22-أغسطس-2023
شاشات

(Getty)

اضطرت السلطات الأمنية إلى إطفاء شاشات الإعلانات في بغداد وبعض المدن الأخرى خشية تكرار ما حدث ليلة السبت حين تحولت شوارع قلب العاصمة المزدحمة إلى مسرح لعرض محتوى إباحي أثار حفيظة الأهالي وسخرية واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي.

أظهرت صور من بعض مناطق بغداد إطفاء شاشات الإعلانات إثر حادثة بث المحتوى الإباحي في ساحة "عقبة بن نافع"

وعادت الشاشات للعمل تدريجيًا بعد ساعات من الحادثة، حيث أعلنت وزارة الداخلية اعتقال المتهم في القضية ووصفته بـ "الهكر"، مؤكّدة اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.

3

 

ماذا حدث؟

لكن ما حدث ليس اختراقًا بالمعنى التقني، كما يشير المختص يوسف الشمري لـ "الترا عراق"، الذي شرح 3 آليات يمكن من خلالها الولوج إلى نظام شاشات العرض المنتشرة في المدن العراقية.

ويقول الشمري، إنّ بث أي محتوى عبر هذه الشاشات ممكن من خلال "إدخال شريحة ذاكرة (فلاش ميموري)، أو أي جهاز إدخال آخر شرط توفر نظام متوافق مع نظام عملها، وحينها يمكن أن يسري البث إلى كلّ الشاشات المرتبطة بالأولى في ذات الوقت".

الطريقة الثانية التي أشار إليها الشمري أخطر، لكنها تتطلب الحصول على "عنوان بروتوكول الإنترنت"، أو ما يعرف اختصارًا بـ "IP"، وكذلك الرقم السري للشاشة، وحينها يمكن البث عبرها عن بعد، سواء كان داخل البلاد أو خارجها.

يقول مختصون إنّ الولوج إلى شاشات الإعلانات ليس أمرًا صعبًا في ظل غياب الرقابة الحقيقية من قبل الشركات المسؤولة

وانتشرت خلال الساعات القليلة الماضية، بشكل واسع، صورة لإحدى شاشات العرض في بغداد التي غفل مشغلوها وتركوا بيانتها متاحة للمارة، وكان يمكن أن تستخدم من قبل أي شخص لديه هاتف ذكي أو جهاز لوحي أو جهاز كومبيوتر.

3

 

4 شركات والبلدية

ولا يستبعد الشمري أنّ يكون ما حدث في ساحة عقبة جرى بهذه الطريقة، بالنظر إلى أنّ المتهم كان أحد موظفي الشركة المسؤولة عن إدارة هذه الشاشات، كما يوضح أنّ هناك طريقة ثالثة محتملة تتمثل في الدخول إلى أجهزة العرض عبر كومبيوتر أحد التقنيين ضمن الشركة، وهو أمر يمكن ترجيحه بالنسبة لحادثة السبت.

تدار معظم أجهزة العرض في بغداد من قبل 4 شركات حجزت مواقعها بموافقات من دوائر البلدية مقابل أجور شهرية أو سنوية

وتدار شاشات العرض في العراق عبر شركات عدة أبرزها، بحسب الشمري، "برو ميديا، النخيل، شاشات بغداد والراية"، ويقول إنّ هذه الشركات تقدم طلبات إلى دوائر البلدية من أجل نصبها في مواقع تحددها، مقابل بدل إيجار شهري أو سنوي، ولها صلاحيات إطفاء وتشغيل أجهزة العرض حصرًا.

 

الاستخبارات أمسكت الملف

وأعلنت الحكومة العام الماضي حجب المواقع الإباحية داخل البلاد عبر وزارة الاتصالات، لكنها في الوقت ذاته ما تزال غير قادرة على منع تسرب بيانات مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية الحساسة، وهي الذريعة التي أعلنتها حين قررت حظر تطبيق تلغرام في الأيام الأولى من آب/أغسطس الجاري، فيما تبرز الآن أنظمة شاشات العرض كمشكلة تقنية إضافية مثيرة للقلق.

3

ويقول المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا لـ "الترا عراق"، إنّ وكالة الاستخبارات تولت ملف شاشات الإعلانات في العاصمة بغداد بعد "الحادثة الشائنة"، وأغلقتها فورًا لحين اعتقال المتهم.

ويضيف المحنا، أنّ "وكالة الاستخبارات الآن بصدد وضع آلية وشروط خاصة لاستخدام هذه الشاشات، وقد جرت مفاتحات مع أمانة بغداد"، مشيرًا إلى أنّ "الاستخبارات ستفرض نظامًا يتضمن جملة إجراءات تضمن عدم خرق هذه الشاشات، من خلال اقتراحات قدمتها الشعبة الفنية في وكالة الاستخبارات"، دون الإشارة إلى تفاصيل هذه الإجراءات، وما إنّ كانت ستشمل مراقبة استخبارية لآلية إدارة أجهزة العرض، أو تحديد شروط أمنية خاصة للمخولين بإدارتها.

 

سجن وغرامة

ويواجه المتهم في قضية بث المحتوى الإباحي وسط بغداد عقوبة السجن لسنتين، أو غرامة مالية، استنادًا إلى رأي الخبير القانوني علي التميمي.

ويوضح التميمي في حديث لـ "الترا عراق"، أنّ "قانون العقوبات العراقي نص في المادة 403 على الحبس لمدة لا تزيد عن سنتين وبالغرامة، أو بإحداهما، على كلّ من قام بصنع أو استيراد أو الحيازة على صور أو أفلام وغيرها وكانت مخلّة بالحياء، وكذلك في حالة عرضه على الجمهور، ويعتبر ظرفًا مشددًا إذا كان الهدف هو إفساد الأخلاق". 

تقول وزارة الداخلية إنّها ستفرض "نظامًا" يمنع تكرار ما حدث في الكرادة وفق توصيات من الشعبة الفنية في وكالة الاستخبارات

ويقول التميمي، إنّ "التحقيق الجنائي هو الذي يثبت إذا كان الفعل متعمدًا أو لا، من خلال معرفة القصد الجنائي للفاعل وتحديد إنّ كان له شركاء من عدمه، أو كانت هناك أطراف أخرى متورطة".

3

كما يشير إلى أنّ الجهة المتضررة "تستطيع أن تطالب بالعقوبة الجزائية بالإضافة إلى التعويض عن الضرر المعنوي وفق القانون المدني العراقي، إذا كان الفعل فرديًا"، مبينًا أنّ "المحكمة المختصة هي من ستحدد إنّ كان هناك تقصير من الشركة المسؤولة أيضًا بما يتعلق بأنظمة بث شاشات الإعلانات، من خلال انتداب خبراء في مجال البث والإعلام".