بعد حادثة غرق العبّارة الشهيرة في الموصل والتي أدت إلى الإطاحة بمحافظ نينوى السابق، نوفل العاكوب، في نيسان/أبريل الماضي، وتم تنصيب محافظ جديد لنينوى، وهو نوفل المرعيد، فيما يطلق النشطاء أسئلة عن أبرز التغييرات على مستوى المحافظة التي شهدت الحرب على داعش وأزمات استثنائية كانت مؤثرة على مستوى العراق.
ناشطون: يحاول المريعيد توطيد علاقته بشيوخ العشائر وزيارتهم بشكل مبالغ به دون النظر إلى واقع المدينة المتراجع والتي تشهد حالة استثنائية بعد تحريرها من "داعش"
جاء المريعيد بدعم من الحشد الشعبي، لكن نقاطًا كثيرة مختلفة سجلت عليه منذ تسنمه منصب المحافظ وحتى الآن. ووجه "ألترا عراق" سؤالًا لمجموعة من الناشطين والمدونين من صحفيين وأكاديميين وسياسيين حول الفرق بين فترة حكم نوفل العاكوب المعيّن عام 2015 والمقال في 2019 وفترة حكم منصور المريعيد التي بدأت هذا العام.
اقرأ/ي أيضًا: كواليس انتخاب المريعيد.. "عودة" البيشمركة و"انهيار" السنة!
عزام الجواري، وهو ناشط مدني من الموصل قال لـ"ألترا عراق"، إن "كل ما تغير بين فترة العاكوب والمريعيد هو المكتب الإعلامي الذي أضاف شعارًا جديدًا للمحافظة في منشورات "فيسبوك" ونظم طرق نشر الأخبار وغيرها من الزيارات، وهذا قد يكون الأمر الوحيد المسجل بشكل مختلف عن فترة العاكوب".
رأى ناشطون أن المحافظ الجديد يحاول توطيد علاقته بشيوخ العشائر وزيارتهم بشكل مبالغ به دون النظر إلى واقع المدينة المتراجع والتي تشهد حالة استثنائية بعد تحريرها من "داعش". محمود صبحي، وهو مدوّن من نينوى، أشار إلى "ألترا عراق" إلى أنه "لم يتغير أي شيء، وظلت حتى صفحات المحافظ الجديد تتحدث عن زيارات روتينية كما هو حال العاكوب في السابق وأغلبها لشيوخ عشائر ورجال من القبائل وغيرهم، من دون حلول على أرض الواقع للمشاكل التي تعاني منها محافظة نينوى".
هناك جدية لدى المحافظ السابق ولكن تلك الجدية كانت من خلال فراغ وتعصب عشائري، يقول الناشط المدني بندر العيكيدي، ويضيف في حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "المحافظ الجديد يمتلك جدية حقيقة مبنية بشكل قوي على أمور يمتلكها، مستدركًا "لكن لم نشهد أي عمل له على أرض الواقع حتى الآن، فكل تصريحات المريعيد تقول سوف نفعل ولن نرى أي فعل خلال شهرين، مبينًا أن "الشعارات كانت صارخة وتحوي أكثر من مضمون لكن من دون جدوى".
وتشهد الموصل منذ سنوات تراجعًا كبيرًا على مستوى الخدمات بسبب الإهمال الذي شهدته بعد 2003 ومن ثمّ الحرب على "داعش"، ولم تفعّل الحكومة الاتحادية أو المركزية خطط استثنائية للنهوض بواقع المحافظة التي خرجت من آثار حرب كبيرة، الأمر الذي أشار له الصحافي حيدر العبيدي في حديثه لـ"ألترا عراق"، إلى أن "الحديث مثلًا عن الخدمات كانت سيئة وأصبحت أسوأ، مضيفًا "أزمة في المحروقات وعدم وجود رقابة أكثر من قبل، مبينًا "حيث أن العاكوب رغم اعتراض الجميع عليه، لكنه كان على رأس كل الدوائر يجري عملية تفتيش حتى وإن كانت طريقتها غير ملائمة، إما الآن غاب المريعيد عن الدوائر، وأصبحت كل تلك الدوائر تعمل بما تريد هي وليس بما تريد سلطة المحافظة".
وبعد غرق العبّارة وسقوط الكثير من الضحايا، أمر عبد المهدي بأن تدخل خلية أزمة في نينوى لتكون بديلة عن العاكوب. يقول المدوّن سعد عمّار، إن "الفترة التي سبقت تولي المريعيد وهي فترة تقدر بنحو شهر حكمت بها خلية الأزمة، كانت أكثر جدية من المحافظين، حيث حافظت اللجنة على أموال المحافظة، وقدمت الكثير للمواطن الموصلي بفترة قصيرة جدًا، لأن الخلية كانت مكونة من شخصيات مختلفة وجيدة بشكلها العام".
المحافظ الجديد سيطر بقوة على"الناشطين"، الأمر الذي لا يصب بمصلحة المحافظة عامة والموصل بشكل خاص ويضيّق على تشكيل رأي ضاغط ضد السلطة المحلية
وفي ظل انعدام الخدمات وتحوّل بعض المناطق إلى ركام، تشهد المدينة محاولات للتضييق على الرأي ومنع الناس من الإشارة إلى الخراب الذي يحيط بهم من كل جانب. عبد الملك مروان وهو مدوّن لفت في حديثه لـ"ألترا عراق"، إلى أن "العاكوب كان أخف شدة من المريعيد من حيث حرية الرأي، مبينًا أن "الأوضاع في زمن العاكوب كانت تنتقد بشكل طبيعي، أما الآن فإن المحافظ الجديد سيطر بقوة على بعض ممن يسمون بـ"الناشطين"، وهو الأمر المختلف والذي لا يصب بمصلحة المحافظة عامة والموصل بشكل خاص، مشيرًا إلى أن "الأمور الخطيرة ستهاجم من فريق المحافظ الجديد ولن ترى النور على منصات التواصل الاجتماعي بسبب كم الموالين له، والذي سيحاربون من أجل عدم إظهار أي أخطاء تحدث على الأرض".
اقرأ/ي أيضًا: بيع الموصل القديمة أول "استثمارات" المرعيد.. ما علاقة "أبو مازن"؟
وخلال فترة وجوده في المنصب، اشتهر نوفل العاكوب بتصريحاته المثيرة وتهديداته سواء للموظفين أو للمواطنين في المحافظة. حكم الدليمي وهو ناشط مدني ومدوّن قال لـ"ألترا عراق" إن "الهفوات الإعلامية والتخبط بالتصريحات اللا مدروسة قلة من قبل المريعيد مقارنةً بالمحافظ السابق، والتواصل الفعال مع الإعلام المحلي مثل قناة الموصلية التي كانت على خلاف مع العاكوب أصبح أكثر في زمن المحافظ الجديد وهي قناة مشاهدة في الشارع الموصلي، إضافة إلى استخدام نهج التواصل المباشر بين المحافظ والناس في الشارع من خلال الزيارات المستمرة، مبينًا "لم تحدث أي تأثير من قبل الحاشية التي تحيط بالمحافظ حتى الآن بعكس المحافظ السابق، كما أن هناك قناة تواصل بين مجلس المحافظة، والمحافظ وهو ما لم يكن موجودًا سابقًا".
الدليمي أشار إلى أن "الجميع ينتظر ما يكون على أرض الواقع من عمل حقيقي وحل للأزمات ولا يزال بشكل عامل الحكم مبكرًا على منصب المريعيد وعمله، مستدركًا "ولكن ما يمكن قوله هو أن يسرع في كسب رضا الناس في القضايا المصيرية".
أستاذ العلوم السياسية الموصلي علي اغوان أشار لـ"ألترا عراق"، إلى أن "المريعيد لا يمكن الحكم عليه بشهرين، لكن ما يمكن قوله هو ادعاؤه بأن لديه خطط وهذا ما يضرب المحافظ السابق الذي لم تكن لديه أي خطط وكان يتعامل بعشوائية، وبكلا الحالتين ننتظر التغيير على أرض الواقع، لنستطيع التقييم بين عهدين".
إما النائب في البرلمان العراقي عن محافظة نينوى ليال البياتي أشارت لـ"ألترا عراق"، عن نقطتين؛ الأولى وهي "تمكن مجلس المحافظة من مراقبة عمل المحافظ وهذه نقطة إيجابية استخدمها المريعيد بعدم إبعاد المجلس عن المشهد"، فيما لفتت إلى أن النقطة الثانية هي "عدم إنجاز المريعيد حتى اللحظة لأي عمل يدفع المواطنين للالتفاف حوله"، مبينة أنها "تنتظر مع الشارع لغرض تقيم المحافظ الجديد".
نائب: عدم إنجاز المريعيد حتى اللحظة لأي عمل يدفع المواطنين للالتفاف حوله
"ألترا عراق" حاول التواصل مع المحافظ منصور المريعيد، لكن الأخير لم يدل بأي تعقيب.
اقرأ/ي أيضًا: