات خاصة".
أما عمر محمد وهو ناشط مدني من الموصل فيرى أن "هناك غبن حقيقي للجهود الأمنية في نينوى، حيث أن القوات من الشرطة والجيش، تمارس عملها بمهنية ودقة عالية"، مؤكدًا لـ "الترا عراق" أن "الإعلام والناس، دائما ما يغبنون حق القوات الأمنية بعد أي تفجير أو استهداف للموصل، ويتناسون أي عمليات إيجابية مثل العثور على السيارات المفخخة والأحزمة وتفكيكها وتقليل حجم الهجمات".
اقرأ/ي أيضًا: