ألترا عراق - فريق التحرير
قال رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، يوم السبت 4 شباط/فبراير 2023، إنه بدأ بمشروع تحت عنوان "الوطنية الشيعية".
وذكر الحكيم، بحسب مكتبه الإعلامي، في مؤتمر الآفاق المستقبلية لأتباع أهل البيت، أن "بقاء الواقع الشيعي من دون مشروع متوازن بين الأصالة المبدئية والمرونة الواقعية، سيؤدي إلى انحرافات خطيرة تفضي إلى انقسامات حادة في الواقع الشيعي بسبب انضواء مساحات كبيرة من الجمهور الشيعي تحت لافتات الأصالة والشعارات المبدئية، وانضواء أجزاء أخرى تحت لافتات الحداثة غير الملتزمة التي تطالب بتغييرات جذرية في مبادئ الإسلام العقيدية والتشريعية والقيمية".
وأضاف: "سيقتات كل من الطرفين المتضادين على الأخطاء التي يقع فيها الآخر ويتخذها مبرراً للإمعان في التطرف وتعميق الانشقاق في الواقع المجتمعي الشيعي، ولا يخفى أن المحافظة على الوحدة العامة للصف الشيعي من أهم أسباب قوة الشيعة".
ولفت إلى أن "انتقال جماعة أهل البيت وخاصة الشيعة الإثنى عشرية من كونهم أقلية عددية وجغرافية تاريخيًا إلى مساحات كبيرة ونافذة تنتشر في جميع أنحاء المعمورة في عصرنا الراهن، مما يتطلب إعادة تنظيم الجهود للتعريف بهذا الوجود وأهميته ومعالمه ومكامن فاعليته بشكل يناسب دوره وأهدافه.
وأشار إلى أن "التطورات والمتغيرات العلمية والإعلامية والتكنولوجية جعلت من عالمنا قرية صغيرة يتطلع فيها الجميع لبعضهم البعض ويترقب الجميع خزينهم الفكري والثقافي والحضاري الذي بإمكانه أن يجعل من عالمنا أفضل وأكثر ترابطًا وتفاهمًا، وهذا الأمر أتاح فرصًا هائلة للتعريف بمدرسة أهل البيت ومبادئها وخزينها الثقافي والفكري والروحي للعالم بوصفهم شريكًا فاعلًا لا بوصفهم جماعة باطنية ومنعزلة ومشتتة".
قال إنه لا يمكن أن يكون شيعيًا عراقيًا وفي ذات الوقت ينتمي لوطن آخر بسمات وخصائص مختلفة أو يطبق قوانين دولة أخرى أو يستورد ثقافة مختلفة لمجتمعه خلافًا لرغبتهم
وأوضح أن "المتغيرات السياسية على مستوى الأنظمة والدساتير والقوانين الحديثة التي تحكم دول العالم على أساس المفاهيم الجديدة والحقوق والواجبات الجديدة أصبحت أكثر نضجًا وتنظيمًا من ذي قبل، مما يستدعي تجاوز السياقات التقليدية والإفادة من عناصر المرونة الواقعية لتكييف التفاهم والمصالح المتبادلة وصولًا إلى اندماج مستمر يحفظ المبادئ من ناحية والواقع المتعدد المكونات ومتطلباته في العيش المشترك واحترام الخصوصيات من ناحية أخرى، عبر الالتزام بالمشروع الاجتهادي للمرجعية الدينية الذي يحفظ الأصالة والرصانة ويسمو على الجمود أو الانصهار في الآخر على حد سواء".
وتابع: "هذا الأمر يتيح لأتباع أهل البيت إظهار مخزونهم الفكري والقيمي اتجاه المفاهيم الوطنية وفي مقدمتها المواطنة وإدارة التنوع وبناء الدولة والالتزام بالقانون والحفاظ على حقوق الإنسان والبيئة،وغيرها من المفاهيم والاسهام في إيجاد المعالجات للأزمات الفكرية الشائكة في المجتمع الإنساني".
وأضاف: "إننا وانطلاقًا من قرائتنا للحقائق المشار إليها آنفًا، بدأنا بطرح و بلورة (مشروع شيعي عام) متاح لجميع أتباع أهل البيت للمشاركة فيه وانضاجه تحت عنوان (الوطنية الشيعية)، مستندين في ذلك إلى تاريخ طويل من المواقف والأفكار والارشادات الصادرة عن النبي والأئمة الأطهار مرورًا بحركة الفقهاء على طول التاريخ بعد الغيبة الكبرى، وصولًا إلى مدرسة النجف الأشرف بوصفها محورًا مركزيًا وأصيلًا لهذا المشروع، وطرحنا معالمه العامة ،ودعونا النخب والشخصيات الشيعية وفي المقدمة حضراتكم للمشاركة في إنضاجه وبلورته".
وقال، إن "الوطنية الشيعية التي نطرحها ، قائمة على ثلاث حقائق تتفرع منها الأمور الأخرى وهي:
- إن أتباع مدرسة أهل البيت من حيث العقيدة والشريعة والشعائر تمثلهم هوية واحدة متماسكة تتبع منهجًا موحدًا في حراكها المذهبي وإن تنوعت في أساليبها الشعائرية ومرجعياتها الدينية ولكنها تتبع ذات الإطار العام الذي تعتقد به وتتمسك بأطرافه وهو عابر للحدود والقيود. فعقيدة المسلم الشيعي في التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد، والتزامه بالشريعة والشعائر لا يمكن تحديدها بحدود جغرافية محددة، فهو أمر يشترك فيه كل شيعي أيًا كانت هويته الوطنية او ثقافته اللغوية أو عرقه.
- إن أتباع أهل البيت موحدون من حيث العقيدة ولكنهم موزعون على دول و أوطان قائمة ومحكومة بعقود إجتماعية وسياسية خاصة بها، بحسب هويتهم الوطنية ودولهم ومجتمعاتهم في خط تاريخي أصيل ودائم وهذا الأمر يتطلب منهم (الاندماج في مجتمعاتهم وترسيخ هويتهم الوطنية، والالتزام بقوانينهم) وهذا ما دعت إليه مدرسة أهل البيت من خلال وصايا الأئمة الأطهار وركز عليها الفقهاء وثبتتها المرجعية العليا بصورة واضحة في توصياتها وإرشاداتها الحكيمة. فالشيعي العراقي على سبيل المثال له خصوصيات وسمات وطنية ومجتمعية وقانونية وثقافية وعرفية مختلفة عن الشيعي الإيراني أو اللبناني أو السعودي أو الباكستاني أو الهندي أو الأفغاني أو أي من الدول العربية والإسلامية والعالمية الأخرى، وهذه الخصوصيات ليست مصطنعة بل إنها نابعة من عمق انتماء هذا الشيعي لوطنه ومجتمعه ودولته تاريخيًا وعاطفيًا وتعاقديًا (كحقوق و واجبات) وهذا الأمر لا يحتمل أن يكون عابرًا للحدود. بمعنى أنه لا يمكن أن يكون شيعيًا عراقيًا وفي ذات الوقت ينتمي لوطن آخر بسمات وخصائص مختلفة أو يطبق قوانين دولة أخرى أو يستورد ثقافة مختلفة لمجتمعه خلافًا لرغبتهم. إن وطنية الشيعة حقيقية، وانتماؤهم واقعي للوطن والمجتمع والدولة، وليس كما يذهب إليه البعض بأن المواطنة لا مكان لها في الفكر الديني، أو أن المواطنة مجرد ستار يتستر به الشيعي ليحصل على مكاسب وحقوق من دون أن تملي عليه واجبات والتزامات".
وأكد "لا بد أن نتفادى أي تضاد بين اشتراطات الانتماء العقيدي وبين الانتماء إلى الوطن، الذي يفرزه تداخل المشاعر والأنشطة والمواقف، أو التقاطعات السلبية المفروضة والمفتعلة التي حملت على المجتمع الشيعي".
وأضاف: "ونحن هنا بأزاء ثلاث حالات كلية:
- أ - أن يكون الشيعة أكثرية في بلد ما، وهذا يتطلب اهتمامهم الكامل بحقوق جميع شركائهم والمكونات الأخرى في بلدهم، وايجاد البيئة المتساوية للحقوق والواجبات.
- ب - أن يكون الشيعة أقلية في دولة ما، وهنا يستدعي ايجاد البيئة الملائمة لاندماجهم مع شركائهم الآخرين والمشاركة في قضايا وطنهم مشاركة فعلية وواقعية، بما ينسجم مع خصوصيتهم المذهبية.
- ج - أن يكونوا أقلية في بلدان غير إسلامية، كما في الغرب وغيره، وهنا يتطلب البحث عن كيفية اندماجهم الحقوقي والقانوني في تلك البلدان مع الحفاظ على خصوصياتهم وهويتهم والاعتراف بها من قبل الأغلبية في تلك البلدان.
3. إن أتباع أهل البيت في كل بلد موزعون على شاكلة أفراد ومنظمات ومؤسسات ومشارب و اتجاهات فكرية متنوعة. فهناك الشيعي الليبرالي والشيعي الإسلامي والشيعي الأكاديمي والشيعي المتحزب والآخر المستقل،وهكذا تتنوع المشارب الفكرية والثقافية. وهذا الأمر يجدر دراسته كحق فردي لكل شيعي في وطنه. فالمحصلة هي: أن الشيعة موحدون على نطاق العقيدة ومنتشرون في أطر الدول والمجتمعات، ومحترمون في التزاماتهم الفردية والفكرية والثقافية و السياسية. وهذا الأمر يجعل المسارات أكثر وضوحًا فيما بينهم وأكثر تفهمًا وتقديرًا من غيرهم، ويزيل عنهم الشبهات الباطلة التي تشكك بهم وبانتمائاتهم و مواقفهم الوطنية".
وقال: "إنني أدعو إلى اعادة قراءة تجربة النجف والمرجعية الدينية العليا بكل تفاصيلها وعطاءاتها الفكرية و الثقافية الثرية التي باتت مرصودة ومشهودة من قبل العالم".