في بلد يعتمد بنسبة تفوق الـ95% على الإيرادات النفطية كالعراق، يعد تغيير الإنتاج النفطي بأي نسبة كانت، مؤشرًا تترتب عليه عدة تبعات إيجابية أو سلبية، لذا فإنّ قرار تخفيض الإنتاج "الطوعي" الذي اتخذته ثماني دول من مجموعة أوبك+، من بينها العراق الذي سيخفض إنتاجه بـ211 ألف برميل يوميًا، أي بنسبة نحو 5% من إنتاجه الحالي، ستكون له على الأرجح عواقب مختلفة، وفق خبراء.
إنتاج العراق الكلّي سيبلغ 4.220 مليون برميل يوميًا فقط بعد التخفيض الذي قررته أوبك+
قرار التخفيض "الطوعي" اتخذته كل من السعودية وروسيا والعراق، والكويت والإمارات والجزائر وعمان وكازاخستان، وبإجمالي تخفيض يبلغ 1.66 مليون برميل يوميًا، وسيبدأ من أيار/مايو وحتى نهاية 2023. ووفق التخفيض السابق لأوبك+ الذي كان من المقرر أن يستمر طوال عام 2023 قبل القرار الجديد، فقد كانت حصة العراق الإنتاجية تبلغ 4.431 مليون برميل يوميًا، أحيانًا ينتجها العراق بالكامل أو أقل بقليل.
ومن بين الـ4.431 مليون برميل يوميًا، تبلغ حصة إنتاج إقليم كردستان 430 ألف برميل يوميًا، ما يعني أنّ وزارة النفط الاتحادية تنتج 4 ملايين برميل يوميًا فقط.
ويصدر الإقليم من هذا الإنتاج نحو 400 ألف برميل يوميًا، فيما يتبقى 30 ألف برميل يوميًا للاستهلاك الداخلي والمصافي في الإقليم، وهذا ما تظهره بالضبط إحصائيات الربع الثالث من العام 2022 لإقليم كردستان بشأن الإنتاج والتصدير والاستهلاك.
وفقًا لذلك، فإنّ وزارة النفط الاتحادية، التي تنتج 4 ملايين برميل يوميًا، والتي كانت تصدر منه 3.3 مليون برميل يوميًا، يتبقى 700 ألف برميل يوميًا من إنتاجها فقط، لتذهب للاستهلاك الداخلي والتكرير في المصافي.وإجمالًا، باحتساب الإنتاج والتصدير والاستهلاك الكلي للعراق وإقليم كردستان، فإنّ الإنتاج الكلي البالغ 4.431 مليون برميل، يتم تصدير 3.7 مليون برميل يوميًا، و730 ألف برميل يوميًا تذهب للتكرير في المصافي سواء في الإقليم أو باقي محافظات العراق.
ماذا بعد التخفيض؟
ووفقًا للقرار الجديد، فإنّ تخفيض 211 ألف برميل يوميًا، يعني أنّ إنتاج العراق الكلّي سيبلغ 4.220 مليون برميل يوميًا فقط، أما وفقًا لموازنة 2023 فأنه من المفترض أن يصدّر العراق 3.5 مليون برميل يوميًا، من ضمنها 400 ألف برميل يوميًا من إقليم كردستان، ما يعني أنّ صادرات العراق من باقي الحقول خارج الإقليم ستكون 3.1 مليون برميل يوميًا، انخفاضًا من 3.3 مليون برميل يوميًا في الوقت الحالي.
ومن هنا، يبدو أنّ العراق كان على علم مسبق بالقرار الذي اتخذ من قبل أوبك+، حيث أنّ الموازنة حددت صادرات العراق منخفضة 200 ألف برميل يوميًا قبل شهر من صدور هذا القرار.
وتخفيض التصدير 200 ألف برميل يوميًا، وفقًا للأسعار الحالية البالغة 75 دولارًا للبرميل، سيؤدي لخسارة العراق 15 مليون دولار يوميًا، نحو 450 مليون دولار شهريًا.
إلا أنّ التخفيض بالمقابل، إذا رفع سعر برميل النفط إلى 80 دولارًا على الأقل، ستبلغ عائدات العراق النفطية 248 مليون دولار يوميًا بتصدير 3.1 مليون برميل يوميًا، وهي ذات الإيرادات التي سيحصل عليها عند تصدير 3.3 مليون برميل يوميًا بسعر 75 دولارًا للبرميل، لذلك فإنّ أي صعود إضافي بسعر النفط فوق الـ80 دولارًا سيؤدي لأرباح إضافية، ما يعني أنه لن تكون هناك خسارة كبيرة للعراق جراء انخفاض التصدير بسبب ارتفاع الأسعار.
الخسارة الحقيقية في الاستهلاك الداخلي
وبينما سيبلغ الإنتاج الكلّي للعراق وكردستان 4.220 مليون برميل يوميًا ابتداءً من أيار/مايو المقبل، سيذهب منه 3.5 مليون برميل يوميًا للتصدير، ويتبقى 720 ألف برميل يوميًا يتم تكريرها في مصافي العراق والإقليم.
وبينما تبدو التقسيمة منطقية نوعًا ما، حيث أن تخفيض الإنتاج سيؤدي لتخفيض الصادرات فقط، والحفاظ على حجم التكرير الحالي، إلا أنه عند استذكار مصفى كربلاء الذي افتتح توًا للإنتاج التجاري،
والذي يحتاج لـ140 ألف برميل يوميًا، سيطرح احتمالان، وهو أن المصفى ربما لن يعمل بكامل طاقته الإنتاجية، أو أنه سيتم إطفاء مصافٍ أخرى وتحويل حصتها من النفط الخام إلى مصفى كربلاء الحديث، وبذلك فأنّ إنتاج العراق من المشتقات النفطية لن يزيد كما كان مخططًا له.