الترا عراق - فريق التحرير
تفاعلت مجددًا خلال الأسبوع الماضي قصة الضابط علي شياع المالكي الذي اعتقل معممًا إيرانيًا في البصرة بتهمة المتاجرة بالمخدرات، على خلفية اعتقاله مرة أخرى بعد سجنه لنحو شهرين، مثيرًا جدلًا واسعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وسخطًا طال القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، ونائبين في البرلمان.
تفاعلت من جديدة قضية الضابط في جهاز مكافحة المخدرات علي شياع المالكي بعد كشفه عن تعذيب تعرض له وصدور أمر اعتقال جديد بحقه
جاء التوقيف الجديد للمالكي بعد يوم واحد على ظهوره في لقاء متلفز كشف فيه تفاصيل عملية إلقاء القبض على ما عُرف لاحقًا بـ"المعمم الإيراني" في منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران، في منتصف آيار/مايو الماضي "بناءً على أمر رسمي"، حيث قال إن وزارة الداخلية اتهمته، بعد توقيفه، إثر الضجة التي أثارها الموضوع حينها، بـ "تخريب علاقات العراق الدولية والارتباط بدولة قطر"، فضلاً عن تعرضه "للضرب والإهانة".
اقرأ/ي أيضًا: حظر "بوبجي" لتحريضها على العنف.. ماذا عن الميليشيات والأحزاب؟!
وتحدث الضابط في اللقاء عن ظاهرة تفشي المخدرات في البصرة، مشيرًا إلى أن "70% من شبابها من المدمنين ما أدى إلى انتشار زنا المحارم وتقديم بعض المدمنيين زوجاتهم إلى تجار المخدرات ليلة كاملة مقابل كمية من المخدرات"، على حد تعبيره، كما أكد أن المخدرات دخلت إلى "كليات شط العرب وباب الزبير في المحافظة"، مبينًا أن " المعمم الإيراني كان يروم حينها تهريب العملة الكويتية التي ضُبطت بحوزته إلى العراق واستبدالها بعملة أخرى".
كما استغرب ربط الموضوع برمته بـ"العمامة الدينية" واعتبار المتهم ممثلًا لبلاد بأكملها على الرغم من كونه شخصًا عاديًا و"سيئًا"، مؤكدًا أنه عامله بـ"تقديس واحترام" خلال عملية القبض عليه لـ "كونه يرتدي زي رجال الدين"، فيما برر تصوير عملية الاعتقال بأنه "سياق متبع في العمل الأمني، كما أن هناك وسائل إعلام تعرض إجراءات كشف دلالة لجرائم كثيرة".
وعلق الرائد المالكي، على معلومات تفيد بوجود نية حكومية بمعاقبته عبر نقله إلى موقع أدنى من مديرية مكافحة المخدرات، حيث رأى أن ذلك يعني "تسهيل استهدافه لمن يريد ذلك"، كما كشف أن المعمم الإيراني كان قد طالبه بمبلغ 55 ألف دولار مقابل التنازل عن الدعوى التي أقامها ضده.
كشف الضابط أيضًا، أن النائبين كاظم الصيادي ورئيس كتلة تحالف الإصلاح والإعمار صباح الساعدي لعبوا "وساطة قضائية" للإفراج عن المعمم الإيراني على الرغم من اعتراف الأخير بتورطه بتجارة المخدرات ووجود أدلة تدينه، على حد قول الضابط، مبينًا أن "النائبين حملا إليه الدجاج والملابس في المعتقل قبل أن يخرج بكفالة مالية"، فيما أوضح أن رئيس اللجنة الأمنية في مجلس البصرة جبار الساعدي طلب منه (الرائد علي المالكي) "الاعتذار" للقنصل الإيراني في المحافظة لكونه "زعلان".
قال المالكي إن الصيادي والساعدي تدخلا للإفراج عن "المعمم الإيراني" وأن ضابطًا ضربه بتوصية من المعمم الآخر واثق البطاط
بعد ذلك الحديث، ظهر المالكي في مقطع مصور قال فيه إن أمرًا جديدًا صدر بتوقيفه بسبب "انزعاج" كاظم الصيادي وصباح الساعدي، وهو ما دفعهم إلى "الضغط" على مسؤوله الأمني من أجل توقيفه مرة أخرى، فضلًا عن رئيس اللجنة الأمنية في البصرة الذي نفى روايته بشأن القنصل الإيراني، مشددًا أن الرواية صحيحة ويمكن التحقق منها من خلال الرجوع إلى شركة الاتصالات "آسياسيل".
"نعي الضابط العراقي الغيور"
على مواقع التواصل، أطلقت صفحات وناشطون وسومًا "هاشتاغات" للتضامن مع الرائد علي المالكي، وفيما عدّوه مثالًا لـ "الضابط العراقي الغيور على وطنه وشبابه، المُحارَب من قبل الأحزاب السياسية"، فأنهم انتقدوا "تغلغل الميليشيات في وزارة الداخلية"، في إشارة إلى ماقاله المالكي عن تعرضه لـ"الضرب من قبل شخص -يقول ناشطون إنه ضابط برتبة عقيد- كهدية من زعيم جيش المختار واثق البطاط الذي هدده بالقتل".
اقرأ/ي أيضًا: ضابط محتجز.. هدده معمم وحمته العشيرة!
آخرون انتقدوا "صمت" رئيس الحكومة عادل عبد المهدي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية وكالةً عن هذه القضية، على الرغم من حساسيتها وأهميتها حيث "سيمتنع الضباط" عن ملاحقة المجرمين والمطلوبين بعدما جرى للرائد المالكي والذي قال بدوره، إنه "صار عبرةً للضباط الذين يتبادلون النصائح بضرورة عدم توريط أنفسهم بتنفيذ واجبات خطرة".
بدورهم، ربط متفاعلون حجم المضايقات التي تعرض لها الضابط بالجنسية الإيرانية التي يحملها المعمم، في إشارة إلى نفوذ إيران في البلاد، عادين أن القانون لا يطبق سوى على "أصحاب الستوتات والدراجات النارية"، وفيما تباينت تعليقات أخرى بين دعوات إلى حماية الضابط عشائريًا وأخرى "تأسف" لاضطرار "رجل القانون" إلى الاستعانة بالعشيرة لتأمين الحماية له ولعائلته، "بشّر" آخرون النائبين كاظم الصيادي وصباح الساعدي اللذين "تدخلا لمساعدة المعمم الإيراني" بالخسارة في الانتخابات القادمة، ساخرين من انتقاداتهما "الكثيرة" للفساد والتدخلات السياسية بعمل المؤسسات الحكومية في وسائل الإعلام.
"يد الأحزاب تكبل أشرس الضباط"!
غالبية المتفاعلين مع الأمر، اتفقوا مع حديث الرائد علي المالكي بأن "الضابط العراقي من أشرس وأذكى الضباط على مستوى العالم، ويمتلك القدرة على إعادة الأمان المفقود فقط لو لم تتدخل الأحزاب السياسية وأعضاء مجالس المحافظات بعمل المؤسسة الأمنية وتسييس واجباتها، إضافة إلى تنصيبهم المسؤولين فيها بناءً على انتماءتهم السياسية"، فيما تساءل قسم منهم عن مدى "سطوة" هذه الأحزاب على المواطن العادي في ظل هكذا حجم من القدرة على المؤسسات الأمنية والتحكم بها.
كما أن انتقادات وجعت إلى الضابط المالكي نفسه، لاستخدامه لهجة التهديد العشائري في لقائه المتلفز، وهو ما عزاه بعضهم إلى "الضغوط النفسية" التي يتعرض لها و"صعوبة موقفه وتعرض حياته وعائلته لخطر كبير"، لينتهوا بالنتيجة إلى تحميل الحكومة مسؤولية ذلك.
حمل متفاعلون الحكومة ورئيسها مسؤولية ما يتعرض له الضباط "غير الفاسدين" وهيمنة الأحزاب والميليشيات على الأجهزة الأمنية في البلاد
ولا تزال قضية الرائد على شياع مفتوحة على الرغم من إطلاق سراحه، مساء الجمعة 21 حزيران/يونيو، بـ"وساطة وتدخل" القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، حيث أكد شيخ عشيرة بني مالك في البصرة ضرغام المالكي أن "القضية لم تغلق بعد".
اقرأ/ي أيضًا:
نشطاء الاحتجاجات المغيبون قسرًا.. لا خبر جاء ولا وحي نزل!
220 انتهاكًا ضد صحفيين عراقيين في 2018.. "ديمقراطية العصبيات" تعبر عن نفسها!