في آيار/مايو الماضي، كان أحمد ربيع "اسم مستعار، وهو في الحادية عشر من عمره، يقف بالقرب من منزلهم بحي الشهداء في مدينة الفلوجة. في تلك الأثناء، كانت المعارك محتدمة بين القوات الحكومية العراقية والقوات المعارضة لها. عندما قصفت مدفعية القوات العراقية المدينة، سقطت قذيفة صاروخية فتسببت في إصابة بقدم أحمد.
لا تزال أوضاع النازحين في العراق ترسم صورة عن ضعف الجهد الحكومي العراقي في ملف إغاثتهم
رفض تنظيم "داعش" علاجه بسبب رفض ذويه من الرجال الانتماء للتنظيم وحمل السلاح معهم. بقي يُعالج بطرق بدائية لسبعة أيام حتى تمكن مع عائلته من الهرب عبر نهر الفرات. في النهر ولأنه مصاب في قدمه اليُسرى، غرق. ركض باتجاهه جندي عراقي فأنقذه.
اقرأ/ي أيضًا: الجوع.. سلاح داعش للسيطرة على سكان الفلوجة
أحمد ربيع يعيش الآن في مخيم عامرية الفلوجة، غرب بغداد. أوضاعه مع الآلاف من النازحين هناك "سيئة". نقص في الغذاء والدواء والمستلزمات الحياتية الأخرى. لا يجد هذا الطفل ضمادًا لجروحه إلا كل يومين أو ثلاثة، عندما تأتي سيارة إسعاف حكومية لاستبدال ما لف به جرحه.
ولا تزال أوضاع النازحين في العراق ترسم صورة عن ضعف الجهد الحكومي العراقي في ملف إغاثتهم، فمدينة الفلوجة التي شهدت معارك على مدى 33 يومًا تقريبًا، نزح منها ما يقارب التسعين ألف نسمة، وهو رقم صغير مقارنة بالعدد الكلي للنازحين، لكن رغم ذلك لم يتوفر لهم شيء.
المساعدات المقدمة من الحكومة العراقية غير موجودة على الأرض. مجرد أرقام تذاع عبر وسائل الإعلام، لكن ما يحدث ميدانيًا تابع للنشاطات المدنية التي تقوم بها حملات تطوعية شبابية، في مقابل ذلك هناك جهد من وكالات الأمم المتحدة، لكن كل ذلك لم يكن كافيًا.
يقول سعد الحديثي، وهو المتحدث باسم رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، لـ"الترا صوت": إن "العبادي أعطى أولوية في معارك التحرير للمدنيين قبل وبعد نزوحهم، وشدد على ضرورة أن تقدم المساعدات لهم، لكن رغم ذلك يبقى العراق بحاجة إلى دعم الأمم المتحدة باعتباره يمر بوضع اقتصادي متدهور".
في 2014، شكلت الحكومة العراقية "اللجنة العليا لإغاثة النازحين"، وخصصت لها ملايين الدولارات، لكن هذه اللجنة شابها الفساد
اقرأ/ي أيضًا: عراق ما بعد داعش
نهاية العام الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أنها خفضت نسبة المساعدات الإنسانية في العراق إلى 80% بسبب عدم وجود تمويل أو موارد مالية لها يُمكنها من خلالها تقديم المساعدات للعراق، هو ما تسبب بأزمة إنسانية كبيرة. وتحمل عضو لجنة المهجرين في مجلس النواب العراقي، لقاء وردي، الحكومة العراقية مسؤولية ما يتعرض له النازحون من أوضاع إنسانية صعبة، "وعدم قدرتها على استيعاب الأعداد التي نزحت من المدن العراقية والتي يتواجد أغلبها في العراء".
عندما بدأت موجة النزوح العام 2014 بعدما سيطر تنظيم "داعش" على مدينة الموصل، شكلت الحكومة العراقية لجنة أسمتها "اللجنة العليا لإغاثة النازحين"، وخصصت لها ملايين الدولارات، لكن هذه اللجنة شابها الفساد وخرجت عنها وثائق تدل على التلاعب بأموال النازحين، حيث صرفت الأموال ولا أحد يعرف أين.
وصل عدد النازحين العراقيين إلى أربعة ملايين ونصف المليون نازح، ومن المتوقع أن يصل الرقم إلى خمسة ملايين ونصف المليون مع بدء العمليات العسكرية لتحرير مدينة الموصل، وهذا اختبار جديد للحكومة العراقية من أجل الاستعداد الحقيقي لإغاثة النازحين عبر فرق إغاثة وتوفير متطلبات الحد الأدنى من العيش الكريم.
اقرأ/ي أيضًا: