ألترا عراق ـ فريق التحرير
علّق المفكر العربي ومدير عام المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، عزمي بشارة، على التصعيد والاشتباكات الأخيرة في المنطقة الخضراء وسط بغداد، حيث اعتبر أنّ "النخب السياسية" هي من دفعت الناس للفوضى.
اعتبر عزمي بشارة أنّ استقالة نواب "الكتلة الصدرية" من مجلس النواب العراقي كانت متسرعة
وقال بشارة إنّ التحدي ليس "في التنافس في الاندهاش من الفوضى في العراق (وهي قائمة وخطيرة بلا شك)، بل في إدراك البنية\النظام خلف الفوضى. ليس دستور العراق طائفيًا"، غير أن "الأحزاب الطائفية شوهته وجعلته أسوأ من الدساتير الطائفية التوافقية في الممارسة، إذ حولته إلى أداة للمحاصصة وإضعاف الدولة".
وأضاف صاحب كتاب "الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة"، أنّ "المحاصصة، أي تقاسم الدولة على حساب الكفاءة والعقلانية في إدارتها همشتها وأفقرت الشعب. لم تعد المواطنة كيانًا من حقوق وواجبات، بل يتيمة على موائد الأحزاب الطائفية".
وبحسب بشارة فإنّه "في أعقاب الحراك الثوري عام 2019 حاول التيار الصدري لأسبابه مع مستقلين أوصلهم الحراك الثوري للبرلمان التصدي للمحاصصة"، مضيفًا "حقق هؤلاء أغلبية برلمانية بأصوات الشيعة وبدعم من ممثلي الطوائف الأخرى المهمشة التي باتت تتصرف كأنها أقليات تفاوض على حقوقها ومصالحها، ولا تشارك في القرار السياسي العراقي فعلًا، منذ أن أصبحت الأكثرية الطائفية هي الأكثرية السياسية بفعل القوى الحزبية الطائفية والدعم الإيراني لها".
وبيّن المفكّر العربي أنه "بعد فشل محاولة إلغاء الانتخابات بادعاء عدم قانونية نتائجها، مُنعت هذه الأكثرية من تشكيل حكومة لا تقوم على أغلبية طائفية بل سياسية. وعرقلت العملية الدستورية بأحابيل متعددة منها عرقلة انتخاب رئيس الدولة لكي لا تتشكل حكومة ولفرض وحدة طائفة الأكثرية خلفها قبل أي تحالفات أخرى".
واعتبر بشارة أنّ استقالة الكتلة الصدرية (المتسرعة) من البرلمان كانت احتجاجًا على عرقلة العملية الديمقراطية وفرض أكثرية طائفية بالقوة بدلًا من أكثرية ائتلافية سياسية تشكلت وكانت جاهزة لتأليف حكومة، مستدركًا "ولكن الاستقالة فُهمت بوصفها فرصة لفرض الأحزاب المعرقلة لنفسها بالتحالفات ذاتها، ولتهميش التيار الصدري".
وبالنسبة لعزمي بشارة، فإنّ "هذا يعني العودة إلى الواقع ذاته بالتحالفات ذاتها وكأن ثورة 2019 لم تحصل والانتخابات لم تجر (نفس الانتخابات التي شككوا بشرعيتها)، وسد الأفق تمامًا، وتكريس الواقع البائس بحيث لا يجرؤ أحد على إيهام نفسه أنه ثمة مجال ما للتغيير. لا بالثورات ولا بالانتخابات"، متسائلًا: "فكيف لا يغضب الناس؟".
ولا يعد المفكر العربي غضب الناس مستغربًا، بل الاستغراب ذاته هو المستغرب، لافتًا إلى أنّ "الفوضى كارثة، ولكن لا يجوز أن لا ترى سلوك تلك النخب السياسية التي دفعت الناس إليها دفعًا برفضها نتائج العملية الانتخابية ورفضها تحرير الدولة من قبضة المحاصصة الحزبية الطائفية التي حرمت دولة مصدرة للنفظ حتى من الكهرباء".