02-أبريل-2019

يكذب السياسييون والمسؤولون في العراق في مواسم الأزمات والانتخابات (Getty)

يتفاعل العالم في الأول من نيسان/أبريل من كل العام بإطلاق الأكاذيب، كنوع من تقليد إختلفت الآراء بشأن أصله ووقت ومكان إنطلاقه، لكن ما يتفق عليه الكثيرون، هو أن  هذا الشهر يقع في فصل الربيع، ومع الربيع يحلو للناس المداعبة والمرح.

تطلق كذبة نيسان في العالم كتقليد سنوي هدفه الدعابة والمرح، لكن الأكاذيب تطرق مسامع العراقيين دون انقطاع وفي أحلك الظروف وأشد الأزمات

أما في العراق، فأن أكاذيب السياسيين والمسؤولين تطرق مسامع المواطنين على مدار السنة، وخاصة عند الأزمات، أو الفترات التي تسبق الانتخابات، وعادة تتمثل بتصريحات ثقيلة يُطلقها رؤساء الحكومة والوزراء والمسؤولين.

اقرأ/ي أيضًا: 20 قصة فساد.. كيف ضاعت 500 مليار دولار في العراق؟

ولا يمكن حصر التصريحات التي صدرت عن السياسيين والمسؤولين منذ 2003، التي تبين كذبها لاحقًا، لكن يمكن الإشارة إلى أشهرها فيما يتعلق بالشأن الأمني والخدمي والاقتصادي.

كذبة استعادة نينوى

في أشد أيام العراق "الجديد" رُعبًا، عندما اجتاح تنظيم داعش محافظة نينوى في 9 حزيران/يونيو 2014، وتمدد بسرعة نحو محافظات صلاح الدين وديالى، وفيما كان العراقيون يتابعون بذهول انهيار الجيش العراقي في تلك المناطق وخلع بعض ضباطه الكبار هناك لرتبهم العسكرية وتوجههم نحو إقليم كردستان، تاركين خلفهم معدات كثيرة وجنود حائرين، قال رئيس مجلس الوزراء آنذاك نوري المالكي، إن "القوات المسلحة ستستعيد السيطرة على الموصل خلال 24 ساعة"، لكن الأمر استغرق أكثر من 3 سنوات وكلف خسائر هائلة بالأرواح والمعدات والبنى التحتية.

وحتى اليوم، لازال هذا التصريح المثبت في صفحة ناشطة على فيسبوك يحظى بتفاعل العراقيين، ويعلقون عليه بشكل مكثف كلما تجدد تأريخه، مذكّرين صاحبه بما "جناه" على العراق بفترة حكمه، فيما نصح ناشطون بلهجة ساخرة، المقربين من المالكي بـ "دفع مليون دولار من أجل حذفه".

كذبة محاسبة الفاسدين!

ولم يكن حيدر العبادي رئيس الوزراء الذي تلا نوري المالكي مستثنى من هذه العادة، التي لاتزال تلازم من يتولون هذا المنصب حتى الآن، على ما يبدو.

ففي 22 تشرين الثاني 2017، ومع اشتداد وتيرة المطالب الشعبية بمحاسبة المسؤولين الفاسدين ومحاكمتهم، قال العبادي عبر صفحته الرسمية في فيسبوك: "سنفاجئ الفاسدين وسيستغربون مما سنفعله"، لكن دون أي تحرك حقيقي لمحاسبة الفاسدين، حتى نهاية ولايته، مع استمرار آلاف العراقيين بالتفاعل الساخر مع ذلك التصريح.

عادل عبد المهدي، رئيس مجلس الوزراء الحالي، عرض نفسه لذات الأمر، عندما قال في 5 آذار/مارس الماضي، إن المخدرات التي انتشرت في عدة محافظات عراقية خلال السنوات الأخيرة بشكل لافت، "مصدرها الارجنتين"، راسمًا في مؤتمر صحفي، خارطة رحلة مكوكية تسلكها المخدرات لتصل أخيرًا إلى العراق، دون الإشارة إلى إيران المصدر الأول للمخدرات التي تدخل البلاد وفق شهادات مسؤولين أمنيين.

تتعلق أكاذيب السياسيين والمسؤولين غالبًا بمصير العراقيين كما جرى بعد اجتياح الموصل أو بأموالهم كما في كذبة محاسبة الفاسدين، أو بالخدمات التي لا تزال غائبة كما في صخرة عبعوب وتصدير الكهرباء

وسارع العراقيون بعد هذا التصريح، الى تصميم خارطة جديدة لبلدهم، وضعوا الأرجنتين على حدوده الشرقية، معاتبين نجم نادي برشلونة الإسباني ليونيل ميسي على ما يفعله مواطنوه الأرجنتينيون بالعراقيين.

الكهرباء.. و"كذبة الصخرة"!

أما المسؤولون الذين تولوا ملف الطاقة الكهربائية، فكانوا على صلة وثيقة بالكذب الذي يسبق تموز وأشهر الصيف عادةً، والتي تلهب في كل عام تقريبًا تظاهرات شعبية احتجاجًا على سوء الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء.

وأشهر هؤلاء المسؤولين، هما نائب رئيس الوزراء السابق لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني، ووزير الكهرباء السابق قاسم الفهداوي.

الشهرستاني، وفي تموز/يوليو 2013 لم يعد العراقيين بتحسن أو زيادة ساعات تجهيزهم بالكهرباء فحسب، وإنما قال إن "العراق سينتج قبل نهاية هذا العام 2013 ما يكفيه من الطاقة الكهربائية، ويصدر الفائض منها إلى دول الجوار"، ومنذ ذلك اليوم، ينشر بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي صوره في أشهر الصيف الذي لاتزال معاناتهم معه مستمرة، موجهين له سؤال: "شوكت نصدر كهرباء!".

وبالنسبة للفهدواي، فقد أطلق تصريحًا في صيف 2015، اقتبس العراقيون منه لقبًا يُطلقونه عليه حتى اليوم، بعد أن حمّلهم مسؤولية النقص الحاصل في ساعات تجهيزهم بالطاقة، آنذاك.

وقال حينها خلال مقابلة متلفزة، وهو يبرر انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، إن "12% من سكان بغداد لم يطفئوا الكيزر (السخان الكهربائي) حتى الآن"، ليلقب من يومها بـ"قاسم كيزر"، وتصبح السخانات الكهربائية العاطلة إحدى أيقونات التظاهرات المطالبة بتحسن الخدمات.

أما أشهر أكاذيب هذا النوع، فقد أطلقها أمين بغداد السابق نعيم عبعوب الذي تولى المنصب للفترة من (2013-2015)، حينما برر أزمة غرق أحياء وشوارع العاصمة بمياه الأمطار في نهاية 2013، وعدم تصريفها للمياه، بقيام مجهولين بـ "وضع صخرة تزن 150 كغم" في أحد أنابيب منطقة الشعب (شمال شرقي بغداد)، لتتحول إلى نُكتة تُعرف بـ"صخرة عبعوب".

العراقية تغطي التظاهرات!

لرئيس شبكة الاعلام العراقي السابق مجاهد أبو الهيل، نصيبه من الكذب أيضا، ففيما كانت الانتقادات الحادة تطال المؤسسة التي يديرها، لعدم تغطيتها التظاهرات التي شهدتها البلاد خلال الصيف الماضي، بالشكل المطلوب، فضلًا عن "تلميع الحكومات المتعاقبة، وإهمال تقصيرها". حيث قال في ندوة على هامش معرض أربيل الدولي للكتاب في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2018، إن "الشبكة غطت التظاهرات الأخيرة بما يعادل تغطية كل وسائل الإعلام مجتمعة".

وأتى هذا التصريح، بعد أن دفعت حدة الانتقادات الموجهة للشبكة، إدارتها على تنظيم وقفة لموظفيها داخل مقرها ببغداد، رافعين لافتات تشير إلى تضامنهم مع المتظاهرين ومطالبهم، التي كانت تستعيض عن شبكة الاعلام العراقي عن تغطيتها، ببث صور وتقارير عن تظاهرات في دول أخرى تزامنت مع تظاهرات وسط وجنوب العراق.

على خلاف كذبة نيسان فإن مواسم الأزمات والانتخابات هي الفترة المفضلة للسياسيين والمسؤولين لإطلاق أكاذيبهم الثقيلة على العراقيين

وليس هذا كل شيء فيما يتعلق بأكاذيب الساسة والمسؤولين عراقيين، فهي كثيرة جدًا وخاصة في فترات الدعاية الانتخابية، كتوزيع قطع أراض بسندات مزورة، ووالوعود بالخدمات وحل مشكلة السكن العشوائي وتوفير الوظائف.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مستشارون بلا قانون يتكدسون في مكاتب فخمة.. ماذا يفعلون؟!

تحذير دولي من انتكاسة "مفجعة" لحرية التعبير في العراق.. لا تشرعوا هذا القانون!