أثارت قضية توقيف الكاتب والمحلل السياسي العراقي محمد نعناع، عقب انتقاده لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني على إحدى المحطات الفضائية المحلية، اعتراضات من ناشطين ومدونين على مواقع التواصل الاجتماعي.
اعتقلت قوة أمنية محللًا سياسيًا في بغداد لانتقاده رئيس الحكومة محمد شياع السوداني
وبحسب وثيقة حصل عليها "ألترا عراق"، أقام السوداني في 9 أيلول/سبتمبر 2022، حين كان في ذاك الوقت مرشح قوى الإطار التنسيقي لمنصب رئاسة الوزراء، دعوى قضائية ضد نعناع، إثر انتقاداته المستمرة.
وشهد الأسبوع الماضي، اعتقال نعناع من قبل قوة أمنية رسمية في منطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد، على خلفية الدعوى السابقة، حسب ما تسرّب لوسائل إعلام.
ماذا قال نعناع؟
قبل ستة أشهر، هاجم محمد نعناع، مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الحكومة آنذاك، محمد شياع السوداني.
وقال خلال استضافته في برنامج تلفزيوني، تابعه "ألترا عراق"، إن "محمد شياع السوداني شخصية غير وطنية ومتخلف وتفكيره كلاسيكي مرتبط برؤى لا تخدم بناء الدولة".
ووصف نعناع، السوداني، بأنه "رهين لأربعة قادة في الإطار التنسيقي لا يمكنه الخروج عنهم".
تكميم الأفواه
"العراق يعيش الآن فوضى حقيقية كون أن الإعلاميين والمحللين المقربين من السلطة يكونون مسنودين، لكن الأشخاص الذين ينتقدون أي شخصية تشغل منصبًا حكوميًا يتعرضون إلى مساءلة قضائية لأبسط الأشياء"، وهذا ما يؤكده عصام حسين، الناشط في إعلام التيار الصدري.
ويقول حسين، في حديث لـ "ألترا عراق"، إن "القانون في العراق لا يطبق على جميع الأشخاص خصوصًا السياسيين"، مبينًا أن "المحلل السياسي محمد نعناع، انتقد أداء شخصية سياسية، ولم يقدم على شيء أسفر عن تعريض البلاد إلى حروب طائفية أو غيرها".
ما زال المحلل السياسي محمد نعناع في السجن منذ قرابة أسبوع
ووفقًا لحديث حسين، فإن نعناع، نسب أغلب حديثه لتقارير إعلامية وصحفية متدولة على وسائل إعلام عديدة، مؤكدًا أن "عملية الاعتقال التي تعرض لها هي تعسفية ولا تستند إلى أي قانون".
المادة القانونية الخاصة بـ "التشهير" قابلة للكفالة، لكن - والكلام لحسين - نعناع موجود في السجن منذ أكثر من أسبوع ولم يخرج حتى بكفالة، ويصف الناشط ما تعرض له نعناع بأنه تكميم للحريات، كون كلامه في اللقاءات التلفزيونية كان مجرد تحليل سياسي للواقع الذي يعيشه العراق لا يصل إلى التشهير.
تفاصيل جديدة
في المقابل، يقول رئيس مرصد حريات الصحفيين، هادي جلو مرعي، لـ "ألترا عراق"، إن "المحلل محمد نعناع اعتقل على ما يبدو على خلفية دعوى قضية تشهير سابقة وهو مسجون في مركز شرطة الصالحية".
ويشير مرعي، إلى أن "السبب يعود لانتقادات وجهها نعناع لإحدى الشخصيات السياسية البارزة في البلاد"، في إشارة إلى رئيس مجلس الوزراء الحالي.
ينتظر المحلل السياسي محاكمة خلال الأيام المقبلة
وبحسب مرعي، فإن نعناع سيواجه محاكمة خلال الأيام المقبلة، في وقت يواصل "المرصد العراقي للحريات الصحفية ونقابة الصحفيين العراقيين الضغط بإتجاه إطلاق سراحه أو تنازل المشتكي عن تلك الدعوى القضائية".
وكان السوداني ادعى نهاية العام الماضي، أن "العراق ساحة خصبة ومتاحة لعمل المجتمع المدني والناشطين"، كما قال في شباط/فبراير 2023، إن المنهاج الوزاري لحكومته "تكفل بحماية الحريات العامة والخاصة وحريات أطياف المجتمع"
تضامن مع نعناع
تضامن العديد من الناشطين والإعلاميين مع قضية اعتقال نعناع، وأعربوا عن استغرابهم واستنكارهم لاعتقاله، وسط مطالبات بإطلاق سراحه.
وكتب مقدم البرامج التلفزيونية، عدنان الطائي، "أنا مع محمد نعناع لا يجوز اطلاقًا اعتقال أصحاب الرأي، هذا نذير شؤم لحزب سوداني الرجل لم يرفع سلاحًا ولم يهدد جهة ما. الكلمة لا تقابل إلا بمثلها.. والسؤال لا يرد إلا بالإجابة"، مختتمًا بوسم: #الحرية_لمحمد_نعناع.
انتقد إعلاميون وناشطون اعتقال محمد نعناع وسخروا من ادعاء الديمقراطية في العراق
في غضون ذلك، يقول شاهو القرة داغي، وهو محلل سياسي كردي، على صفحته في تويتر، "أنقذناكم من الديكتاتورية.. ولكن كل من يعترض أو ينتقد أو يقول بخلاف ما نريده سوف يتعرض للقنص أو الخطف أو الاعتقال ليكون عبرة لغيره.. وهذه ديمقراطيتنا.
رؤية قانونية
في الجانب القانوني، يقول علاء شون، إن "اعتقال نعناع بهذه الطريقة يعتبر انتهاكًا ومساسًا بالحريات وكذلك بقواعد العدالة الدولية والتي يجب على الحكومة احترامها والتي سبق للسوداني وأن تعهد بحمايتها واحترام الحريات وحقوق الصحفيين ووسائل الإعلام".
وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار، والكلام للخبير القانوني، أن هناك دعوى قضائية قد رفعها رئيس الوزراء قبل توليه المنصب بتهمة التشهير، والتي يجب أن يحقق فيها القضاء، وبعدها يتم إصدار الحكم فيها.
ويشير شون، في حديث لـ"ألترا عراق"، إلى أن "الدستور والقانون نصا على أن يتم التحقيق مع المتهم خلال 24 ساعة ويعرض على قاضي التحقيق ولا يجوز الاحتجاز بلا تحقيق أو قرار قضائي".
بالإمكان إطلاق سراح المحلل السياسي بكفالة وفق المادة القانونية التي أُعتقل على أساسها
ويتابع شون، حديثه قائلًا، إن "المادة القانونية التي أُوقف نعناع وفقها قابلة للكفالة ويمكن إطلاق سراحه بكفالة ضامنة تؤمن حضوره عند الطلب، ومن الأمور الأخرى هي أن رئيس الوزراء قد أقام دعوى مدنية طالب فيها بتعويض مادي عن الضرر فقط".
وينص قانون العقوبات في العراق لعام 1969 المعدل كما في (المادة 434)، على: "رمي الغير بما يخدش شرفه أو اعتباره أو يجرح شعوره وان لم يتضمن إسناد واقعة معينة وعقوبته الحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة مالية او بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقع السب علنًا بوسيلة من وسائل الإعلام عد ظرفًا مشددًا يستوجب رفع سقف العقوبة".
ويشير خبراء إلى أن الأحزاب السياسية تحكم بقوانين النظام السابق، وخصوصًا قانون العقوبات المعدل، وهو ما "لا يتلاءم مع النظام الديمقراطي".