25-سبتمبر-2023
الدولار والمواد الغذائية في العراق

المستورد بالسعر الرسمي لم يتأثر بأزمة الدولار في العراق (ألترا عراق)

وسط تفاقم أزمة الدولار في العراق، وشكاوى المواطنين منها، نقلت الوكالة الرسمية، اليوم، 25 أيلول/سبتمبر، عن رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، قوله، إنّ "أسعار المواد الغذائية لم تتأثر بأسعار الدولار"، وهو ما يطرح أسئلة حول صحة التصريح وحقيقته في الأسواق. 

قال اقتصاديون إن المواد الغذائية لا تتأثر بالدولار الآن بشكل مباشر بقدر تأثرها بأسعار مصدر السلع وتكاليف النقل والشحن

ويتحدث الخبير الاقتصادي، منار العبيدي، عن فترتين مرت على سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي وتأثيرها على أسعار المواد الغذائية، مبينًا أن "ما قبل المنصة الالكترونية التي اعتمدها المركزي لتمويل الطلبات تختلف عما بعدها".

وقال العبيدي، في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "الأساس في معرفة مدى تأثير سعر الصرف على أسعار المواد الغذائية هو بيانات وزارة التخطيط بما يخص قياس مستوى التضخم بالمواد الغذائية، حيث لم يرتفع، لأن الجزء الأكبر منها يتم استيراده من قبل الدولة بعيدًا عن السوق".

وأضاف أنّ "أغلب التجار اليوم دخلوا المنصة الالكترونية للبنك المركزي ويأخذون الدولار بسعر 1320 دينارًا، ولذلك لم يتأثروا بسعر السوق الموازي"، مشيرًا إلى أنّ "المواد الغذائية لا تتأثر بالدولار الآن بشكل مباشر بقدر تأثرها بأسعار مصدر السلع وتكاليف النقل والشحن". 

وقبل بدء العمل بالمنصة الالكترونية ـ والكلام للعبيدي ـ كان للدولار تأثيرًا كبيرًا وانعكاسات على الطبقة الهشة نتيجة ارتفاع أسعار مختلف المواد وتحديدًا المواد الغذائية الرئيسية، مستدركًا بالقول: "لكن بالمحصلة سعر الدولار لا يمثل أهمية للمواطن العراقي البسيط بقدر أهمية ارتفاع أسعار المواد الرئيسية وارتفاع نسب التضخم".

وفي العراق، فإنّ أساس استيراد المواد الغذائية من تركيا إيران، لكنّ أكثر المواد تأثرًا كانت قبل دخول المنصة الالكترونية، وهي الطحين واللحوم والخضراوات، كما توجد تأثيرات النقل والكلف التشغيلية، وفقًا للعبيدي الذي أكد أنّ "تخفيف التأثر بعد العمل بالمنصة جاء نتيجة حزم الدعم للاستيراد بالسعر الرسمي للدولار وتوفيره للتجار". 

قال اقتصاديون إن 25 % من تجارة العراق متأثرة بسعر الصرف الموازي المرتفع

وعلّق الباحث الاقتصادي، نبيل جبار العلي، على تصريحات رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، بالقول إنّ "الحديث عن ذلك صحيح جزئيًا". 

ويقول العلي لـ"ألترا عراق"، إنّ "تطورات وتذبذبات سعر صرف الدولار حاليًا ربما تأثيرها محدود على الأسعار العامة للسلع والبضائع"، معللًا ذلك بأنّ "75 % من إجمالي السلع والبضائع المستوردة للعراق تكون بسعر صرف الدولار الرسمي المحدد من البنك المركزي، حيث "ضبطت المنصة الالكترونية حوالات التجار بالسعر الرسمي"، مستدركًا بالقول: "لكن 25 % من تجارة العراق متأثرة بسعر الصرف الموازي المرتفع".

وتوقع العلي "استقرار أسعار الأسواق بالاستناد إلى التغير الجاري بطبيعة الحوالات الخارجية، لأن الحكومة والمركزي قد سمحا للتجار والأفراد بدخول المنصة الالكترونية من أجل تمويل طلباتهم على الدولار".

وبحسب العلي، فإنّ "هذا الإجراء أصبح يمثل تشجيعًا على تمرير الحوالات دون قيود وبنفس الوقت بالسعر الرسمي المفروض، وبتسهيلات تخفف الضغط على السوق الموازي".

قال خبير اقتصادي إن الولايات المتحدة رفضت مقترح استخدام سلة من العملات كاليورو واليوان الصيني والدرهم الإماراتي بدلًا عن الدولار

وقال التميمي إنّ "البنك المركزي العراقي مستمر بالسعي لزيادة مبيعات الدولار النقدية من أجل امتصاص الصعود بالدولار عبر زيادة العرض"، مؤكدًا أنّ "الخطوات الحالية ستخفض سعر الصرف قريبًا لأن الإجراءات المتبعة صحيحة وستجبر السوق الموازي على التراجع".

لكنّ الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، قال إنّ الدينار العراقي مستمر بتراجعه أمام صعود الدولار الأمريكي في السوق الموازي، فيما أشار إلى "كونه يمثل دلالة على الرفض الأمريكي لاستبدال الدولار بسلة العملات للتعامل التجاري بين العراق وإيران". 

ويقول المرسومي لـ"ألترا عراق"، إنّ "مواصلة انخفاض سعر صرف الدينار مقابل الدولار في السوق الموازي يوحي بأن الولايات المتحدة قد رفضت مقترح استخدام سلة من العملات كاليورو واليوان الصيني والدرهم الإماراتي بدلًا من الدولار  في تسوية المبادلات التجارية بين العراق وإيران".

وبحسب المرسومي، فإنّ "الرفض هو لعدم تسديد قيم البضائع الإيرانية المصدرة إلى العراق"، مضيفًا أنّ "الولايات المتحدة ربما اعتبرت تطبيق سلة العملات بين العراق وإيران بدل الدولار، انتهاكًا للعقوبات الأمريكية على طهران، مثلما فعلت ذلك مع اتفاق المقايضة بين النفط العراقي والغاز الإيراني".

ويرى المرسومي أن هناك حذرًا من "ذهاب البنك المركزي العراقي لفتح قنوات التحويل بعملات مختلفة منها الدرهم الإماراتي، والليرة التركية، والروبية الهندية، واليورو  لغرض تسهيل وتسريع المعاملات المالية"، مؤكدًا أنّ "هذه الخطوة من الجانب النظري ستقلل من تكاليف الاستيراد وتحمي أسعار الصرف داخل العراق من مخاطر التذبذب، لكنها ستترك آثارها على الاقتصاد العراقي الذي سيواجه خطر ارتفاع أسعار السلع والبضائع الأجنبية المرتبطة مباشرة بارتفاع وانخفاض أسعار الدولار عالميًا".

وأضاف أنّ "هذا القرار سيواجه تحديات عدم توفر العملة الصينية والعملات الأخرى في المصارف العراقية، ما يعني أنّ البضائع التي سيشتريها العراق من الصين والدول الأخرى، ستُحتسب بعملتها، لكنه سيتم تسديد قيمتها بالدولار، لأن البنوك العراقية لا تمتلك ما يكفي من العملات الأجنبية لتسوية معاملاتها التجارية".

ومع أن العراق بدأ بتنويع احتياطاته النقدية قبل 6 سنوات، وفق المرسومي الذي يستدرك: "لكن الغلبة للدولار لكون إيرادات النفط بالدولار، ولا يملك سوى القليل من العملات المذكورة، إذ يحاول العراق اليوم إعادة قيمة الدينار من خلال استراتيجية باتت تتبعها بنوك رسمية أخرى في الشرق الأوسط".

قال خبير اقتصادي إن الدينار العراقي مستمر بتراجعه أمام صعود الدولار الأمريكي في السوق الموازي

ومن الصعب على العراق ـ والكلام للمرسومي ـ التحرر من الدولار واللجوء للعملات الأخرى "ما دام النفط يسعر بالدولار والصادرات النفطية هي المهيمنة على الصادرات العراقية في ظل الاختفاء التام تقريبًا للصادرات غير النفطية".