16-فبراير-2019

في تظاهرة للمطالبة بمحاسبة الفاسدين (google)

لم تنقطع مشكلة الخدمات في العراق منذ  15 عامًا، المشكلة التي تبدأ من أصغر احتياجات المواطن ولا تنتهي بأكبر حقوقه، حيث تنعدم المياه الصالحة للشرب وسط غياب الكهرباء، مع وجود الطرق غير المعبدة، فيما يستمر الجانب التعليمي مع الجانب الصحي بانحدار مستمر، إضافة إلى التردي الضارب على كل مفاصل الحياة العراقية. وبالرغم من وجود المشاريع التي تقوم بها الدولة سواء في زمن الميزانيات الانفجارية أو في زمن التقشف، إلا أنها لم تغيّر أي شيء من الخراب الذي يستطيع أي مواطن أن يلاحظه في الشوارع العراقية.

لا توجد أي خدمات صالحة ومتكاملة في الحياة العراقية بسبب الفساد المستمر في النظام منذ 15 عامًا

يعود هذا الخراب إلى عام 1991، عندما أجهزت أمريكا على ضرب أغلب المرافق الخدمية في العراق، فضلًا عن الجامعات ومراكز التكرير والجسور والسكك الحديدية ومحطات توليد الطاقة. استمر هذا الخراب في أيام الحصار إلى حد الغزو الأمريكي عام 2003، لكن بعدها لم يحدث أي تغيير بسبب الفساد الذي يهيمن على مؤسسات الدولة.

اقرأ/ي أيضًا: مات بوش الأب.. بقي العراق!

كثيرة هي المشاريع الخدمية التي تقر ويصرف لها أموالًا طائلة، لكن لا محل لها في حياة المواطن العراقي. إذ كشفت هيئة النزاهة العراقية في أواسط كانون الأول/ديسمبر 2018 عن عدد المشاريع المتلكئة في أغلب المحافظات، أولها، البصرة عصب العراق الاقتصادي، كان فيها 233 مشروعًا متوقفًا، بلغت كلفة هذه المشاريع 3 ترليون دينار عراقي، كانت حصة مشاريع المياه منها 600 مليون دولار، وإلى الآن أهل البصرة بالماء الملوث، ووصلت إصاباتهم بهذا التلوّث إلى 100 ألف إصابة.

أما محافظة بابل، كشفت هيئة النزاهة في نفس التاريخ عن 262 مشروعًا متوقفًا في المحافظة، بلغت قيمة هذه المشاريع إلى 756 مليار دينار، فيما كانت العاصمة بغداد تمتلك الحصة الأكبر من المشاريع المتوقفة، بحسب تصريح صحفي لعضو مجلس المحافظة سعد المطلبي في تشرين الثاني/ نوفمبر، حيث بلغت عدد المشاريع المتوقفة في بغداد ما يقارب 700 مشروع.

لكن في محافظتي ذي قار والمثنى بلغ عدد المشاريع المتوقفة فيهما 200 مشروع، فيما وصل بمحافظة ديالى 400 مشروع، بينما لم تكن النجف وكربلاء بعيدة عن هذا التلكؤ، حيث كان عدد المشاريع المتوقفة في كربلاء 274 مشروعًا، بلغت قيمتها 5 مليار دولار، أخذت الصحة والتعليم النسبة الكبرى من هذه المشاريع التي وصلت إلى 44 مشروعًا متوقفًا. بينما كان عدد المشاريع المتوقفة في النجف 143 مشروعًا، كان لـ"التربية" فيها 41 مشروعًا.

فيما يخص محافظة الأنبار، كانت المشاريع المتلكئة فيها كثيرة جدًا، حيث وصل عددها إلى 746 مشروعًا متوقفًا، بحسب حميد أحمد العلواني، عضو مجلس محافظة الأنبار. ولم تكن المحافظات الشمالية بأحسن من أخواتها في محافظات الوسط والجنوب، حيث كانت نسبة المشاريع المتوقفة في نينوى 148 مشروعًا، بلغت الكلفة الأجمالية لها 570 مليار دينار، بالرغم من واقع المحافظة التي شهدت الدمار والخراب بسبب الحرب. بينما كان اجمالي المشاريع المتوقفة في محافظة كركوك،  197 مشروعًا بكلفة لا تقل عن 271 مليار دينار، لكن الغريب هنا في كركوك، أن نسبة إنجاز المشاريع التي تساوي صفر وصلت إلى 87 مشروعًا.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا سيقدم عادل عبد المهدي لـ"نكبة" البصرة؟

يرى مراقبون، أن توقف المشاريع وعدم اكتمالها في العراق راجع لمشكلة في جذر النظام، إذ أن "المحاصصة" لا تصنع إرادة عامة في توفير الخدمات وإنجاز المشاريع، ويبقى الصراع فيها بين الأحزاب التي تمثل المكونات على من يأخذ "الحصص" أكثر.

لا تصنع المحاصصة إرادة عامة في توفير الخدمات وإنجاز المشاريع لأن الأحزاب في نظامها تتصارع على من يأخذ أكثر "حصة" ومن يمثل المكون أكبر!

بهذه الصدد، قال رئيس هيئة النزاهة، عزت توفيق جعفر، في كانون الأول/ ديسمبر 2018، إن "العام القادم سيكون عامًا لتحديد المقصرين ومحاسبة المتسببين بتلكؤ المشاريع الخدمية والاستثمارية في عموم العراق"، الأمر الذي دفع نشطاء بالإشارة إلى أن كل الأعوام في بدايتها كانت وعودًا لمحاسبة المقصرين، لكن دون جدوى.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

20 قصة فساد.. كيف ضاعت 500 مليار دولار في العراق؟

تشكيل مجلس أعلى لمكافحة الفساد بعد تصنيف العراق بين أكثر 13 دولة فاسدة