الترا عراق- فريق التحرير
لا يَمر يومٌ إلا ويسمع ويقرأ المُتابعون دعوات سياسيين ومحللين ونواب فضلًا عن مسؤولين لأن يكون العراق وسيطًا بين الولايات المتحدة وإيران في ظل التصعيد القائم في المنطقة. في وقت يعتقد فيه آخرون أن العراق لا يُمكن أن يلعب هذا الدور لأسباب مختلفة، منهم من يُرجِعْها لضعف العراق، ومنهم من يُشير إلى "لا حياديته" في هذا الصدد.
دعوات للوساطة
دعت أطراف كثيرة في العراق الحكومة إلى لعب دور الوسيط في هذا الصدد، ومن مختلف الأطراف السياسية في تحالفي الإصلاح والإعمار، والبناء.
يعتقد الكثير أن العراق لا يُمكن أن يلعب دور الوسيط لأسباب مختلفة، منهم من يُرجِعْها لضعفه، ومنهم من يُشير إلى "لا حياديته" بهذا الصدد
رئيس تحالف الإصلاح والإعمار عمار الحكيم دعا الحكومة إلى "الانتقال من سياسة الوسط إلى سياسة الوسيط الذي يسعى لتخفيف حدة الصراع، وذلك عبر تقديم مبادرة وساطة بين الطرفين لمعالجة الأزمة المتصاعدة هذه الأيام".
اقرأ/ي أيضًا: صراع أمريكا وإيران.. هل يمكن مسك العصا من المنتصف؟
على الطرف الثاني، النائب عن تحالف الفتح (الركن الأساس في تحالف البناء) كريم عليوي قال في 25 آيار/مايو إن "العراق مجبور أن يلعب دور الوسيط بين إيران وأمريكا"، كاشفًا بالوقت ذاته عن "وساطة عراقية حقيقية، ووفد سياسي رفيع المستوى سوف يتوجه إلى طهران الأسبوع المقبل، ثم سيتوجه الوفد إلى الولايات المتحدة لنقل الوساطة ذاتها".
يؤكد ذلك الموقف النائب الآخر عن الفتح وليد السهلاني، إذ قال 27 آيار/مايو إن "القوى السياسية تسعى بكل طاقاتها إلى تهدئة الأوضاع والتقريب بين أطراف هذا النزاع".
والمُلاحَظْ، أن أطرافًا عديدة حليفة لإيران تُشارك في دعوات الوساطة العراقية وعدم التصعيد تجاه الولايات المتحدة، رغم الاستثناءات المعروفة. وقد نفت هيئة الحشد الشعبي علاقتها بجماعة أطلقت على نفسها جبهة الثوار الأحرار ظهرت في مقطع فيديو تتوعد الولايات المتحدة وبجانبِها راية الهيئة.
الحشد قال ببيان في 30 آيار/مايو إننا "نأتمر بأوامر رئيس الوزراء وليس لدينا أي تمثيل مسلح آخر خارج نطاق هذا المفهوم".
الحكومة العراقية تسعى للوساطة
ذكر ليث شبّر، السياسي المقرّب من رئيس الوزراء عبد المهدي في 16آيار/مايو إن "العراق بذل جهودًا كبيرة ومن ضمنها التواصل بين الولايات المتحدة وإيران ونقل رسائل أمريكية إلى إيران والعكس". ويُشير إلى أن "العراق مركز قوة ويستطيع أن يلعب دور الوساطة أو دور تقليل الصراع على أقل تقدير وتجنيب المنطقة ويلات الحرب".
رئيس الوزراء قال بمؤتمر صحفي في 21 آيار/مايو إن "بغداد سترسل وفدين إلى واشنطن وطهران من أجل تهدئة التوتر الذي تصاعد بينهما مؤخرًا"، مضيفًا "هناك رسائل عراقية للطرفين بضرورة التهدئة".
عبد المهدي قال إن بغداد سترسل وفدين إلى واشنطن وطهران من أجل تهدئة التوتر الذي تصاعد بينهما، فيما قال القائم بأعمال السفارة الأمريكية في بغداد إنه لا يعلم بوجود وساطة عراقية
لكن القائم بأعمال السفارة الأمريكية في بغداد جوي هود قال لصحفيين في اليوم التالي لتصريح عبد المهدي إنه "لا يعلم بوجود وساطة عراقية لتقريب وجهات النظر بين الولايات المتحدة وإيران".
كما أشار هود إلى أن "بلاده لا تحتاج إلى وساطة من العراق ويمكنها التواصل مع إيران بشكل مباشر، والهدف هو جلبها إلى طاولة المفاوضات عبر الضغط الدبلوماسي والاقتصادي".
اقرأ/ي أيضًا: عراق السلطتين بين درء الشر الأمريكي ورد "الدين" الإيراني
مع ذلك، عاد وزير الخارجية العراقي محمد الحكيم ليؤكد "استعداد العراق أن يكون وسيطًا بين طهران وواشنطن"، فيما أشار بمؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في 26 آيار/مايو إلى أن "العراق يقف مع إيران ولا يعتقد بفائدة الحصار الاقتصادي".
الحكومة بحاجة إلى وساطة من أجل التأشيرة!
يقول مصدر لـ"ألترا عراق" إن "الولايات المتحدة رفضت مرارًا منح رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس الجمهورية برهم صالح تأشيرة دخول (فيزا) إلى أراضيها، بعد عزمهما زيارة واشنطن لغرض الوساطة".
أشار المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب تتعلق بوظيفته إلى أن "الرئيسين يدّعيان تأجيل زيارتهما للولايات المتحدة، مستدركًا "لكن الحقيقة أن ما يمنع الزيارة هو عدم منحهما تأشيرة الدخول".
فيما عبّر النائب السابق في البرلمان العراقي والمقرب من "إسرائيل" مثال الآلوسي في تصريح تلفزيوني عن استعداده للوساطة بين مستشار الأمن القومي جون بولتون وصالح وعبد المهدي من أجل منحهما "فيزا" للذهاب إلى واشنطن".
لا أحد يريد الوساطة إلا العراق!
بعد الحديث عن وساطة يُجريها أو سيجريها العراق بإيعاز من الولايات المتحدة وإيران، وإعلان السفارة الأمريكية عدم حاجتها لتلك الوساطة، كشف النائب عن تحالف الفتح حامد الموسوي في 22 آيار/مايو عن "طلب إيران من حكومة عبد المهدي التحرك لإيصال رسالتها إلى دول الخليج برغبتها في الجلوس على طاولة المفاوضات لحل الخلافات".
مصدر خاص: الولايات المتحدة رفضت مرارًا منح رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس الجمهورية برهم صالح تأشيرة دخول "فيزا" إلى أراضيها، بعد عزمهما زيارة واشنطن لغرض الوساطة
من جانبه قال محمود واعظي، المتحدث باسم مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني ببيان إن "وساطة عدد من الدول لا تعني التفاوض مع أمريكا، ولا معنى للتفاوض معها ما دامت تمارس الضغط علينا".
اقرأ/ي أيضًا: صراع السعودية وإيران في العراق.. لعبة محصلتها صفر
جرى الحديث عن طلب إيران في ظل زيارة وزير الخارجية ظريف إلى العراق، ورد موسى طباطبائي نائب السفير الإيراني في العراق في 30 آيار/مايو بالقول "لم نطلب من بغداد الوساطة من العراق بشأن أزمة إيران مع أمريكا". ويؤكد طباطبائي أن "زيارة ظريف لم تطلب التدخل للسماح بفتح نافذة حوار بين طهران وواشطن، وأن لا عودة للتفاوض إلا بالعدول أمريكا عن انسحابها من الاتفاق النووي"، وهو الأمر الذي شدّد عليه روحاني في اجتماع للحكومة "طريق المفاوضات مع الولايات المتحدة مفتوح في حال التزمت بتعهداتها".
في السياق، لفت الدكتور خالد عبد الإله استاذ العلوم السياسية إلى أن "الأمريكيين والإيرانيين لم يطلبوا من العراق دور الوساطة لأن الطرفين يعرفان أن العراق لا يزال ضعيفًا ولكنه لعب هذا الدور بين خصمين يرتبط مع كليهما بعلاقة لا يراها الآخر حيادية حتى يطمئن لوساطته".
كما أشار حامد الموسوي إلى أن "الآثار الإيجابية للوساطة بين العراق والخليج ستكون حاضرة في قمة الرياض المقبلة"، إلا أن القمة كشفت عن شرخ بين العراق والدول العربية عمومًا برفض الأول للبيان الختامي للقمة العربية المنعقدة في 31 آيار/مايو في مكة.
تشكيك في إمكانية الوساطة
يعتبر القيادي في تحالف الإصلاح والإعمار أياد علاوي إن "وساطات العراق دعايات تدور في الإعلام"، ويشير عبر تغريدة له في 30 آيار/مايو ورصدها "ألترا عراق"، إلى أن "العراق يحاول خلق أجواء ولكن لا يمكنه القيام بدور الوسيط لضعفه وعدم استقراره".
قال رئيس مركز أفق للدراسات والتحليل السياسي جمعة العطواني، إن "إيران وأمريكا لديهما الرغبة بإيجاد حل لطبيعة الصراع لكنه هذا الحل يراه كل طرف من زاويته، فإيران تريد الاحتفاظ بالاتفاق النووي وأمريكا تريد التفاوض مجددًا على الاتفاق النووي وكذلك على فصائل المقاومة في المنطقة كحزب الله والحركات الجهادية في فلسطين ومجاهدي اليمن والملف السوري".
يؤكد العطواني لـ"ألترا عراق" أن "في ظل هذه الفجوة الكبيرة بين طرفي النزاع لا يمكن للعراق أن يكون وسيطًا قادرًا على جمع الأطراف على طاولة واحدة بالإضافة إلى عدم امتلاك العراق أدوات ضغط عليهما"، مضيفًا "يجب أن يكون للوسيط قدرة على إقناع الأطراف المتصارعة وأدوات ضغط على تلك الأطراف".
لن يفلح في التهدئة: هل عبد المهدي ساعي بريد؟
يرى النائب عن تحالف سائرون ستار العتابي أن "الأمل ضعيف إن لم يكن معدومًا في إنجاح المبادرة التي يقودها مسؤولون في الحكومة والرئاسات لتهدئة الأوضاع بين طهران وواشنطن"، مبينًا أن "العراق على المستوى الرسمي يحاول جهده أن ينقذ المنطقة وإيران من التصعيد ويمتلك نقاط قوة لكنها لن تفلح في التهدئة".
فيما يعتبر العطواني أن "حركة العراق باتجاه أمريكا هي محاولة لإقناع الإدارة الأمريكية بضرورة إعفاء العراق من الالتزام بالعقوبات الأمريكية ضد إيران والتضرر الاقتصادي والتجاري الذي يؤديه إليه ذلك الالتزام".
يضيف العطواني لـ"ألترا عراق" أن "العراق يحاول إقناع إيران بضرورة الالتزام بالاتفاق النووي وعدم التسرع في اتخاذ قرار بهذا الاتجاه".
ويرى الباحث والمحلل السياسي ديار الفيلي أن من "مصلحة العراق التحرك بخطوات متسارعة وتفعيل مبادرات دبلوماسية بشرط أن لا يتحول إلى ساعي بريد بين أمريكا وإيران".
من مصلحة العراق التحرك بخطوات متسارعة وتفعيل مبادرات دبلوماسية بشرط أن لا يتحول إلى ساعي بريد بين أمريكا وإيران فيما سيؤدي فشله في لعب دور الوسيط إلى نتائج كارثية!
يعتقد الفيلي أن "فشل العراق في لعب دور الوسيط سيؤدي إلى نتائج كارثية على المدى القريب".
اقرأ/ي أيضًا: