ألترا عراق ـ فريق التحرير
أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، أنّ المحكمة الاتحادية خالفت بشكل صريح الدستور، عبر بقاء رئيس الجمهورية في منصبه لحين انتخاب رئيس جديد، لافتًا إلى ضرورة تعديل النص الدستوري الوارد في المادة (64/أولًا) بأنّ يكون حل مجلس النواب بقرار من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية.
يقول زيدان إن الواقع السياسي العراقي يشهد مخالفة صريحة لقاعدة دستورية منصوص عليها في المادة (72/ثانيًا/ب) من الدستور بتحديد مدة استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهماته
وقال زيدان في مقال نشره موقع القضاء الأعلى، وتابعه "ألترا عراق"، إنّ "الجزاء هو الأثر المترتب على مخالفة القانون ويفرض من قبل القضاء وقد يكون بصورة الجزاء الجنائي بحق من يخالف القانون الجنائي، أما بعقوبة بدنية على جسد الإنسان كالإعدام أو على حريته بسجنه أو حبسه وقد تكون العقوبة مالية، أما الصورة الثانية للجزاء فهي الجزاء المدني الذي يترتب إثر مخالفة القوانين الأخرى عدا القانون الجنائي حيث يفرض عند التعدي على حق خاص أو أنكاره دون أن يمس هذا الاعتداء المصلحة العامة أو يخل بالنظام الاجتماعي، فتكون نتيجته أصلاح الضرر أو أزالته وهو بذلك حق خاص لمن لحقه الضرر، والصورة الثالثة للجزاء هي الجزاء التأديبي الذي يفرض عند مخالفة القانون الذي ينظم الوظيفة العامة مثل عقوبة التوبيخ أو الإنذار أو الفصل التي تفرض من قبل الرئيس الإداري للمخالف".
اقرأ/ي أيضًا:
وبالنسبة لمخالفة القاعدة الدستورية ـ والكلام لزيدان ـ فإنّ "الجزاء يكون بصورتين الأولى جزاء غير منظم يتمثل في الضغط الشعبي لحماية القواعد الدستورية ذلك أن السلطة التي تخالف الدستور لا تعترف بتلك المخالفة وإنما تضع تفسيرات لتصرفها تحاول بها الظهور أمام الراي العام بمظهر عدم ارتكاب ما يخالف الدستور، وفضلًا عن هذا الجزاء فأنّ الصورة الثانية تتمثل في الجزاء المنظم لحماية القاعدة الدستورية بنص الدستور على الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بما يحقق التوازن بينهما أذ تنص دساتير الدول التي تتبنى النظام البرلماني على وسائل متساوية للضغط والرقابة المتبادلة لكل سلطة في مواجهة السلطة الأخرى بحيث لا تسيطر أحداهما على الأخرى وتخل بهذا التوازن ومن أهم الوسائل التي تملكها السلطة التشريعية تجاه السلطة التنفيذية هي الاستجواب وسحب الثقة وهذه الوسيلة نص عليها دستور جمهورية العراق لسنة 2005 في المادة (61/ ثامنًا)".
وبيّن أنه "في المقابل يعد حل البرلمان أداة التوازن الرئيسية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ويعتبر أهم وسيلة للسلطة التنفيذية في مواجهة السلطة التشريعية ويعد سلاحًا موازيًا ومقابلًا لحق البرلمان على الحكومة بإرغامها على الاستقالة أو سحب الثقة عنها وقد نص دستور جمهورية العراق لسنة 2005 على إجراءات حل مجلس النواب بموجب المادة (64/أولًا) منه بطريقين الأول حل ذاتي يختص به مجلس النواب بناءً على طلب من ثلث أعضائه والتصويت بموافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه على هذا الطلب وهذا الإجراء لا يتوقع حصوله عمليًا اذ أنّ معناها أنّ السلطة التشريعية أوقعت الجزاء (حل البرلمان) على نفسها".
وتابع، "أما الطريق الثاني يتمثل في طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية يقدم إلى مجلس النواب واشترط النص لنفاذ هذا الطلب موافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب, وحق الحل وفق هذه الشروط سيكون من الصعب إجراءه وبذلك تفقد السلطة التنفيذية وسيلة التأثير على السلطة التشريعية مقابل امتلاك مجلس النواب لوسيلة سحب الثقة من الحكومة مما يخل بالتوازن السياسي والدستوري بين السلطتين (وقد أشرنا لهذه الإشكالية مفصلًا في أطروحة الدكتوراه المقدمة إلى الجامعة الإسلامية في بيروت في سنة 2020)".
وقال: "اليوم يشهد الواقع السياسي العراقي مخالفة صريحة لقاعدة دستورية منصوص عليها في المادة (72/ثانيًا/ب) من الدستور بتحديد مدة استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهماته إلى ما بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب الجديد واجتماعه في مدة أقصاها 30 يومًا من تاريخ أول انعقاد للمجلس ووجوب انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلالها، إلا أنّ ذلك لم يحصل بسبب عدم الاتفاق السياسي بين الأحزاب والقوى السياسية المكونة لمجلس النواب ورغم أن المحكمة الاتحادية العليا اجتهدت لإيجاد مخرج لهذه المخالفة الدستورية عندما أجازت استمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهماته لحين انتخاب رئيس جديد بموجب القرار الصادر بتاريخ (13/2/2022) بالرقم (17/اتحادية/2022)".
واستدرك قائلاً أنّ "هذا الاجتهاد وإن كان ضروريًا لتلافي حالة خلو المنصب وما يترتب عليه من إجراءات غير متفق عليها سياسيًا إلا أنه لم يكفي لمعالجة الاستمرار في مخالفة الدستور إلى أجل غير مسمى بسبب شرط أغلبية الثلثين المنصوص عليه في المادة (70/أولًا) من الدستور الخاص بنصاب انعقاد جلسة مجلس النواب المخصصة لانتخاب رئيس الجمهوريةوعدم النص على وجود (جزاء دستوري) إزاء هذه المخالفة، لذا نرى تعديل النص الدستوري الوارد في المادة (64/أولًا) بأن يكون حل مجلس النواب بقرار من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية على أن لا يكون إثناء مدة استجواب رئيس الوزراء وبذلك يتحقق التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بأن يكون جزاء مخالفة القاعدة الدستورية بقرار من السلطة التشريعية في حال مخالفتها من قبل السلطة التنفيذية بسحب الثقة عنها".
وأردف أن "العكس صحيح، يكون الجزاء بقرار من السلطة التنفيذية (رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية مجتمعين) في حال مخالفة القاعدة الدستورية من قبل مجلس النواب عن طريق حل المجلس بدون شرط موافقة مجلس النواب على إجراءات الحل ولضمان عدم تعسف السلطة التنفيذية في إيقاع الجزاء بحل مجلس النواب ولأهمية هذا الإجراء حصرًا يكون قرار حل مجلس النواب الصادر من السلطة التنفيذية قابل للطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا".
اقرأ/ي أيضًا: