الترا عراق - فريق التحرير
ظل ناشطون ومتابعون على مدى الأسبوع الماضي يتساءلون عن رئيس الحكومة، عادل عبد المهدي، الذي اختفى تمامًا على مدار أيام عدة، قبل أن يظهر مجددًا في اجتماع للمجلس الوزاري للأمن الوطني متوسطًا مجموعة من القادة الأمنيين.
أثار خطاب جديد لرئيس الحكومة سخرية عارمة وغضبًا كبيرًا بعد أن دعا المتظاهرين إلى العودة إلى منازلهم لأنه اضطر إلى تأجيل فعاليات معرض بغداد
بعد ذلك، أصدر عبد المهدي خطابًا مطولًا، يوم الأحد 3 تشرين الثاني/نوفمبر، أثار سخرية عارمة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، وغضبًا كبيرًا، حيث طالب المتظاهرين بالعودة إلى منازلهم لأنه اضطر إلى تأجيل فعاليات معرض بغداد، دون أن يتطرق إلى مطالب المحتجين أو قصة اختفاء الناشطة صبا المهداوي ومقتل شاب بقنبلة دخانية.
اقرأ/ي أيضًا: "حتى تحقيق المطالب".. الإضراب العام يسيطر على مشهد بغداد والمحافظات
نص الخطاب
قال عبد المهدي:
بسم الله الرحمن الرحيم
(رب اجعل هذا بلداً امناً وارزق اهله من الثمرات) صدق الله العلي العظيم
ياأبناء شعبنا الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مر شهر منذ أن اندلعت المظاهرات الشعبية والتي عمت محافظات العراق، خصوصًا بغداد والجنوبية منها. وقد عبّر الشعب عن رأيه بوضوح في نظامه السياسي والانتخابي وفي أداء الحكومة والإصلاحات المطلوبة سواء السياسية أو الحقوقية أو الخدمية. رافقت التظاهرات صور بهيجة ومفرحة عن رقي وأريحية العراقيين وتحولت التظاهرات إلى مهرجانات شعبية التحمت فيها القوات الأمنية والمتظاهرين في وحدة وتعاون رائعين حافظًا على شعبية التظاهرات وطابعها السلمي ولا يعكرها سوى آمرين،
الأول استمرار وقوع الضحايا من الطرفين وأن كان بأعداد أقل من الأيام العشرة الأولى، ولكن كل قطرة دم تراق فهي غالية ومؤلمة ويجب إيقافها.
والثاني استمرار تعرض أعداد من الخارجين على القانون للقوات الأمنية الساعية لحماية المتظاهرين والمصالح العامة والخاصة في البلاد. هذه الجماعات لا علاقة لها بالتظاهرات بل تتستر بها وتستخدمها كدروع بشرية للقيام بأعمال قطع الطرق والحرق والنهب والاشتباك بالقوات الأمنية مستخدمة قنابل المولوتوف والمنجنيق وحتى القنابل اليدوية والأسلحة النارية والسكاكين وغيرها. كلفنا لجنة تحقيقية برئاسة السيد وزير الصحة وجهات حكومية وغير حكومية للتحقيق في أنواع المعدات المستخدمة لدى القوات الأمنية عند دفاعها عن مواقعها، خصوصًا القنابر المسيلة للدموع. إذ ما زالت التعليمات مشددة بعدم استخدام الرصاص الحي أو أية أسلحة قاتلة، وأن القوات الأمنية لا تقوم بأية أعمال تعرضية أو هجومية بل تقف موقف الدفاع أمام هجمات الخارجين على القانون سواء لاقتحام حواجز القوات الأمنية في جسري الجمهورية والسنك وغيرهما، أو في الهجوم على المقرات والمصالح الحكومية والأهلية في بغداد والمحافظات.
وقد قامت القوات الأمنية بدعوة الكثير من المتظاهرين والنشطاء والمنظمات للمجيء إلى صفوف الصد الأمنية لرؤية حجم الهجمات وأساليبها وأعمال العنف التي يقوم بها الخارجون على القانون.
حققت المظاهرات الكثير من أغراضها ودفعت السلطات الثلاث لمراجعة مواقفها. فحصل حراك سياسي واسع، كما صدرت قرارات عديدة لتلبية الكثير من المطالب التي تقدم بها المتظاهرون. حصلت التظاهرات على دعم شعبي ومدني ونقابي كبير، وهزت المنظومة السياسية لتكون هذه التظاهرات من أهم الاحداث التي تبرهن أن الحريات هي مسؤوليات، وهي الأداة الأساسية بيد الشعب لتقويم حكامه والتعبير عن رأيه وتحقيق مطاليبه العادلة. لذلك دافعت المرجعية الدينية العليا عن التظاهرات السلمية، ولذلك يجب أن نستمر بحماية ودعم التظاهرات السلمية والتمييز بينها وبين الخارجين على القانون. ولقد التقيت بأعداد مهمة من المتظاهرين وشكرتهم على ضغطهم وأهمية نبذ العنف من أجل نجاح المطالب الإصلاحية واستمرار الضغط الشعبي السلمي على الحكومة والقوى السياسية لتتمكن من النجاح ضد نظام المحاصصة والامتيازات الخاصة والفساد ولتجاوز منهج التعطيل الذي يؤخر الانجاز الذي تطالبون به.
أيها الشعب الكريم.. لقد مر شهر تعطلت فيه المصالح والمدارس والجامعات وجزء رئيس للحياة العامة. وآن الأوان أن تعود الحياة إلى طبيعتها. لتفتح جميع الأسواق والمصالح والمعامل والمدارس والجامعات أبوابها. أما المظاهرات وغيرها من ممارسات قانونية للتعبير عن الرأي دون التأثير على الحياة والمصالح العامة والخاصة فأمرها متروك لكم فهذا حق من حقوقكم. فوجودكم في الميادين وتعبيركم عن الرأي يدعمنا في تقديم الإصلاحات وتنفيذها وهو من أهم عوامل الإصلاح والضغط أن جرت بشكل سلمي وقانوني.
الأهم هنا هو عزل المخربين عن حركتكم السلمية. لقد أجلنا معرض بغداد الدولي لفترة من الوقت بسبب الأوضاع.. وتأخرنا في الانتهاء من تقديم موازنة 2020. وكثير من الدول قلقة من أوضاع البلاد، كذلك أصحاب المشاريع التنموية وطنيًا وخارجيًا. ناهيك عن المصالح الداخلية التي توقفت بسبب الأحداث والتي تعرضت وتتعرض لخسائر كبيرة، مما يتطلب العودة السريعة لممارسة أعمالها بشكل طبيعي. فإن تهديد المصالح النفطية وقطع البعض الطرق عن موانىء العراق يتسبب بخسائر كبيرة تتجاوز المليارات، ويؤخر وصول البضائع، وهذا وغيره يرفع الأسعار التي يدفع ثمنها المواطنون كافة والفقراء خاصة ويعطل توفير فرص العمل ونمو الاقتصاد ويعرض المرضى للخطر بسبب إغلاق العيادات الطبية وعرقلة حركة سيارات الإسعاف، ويخسر بسببها الطلاب أيامًا دراسية مهمة مع الحاجة إلى إكمال المناهج والاستعداد للامتحانات خصوصا الوزارية منها ، ويؤخر إنجاز معاملات المواطنين من خلال تعطيل عمل الدوائر الخدمية ، ويقطع أرزاق الناس خصوصًا من أصحاب المحلات والعاملين بأجر يومي، ويضعف المساعي من أجل تحقيق العيش الكريم والعدالة الاجتماعية لهذا الشعب الكريم.
قلصنا ساعات حظر التجوال. فالأهم بالنسبة للحكومة هو عودة الحياة الطبيعية مع الحرص على حماية حقوق المواطنين بما في ذلك حق التظاهر السلمي في الأماكن المخصصة ومنع أعمال الحرق والاعتداء مهما كانت.
عاش العراق وعاش شعبه المضحي الاصيل،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سخرية وغضب.. وتناقض!
على الفور، بدأ الناشطون بالسخرية من خطاب عبد المهدي عبر صفحاتهم الشخصية، فضلًا عن صفحة رئيس الحكومة، التي شهدت خلال أقل من ساعتين عشرات آلاف التعليقات التي تهاجم عبد المهدي.
قال ناشطون ومراقبون إن خطاب عبد المهدي جاء ضمن الخطابات المستفزة، فيما تناقض الخطاب مع تصريحات الناطق باسم عبد المهدي
قال ناشطون، إن خطاب عبد المهدي يحمل تهديدًا بفض الاعتصامات في شوارع العاصمة والمحافظات بالقوة، فيما رأى أن جاء متسقًا مع سلسلة الخطابات "المستفزة" التي يواصل عبد المهدي تصديرها إلى الشارع الغاضب، والتي تزيد من حجم الاحتجاجات، وتسير برئيس الحكومة نحو نهايته، والتي لم يجري معالجتها على الرغم من تغييرات في المكتب الإعلامي لعبد المهدي.
اقرأ/ي أيضًا: فصائل مسلحة ترفع ورقة السيستاني بوجه الاحتجاجات.. والمرجعية ترد فورًا!
وجاء الخطاب متناقضًا مع تصريحات أدلى به الناطق باسم رئيس الحكومة عبد الكريم خلف، والتي قال فيها، اليوم، إن "الإضراب في بغداد فشل فشلًا ذريعًا"، حيث تحدث عبد المهدي من جانبه عن توقف الحياة والمدارس والجامعات، و"المعامل".
اقرأ/ي أيضًا:
قاسم سليماني في الخضراء ويترأس اجتماعًا أمنيًا بدل عبد المهدي!