في 12 كانون الثاني/يناير من الشهر الجاري، تحدثت رئيسة كتلة الجيل الجديد في البرلمان، سروة عبد الواحد، عن خسارة العراق جراء فرق العملة 21 مليار دولار سنويًا، وهو رقم صادم بالنسبة للعديدين من خبراء الاقتصاد.
على عكس ما طرحه أحد النواب فإنّ خبراء في الاقتصاد رأوا أنّ العراق يخسر نتيجة فرق العملة 5 مليارات و980 مليون دولار سنويًا
ووفق تدوينة لعبد الواحد على منصة "إكس"، ورصدها "ألترا عراق"، فإنّ "العراق يخسر سنويًا 21 مليار دولار جرَّاء فرق العملة، معتبرة أنّ "هذه أكبر سرقة واضحة في تاريخ البلاد، في وقت تعجز الحكومة والبنك المركزي عن السيطرة على السوق الموازي، أو لا يرغبان بذلك".
وأوضحت عبد الواحد أنّ "نفط العراق يتم بيعه بالدولار، والحكومة والبنك المركزي تحسب كل 100 دولار بـ ١132 ألف دينار، ففي فرق العملة لبيع النفط فقط يخسر العراق أكثر من 21 مليار دولار، وهناك مبالغ مشابهة في فرق العملة، والمستفيد الوحيد أحزابٌ وشركاتٌ ومصارفُ تابعة للشخصيات المتنفذة".
وحدد الباحث والأكاديمي الاقتصادي، ناصر الكناني، حجم خسائر العراق من فرق العملة في التعاملات بالأسواق العراقية، فيما دعا لضرورة تقليل الفوارق الحاصلة بتلك التعاملات وأضرارها على الشرائح البسيطة والموظفين.
وقال الكناني في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "العراق يتكبد الخسائر الكبيرة سنويًا نتيجة فرق العملة في السوق الموازي بين الدينار والدولار"، مبينًا أنّ "تلك الخسائر ليس هناك ما يوقفها".
وإذا تم أخذ سعر الصرف الرسمي 132 ألف دينار لكل 100 دولار، بينما الموازي 155 ألف دينار، فإنّ "الفرق يكون 23 نقطة خلال 260 يوم عمل سنويًا"، وفق الكناني الذي رأى أنّ "الخسارة نتيجة هذا الفارق تبلغ 5 مليارات و980 مليون دولار".
أما الخسائر الأخرى التي يتكبدها العراق بالتوازي مع فرق العملة هي في قطاع النفط، والتي "تبلغ 7 مليارات و580 مليون دولار، نتيجة توقف تصدير النفط من إقليم كردستان، بحسب الكناني الذي أشار إلى أنّ "مجموع خسارة العراق سنويًا من هذين الملفين يتجاوز 13 مليار و500 مليون دولار، وهو مبلغ خيالي وكبير جدًا".
ودعا الكناني إلى "ضرورة التفات الحكومة للشرائح البسيطة والموظفين الذين يطالبون بالعمل وتعديل سلم الرواتب من أجل العدالة في المردود المالي، وإزالة الفوارق لتصبح للأموال التي يتسلمونها قيمة توازي الخط الرسمي مقابل الدولار، لأنه كلما ارتفع الأخير ترتفع قيمة الدينار معه"، مؤكدًا أنّ "فرق 23 نقطة في العملة بين الدولار والدينار يجب على الحكومة تحمل خسارتها ولا يتم تحمليها للمواطنين عبر تعاملاتهم".
رأى اقتصاديون أن خسارة العراق جراء توقف تصدير النفط من إقليم كردستان تبلغ 7 مليارات و580 مليون دولار
وفي الأثناء، اعتبر الباحث والأكاديمي الاقتصادي، علي دعدوش، حصول فرق العملة "حالة طبيعية" توجد في عدد من الاقصادات الريعية، وخاصة التي يوجد بها "أسواق الظل".
وقال دعدوش، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "فرق العملة الحاصل بين السعر الرسمي والموازي (parallel) أو الحقيقي حالة طبيعية في عدد من الاقتصادات الريعية وبالتحديد التي لها أسواق ظل، بمعنى الاقتصاد غير المنظم والناتجة عن ضعف القطاعات الإنتاجية، وتعتمد على القطاع الاستيرادي لتلبية حاجات الطلب المحلي".
وبحسب دعدوش، فإنه "سابقًا وقبل عام 2020 كان البنك المركزي هو الذي يحدد سعر الصرف، لكن بعد الأزمة الصحية أصبحت الحكومة تقوم بالتشاور مع البنك المركزي لوضع سعر صرف يكون الغرض منه تمشية آلية التعقيم النقدي ويتسق مع الأحداث الخارجية والداخلية للبلاد"، مبينًا أنه "تأسيسًا لما ورد، ففرق العملة كان قبل تخفيض سعر صرف الدينار في 2020 لا يتجاوز 3 نقاط بأسوأ الظروف"، مستدركًا بالقول: "لكن بعد ذلك وخصوصًا بعد دخول المنصة الإلكترونية حيز التنفيذ بداية عام 2023، ارتفع الفارق أكثر من 20 نقطة، وهذا له أسباب عديدة أبرزها التحول من عملية التعزيز إلى المنصة، واستخدام الفلترة ومنع التحويل المالي للدول المعاقبة".
قال اقتصاديون إن فرق العملة كان قبل تخفيض سعر صرف الدينار في 2020 لا يتجاوز 3 نقاط بأسوأ الظروف
وبالنتيجة ـ والكلام لدعدوش ـ فإنّ "فارق العملة ليس خسارة مالية للحكومة، كونها هي التي وضعت سعر الصرف في الموازنة العامة الاتحادية"، معتقدًا أنه "لو تم رفع سعر الصرف إلى 1500 سوف يكون هناك فارق أو هامش بين السعرين الرسمي والحقيقي، وذلك من الحالات الطبيعية للاقتصاد الأحادية الجانب".