ألترا عراق - فريق التحرير
يرافق كل انتخابات في العراق جدل وإرباك بفعل المواد الدستورية التي ترسم خطوات تشكيل الحكومة، وتحديدًا في فقرة "الكتلة النيابية الأكثر عددًا" التي تسببت بأزمة في انتخابات 2010.
أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى على ضرورة تعديل مواد دستورية تسببت بخرق الدستور أكثر من مرة
مقال رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان في 14 كانون الثاني/فبراير أعاد الحديث بجدية عن هذه المشكلة الدستورية بدعوته مجلس النواب لـ"تعديل المواد الدستورية القابلة لإعادة الصياغة" والتي تسببت في "تعثر تشكيل السلطات".
اقرأ/ي أيضًا: الدستور: سعي لتغيير مفاهيم المحاصصة والكتلة الأكبر.. ومواد بارزانية حمراء
وأكد زيدان ضرورة تعديل الدستور "بما يتفق مع الظروف المتغيرة"، بين فترة كتابة الدستور سنة 2005 والظروف الحالية، حيث "معظم من اشترك في إخراجه [الدستور] هم في مقدمة الداعين إلى تعديله".
واعترف زيدان بوجود خرق للدستور في أكثر من مناسبة والسبب هو "النصوص التي لم تعد مناسبة للمرحلة الحالية".
وأشار إلى النص الدستوري الذي يشترط موافقة أغلبية ثلثي العدد الكلي لأعضاء مجلس النواب، وهو "الشرط الذي أدخل البلد في أزمة سياسية ودستورية بعدم تمكن مجلس النواب من تشريع قانون مجلس الاتحاد وقانون المحكمة الاتحادية العليا منذ نفاذ الدستور سنة 2005 وحتى الآن"، وكذلك أشار إلى "الأزمة السياسية التي يشهدها العراق حاليًا بسبب شرط انتخاب رئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي العدد الكلي لأعضاء مجلس النواب".
ولفت زيدان إلى انقضاء المدة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية "بسبب القيد الذي وضعه المشرع الدستوري"، وأضاف: "دخلنا في مرحلة الاجتهاد الدستوري القضائي بخصوص استمرار الرئيس من عدمه بممارسة مهامه لحين انتخاب رئيس جديد".
الإشكالية الدستورية الأهم بحسب زيدان هي صياغة المادة (76) من الدستور التي نصت على أن يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددًا بتشكيل مجلس الوزراء.
اقترح فائق زيدان اعتماد الأغلبية المطلقة لعقد الجلسات وتصويت الأغلبية البسيطة بشكل عام من دون النص على أغلبية ثلثي عدد أعضاء البرلمان
وأشار زيدان إلى التناقض في تفسير المحكمة الاتحادية سنة 2010 وبين تفسيرها بـ"تشكيلها الجديد" عدم اشتراط تكوين أو تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددًا في الجلسة الأولى.
وللمرة الأولى رسميًا، يعلن رئيس مجلس القضاء الأعلى أنه يتفق بالرأي مع تفسير المقصود بالكتلة النيابية الأكثر عددًا بأنها "القائمة أو الكتلة الفائزة في الانتخابات بوصف أن هذا التفسير هو الأقرب إلى منطق التنافس الانتخابي".
وعن التعديل أو إعادة الصياغة المقترحة، اقترح زيدان "اعتماد تحقيق نصاب انعقاد جلسات مجلس النواب بحضور الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه وتتخذ القرارات بالأغلبية البسيطة بعد تحقق النصاب وسريان هذا المبدأ بشكل عام دون النص على أغلبية ثلثي عدد أعضاء المجلس أينما وردت في الدستور".
والمقترح الثاني الذي شدد عليه زيدان هو "تعديل المادة (76) والنص على مبدأ واضح غير قابل للاجتهاد بأن يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة أو القائمة الفائزة في الانتخابات بتشكيل مجلس الوزراء في نفس جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بعد استكمال إجراءات انتخابه دستوريًا".
الدستور المتعب المخالف لنفسه
وكان الناخبون العراقيون قد صوتوا في استفتاء بشأن التصديق على الدستور الجديد للعراق في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2005، وقد أيد 79% من الناخبين الميثاق وعارضه 21%. ومن بين 18 محافظة، لم تسجل سوى اثنتين أصوات رافضة بأكثر من ثلثي الأصوات.
توجد اختلالات أساسية في الدستور الذي أصبح متعبًا ويحتاج لتعديل بحسب خبراء
ويقول الوزير وعضو مجلس النواب الأسبق وائل عبد اللطيف إنّ الدستور "أصبح متعبًا جدًا" وقد جاء الوقت لتعديله "بعد كل التصرفات التي قامت بها القوى السياسية"، متعهدًا بأنه سيرفع دعوى قضائية "يفضح فيها أمرًا وهو أن الدستور الذي كتبناها كان بـ 139 مادة، لكن عندما نُشر بجريدة الوقائع العراقية فقد ظهر بـ144 مادة".
وبحسب قول عبد اللطيف في تصريح تلفزيوني تابعه "ألترا عراق" فأنّ المواد الدستورية الخمس "أُضيفت من قبل جهات لا دخل لها بلجنة الدستور وبعملها".
ويؤشر القاضي المتقاعد والباحث في القانون الدستوري سالم الموسوي "اختلالات أساسية في الدستور وهي مشكلة تحتاج للتعديل" ويرى أن تفسيرات المحكمة الاتحادية هي "بسبب الصياغة اللغوية".
صعوبات التعديل
وامتنع مجلس النواب عن طرح التعديلات الدستورية للتصويت، والتي شرعت بها الرئاسات الثلاث والقوى السياسية عقب الاحتجاجات الشعبية عام 2019 رغم حديث لجان برلمانية عن تعديل أكثر من 100 مادة.
ويصف خبراء قانونيون الدستور العراقي بـ"الجامد غير المرن" الذي لا يمكن تعديله إلا بإجراءات طويلة عريضة.
يتحدث الحزب الديمقراطي الكردستاني عن خطوط حمراء لا يقبل بتعديلها في الدستور
وتُلزم المواد القانونية الخاصة بالتعديل، البرلمان بموافقة أغلبيته المطلقة بعد تحقق النصاب ثم تعرض على الاستفتاء ويوافق نصف المصوتين زائد واحد، وأن لا يعترض على التعديل ثلثي المصوتين في ثلاث محافظات، كما يفسر قانونيون.
وبذلك، يُمكن لثلاث محافظات أن تعترض وتبطل التعديلات الدستورية بثلثي أصوات من يحق لهم التصويت، كما تنص المادة 142 من الدستور التي تمنح إقليم كردستان العراق إمكانية رفض كل تعديل على دستور من شأنه أن يُلحق ضررًا بمصالحه.
وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني سابقًا يصر على تشكيل حكومات توافقية تشترك جميع الكتل فيها ولا تقصي الأغلبية العربية الأقلية الكردية؛ لكنه في الانتخابات الأخيرة انحاز في مواقفه للتيار الصدري وتحالف السيادة في "مشروع الأغلبية الوطنية" الذي أطلقه الصدر، ما قد يعني عدم معارضته لتعديل الدستور وفق رؤية رئيس مجلس القضاء الأعلى.
لكنّ الديمقراطي الكردستاني لديه "خطوط حمراء" سبق للعضو فيه عماد باجلان أن سردها لـ"ألترا عراق"، إذ يعد البارتي قرابة 15 مادة تخص الإقليم والأقليات ومراعاة التوازن خط لا يجوز المساس به ومن ضمنها المواد 140 و65 و105 و106 و121 و117 و110 وبقية المواد التي تخص الإقليم.
ويرى مراقبون أنّ أي تعديل للدستور سوف لا يقتصر على المواد التي أشار لها فائق زيدان بل تتعدى ذلك لمواد قد يرفضها الديمقراطي الكردستاني وبقية أحزاب الإقليم.
اقرأ/ي أيضًا:
ما هي أبرز التعديلات التي أجريت على الدستور العراقي؟
أكثر من عام على قرار تعديل الدستور العراقي.. ما الذي أنجز منه؟