31-أغسطس-2019

يتهم جودت بـ "التضحية" بالآلاف من مقاتليه لتحقيق انتصارات سريعة خلال معارك التحرير (فيسبوك)

الترا عراق - فريق التحرير 

منذ تولى ياسين الياسري حقيبة وزارة الداخلية، شرع في إجراء سلسلة تغييرات في القيادات المتقدمة، جاء بعضها كعقوبات إثر هروب مجموعة من أخطر المعتقلين من سجن في بغداد، لكن أكثرها إثارة للجدل تتعلق بإحدى أبرز الشخصيات في الوزارة وتحيطها الكثير من الاتهامات المتعلقة بالفساد وارتكاب "جرائم"، وهو قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت.

بدأ ياسين الياسري مهمته بسلسلة تغييرات ضمن القيادات المتقدمة في وزارة الداخلية، أكثرها إثارة للجدل إعفاء قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت

سطع نجم جودت عام 2008 خلال أحداث محافظة كربلاء، عندما كان قائدًا لشرطة المحافظة، حيث حدثت مواجهة تعرف بحادثة "المخيم" نسبة إلى المخيم الزينبي قرب العتبة الحسينية، حيث تواجه الصدريين مع حرس العتبة ما تسبب بسقوط الكثير من الضحايا وحرق إحدى بوابات الضريح.

ثأر 2008.. و"صولة الفرسان"!

عن دور جودت في تلك المواجهة يقول مصدر مطلع، إن "جودت بصفته قائدًا لشرطة المحافظة حصل على دعم كامل وضوء أخضر باستخدام القوة والقسوة من المرجعية والحكومة بذات الوقت، ما جعله يكشر عن أنيابه ويفتك بالصدريين"، مبينًا أن "جودت مارس عمليات التعذيب بشكل كبير، ما تسبب بموت الكثير بالإضافة إلى هرب قيادة التيار الصدري إلى خارج المحافظة".

اقرأ/ي أيضًا: مناصب جديدة "تفتح النار" على عبد المهدي.. توقيت "مريب" وأسماء مثيرة للجدل!

يرى المصدر الذي اشترط إخفاء هويته في حديث لـ"ألترا عراق"، أن تلك الحادثة جعلت جودت في معسكر مضاد للصدرين و"هذا ما أهله فيما ليكون أحد قيادات صولة الفرسان التي شنها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ضد أنصار الصدر في البصرة وغيرها، وظل على ذلك المنهج في مختلف المناصب التي تولى مسؤوليتها".

يستشهد المصدر على استمرار العداوة بين الصدريين وجودت، بهجوم رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية السابق والقيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي ضد جودت واتهامه بـ "ارتكاب عمليات سرقة والتسبب بمقتل عشرات"، مشيرًا إلى أن "الأخير كان يرد عبر بيانات أو جيوش إلكترونية تذكرهم بأن ما ارتكبه ضدهم كان باسم القانون، وليس عداوة شخصية".

خلافات بين القادة

 تولى جودت قيادة الشرطة الاتحادية بعد سقوط الموصل في 2014، ومسكت قواته قواطع رئيسية ولعب دورًا متميزًا وأساسيًا ضمن القوات الأمنية إلى جانب جهاز مكافحة الإرهاب والجيش في أشرس معارك التحرير، لكن مختصين يرون أن تلك المكتسبات كان ثمنها عدد هائل من الشهداء، جراء الاستعجال لحسم المعركة  أو التسابق من أجل الوصول إلى مناطق معينة.

لمع اسم جودت بعد أحداث محافظة كربلاء عام 2008 و"صولة الفرسان" وتحيطه اتهامات بالفساد و"التضحية" بآلاف المقاتلين لتحقيق مكاسب عسكرية سريعة!

في السياق، يوضح المصدر، أن "الصدريين يستندون في مهاجمتهم لجودت إلى الخسائر الكبيرة التي مني بها خلال المعارك، والتي وصلت خلال عام 2015 إلى نحو 5 آلاف قتيل، لافتًا إلى أن "جودت المحسوب على رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، تلقى دعمًا كبيرًا من قبل خلفه حيدر العبادي خلال معارك التحرير، حيث رشح شقيقته ضمن ائتلاف النصر في انتخابات 2018 وفازت عن محافظة بغداد بفضل أصوات الشرطة الاتحادية".

يشير المصدر أيضًا، إلى وجود "خلافات كبيرة بين جودت وقادة جهاز مكافحة الإرهاب، تسببت أحيانًا بسقوط مقاتلين من الطرفين"، فيما روى لـ "الترا عراق" واحدة من تلك الأحداث حيث "تسابق الطرفان نحو جامع الفتاح في بيجي، بعد معلومات أشارت إلى أن التنظيم يحتفظ بأمواله في ذلك المسجد".

كما بين المصدر، أن "الخلاف اشتد أكثر خلال معارك تحرير الموصل، حين حاول جودت اقتحام محاور لم تكن ضمن مهمته التي كلف بها من قيادة العمليات المشتركة، ما دفع قادة جهاز مكافحة الإرهاب إلى رفض تقديم الاسناد الخلفي له، وهو ما أدى إلى سقوط مئات المقاتلين في صفوف الشرطة الاتحادية".

يعادل منصب قائد الشرطة الاتحادية، درجة وكيل وزير في معادلة تحاصص الدرجات الخاصة التي تفرضها القوى السياسية وتتحرك في إطارها. يرجح المصدر أن إقالة جودت جاءت بعد "حسم المنصب للتيار الصدري" بالإضافة إلى وجود 23 قضية فساد يتهم القائد السابق بارتكابها، خلال فترة وجوده على رأس الشرطة الاتحادية.

إزاء ذلك، يرى الخبير الأمني هشام الهاشمي، أن "القائد الذي لا يقتصد بالموارد الأربعة: البشرية، المالية، الجهد، والوقت، يجب أن يتم استبداله من قبل القيادة العليا"، لافتًا إلى أن "خسارة مورد لكسب آخر، أمر يترك تقديره لقراءة وزير الداخلية وتقديره للضرورات في إعادة ترتيب القوات التابعة لوزارته".

يعزو الهاشمي في حديث لـ "ألترا عراق"، بقاء جودت في منصبه خلال فترة وزير الداخلية السابق قاسم الاعرجي، إلى اختلاف الكبير بين برنامج إدارة الوزارة بين الأخير والوزير الجديد، حيث عمل الأول على رد الثقة بين المواطن ومنتسبي وزارة الداخلية وقد نجح في ذلك، فيما يعمل الياسري على إعادة ترتيب الوزارة وتنظيمها بطريقة مهنية، كونه رجل مسلكي ومتدرج في الرتب".

من "أبو تراب" إلى البطاط!

لم يكن الإعلان الرسمي عن إبعاد الفريق رائد شاكر جودت إلى وكالة الوزارة لشؤون الأمن الاتحادي وتكليف اللواء جعفر البطاط بتسيير أعمال القوة لحين اختيار قائد جديد مفاجئًا، إذ سبقه بنحو أسبوع تداول وسائل إعلام أنباء عن إعفائه وتكليف قائد قوة الرد السريع "أبو تراب الحسيني" بالمهمة.

لكن مكتب جودت رد على تلك المعلومات حينها في بيان غاضب جدًا، قال فيه إنها "أخبار مزيفة وغير دقيقة وعارية عن الصحة"،  واتهم الصفحات التي تداولتها وروجت لها بحمل "نوايا سيئة وقد أبغضها ما حققته قواتنا البطلة من انتصارات مستمرة على الإرهاب وعلى الخارجين عن القانون والتي أعادت الأمن والأمان للمحافظات والمناطق والأحياء التي تمسك زمام حمايتها قوات الشرطة الاتحادية"، على حد تعبير البيان.

تقول عضو مجلس النواب وشقيقة القائد الذي يصفه البعض بالمقرب من قاسم سليماني، ندى شاكر جودت، إنها كانت ستعد القرار "طبيعيًا" لو أنه جاء ضمن السياقات القانونية وفق النظام المتبع، مستغربة "محاصرة شقيقها في مقر قيادة الشرطة الاتحادية في ساحة النسور، وسط بغداد، وإجباره على مغادرته فورًا بعد صدور قرار إعفائه، وهو ما يعبر عن منطق عصابات ويكشف عن هيمنة أحزاب على وزارة الداخلية".

تشير معلومات إلى قرب الفريق جودت من قاسم سليماني، فيما تنفي شقيقته تورطه بملفات فساد مؤكدة أن إعفاءه تم وفق "منطق العصابات"

عن التهم الموجهة إلى جودت، تقول البرلمانية عن ائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي لـ "الترا عراق"، أن شقيقها "غير متورط في أي ملفات فساد، فقد كانت هناك اتهامات بشان عدم إدخاله الأسلحة التي يتم شراؤها من السوق السوداء خلال فترة مقاتلة تنظيم داعش"، مؤكدة أن "القضاء حسم ذلك الملف بتبرئته من التهم الموجهة له، لكن جهات مغرضة أعادت تفعيل الملف"، فيما شددت أن "جميع المناصب تُباع وتشترى، وهذا ما لا يرضخ له شقيقي".

 

اقرأ/ي أيضًا:

قيادي "حشدي" دربه الحرس الثوري "سكرتيرًا عسكريًا" للقائد العام للقوات المسلحة!

انقسام وسخط داخل الحشد الشعبي مصدره "إسرائيل"!