الترا عراق - فريق التحرير
منذ تشكيل الحكومة بدأ الحديث عن الدرجات الخاصة التي تدار بالوكالة وضرورة حسمها، سيما وأن البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء عادل عبدالمهدي يتضمن ذلك، بالإضافة إلى أن إنهاءها يستهدف الدولة "العميقة" التي يتهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بتأسيسها.
تتجاوز الدرجات والوظائف الخاصة 4 آلاف موقع ووظيفة منها 450 درجة سيادية بدأت الكتل حراك تحاصصها
تتجاوز تلك الدرجات أو الوظائف الرفيعة 4 آلاف موقع في مؤسسات الدولة ووزارتها، فيما تبلغ السيادية منها نحو 450، وعند التصويت على قانون الموازنة، في كانون الثاني /يناير 2019، دخلت المفاوضات بشأنها حيز التنفيذ حيث حدد القانون 30 حزيران/يونيو موعدًا نهائيًا لإنهاء إدارتها بالوكالة. وأضاء هذا الحديث زاوية معتمة في خارطة الفساد، واستغلال المناصب حيث لم تعهد الساحة مناقشة هذه المناصب وآليات توزيعها منذ سنوات، حين تم تقاسمها بصمت.
اقرأ/ي أيضًا: المعارضة السياسية.. دور المُحاسِب أم ضغط للمكاسب؟
يرى مراقبون، أن الدرجات الخاصة تمثل أهمية تفوق الحقائب الوزارية، حيث يشترط قانون الموازنة إسنادها أصوليًا من خلال تصويت البرلمان إلى مرشحين، ما يمنحهم حصانة تحول دون فقدان الدرجة الوظيفية في حالة الإعفاء أو النقل من المنصب، بالإضافة إلى أنهم بعيدين عن الأضواء ويتمتعون بصلاحيات واسعة، توفر حزمة مكتسبات لكتلهم، تبدأ من العقود والتوظيف وتنتهي بإمكانية أن يكونوا حجر عثرة في طريق الوزير أن أرادوا ذلك.
المرحلة الأولى
خلال الفترة الماضية تعددت الروايات بشأن آليات حسم هذه المناصب في ظل عدة ملفات معلقة بين الكتل السياسية، لكن مصادر أكدت أن بيضة القبان في تسوية المفاوضات بشأن الدرجات الخاصة كانتا كتلتي الفتح وسائرون، وهو ما أثبته تدشين الأخيرة الدرجات الخاصة بعد تصويت البرلمان على حميد الغزي أمينًا عامًا لمجلس الوزراء، لتهرول بعدها كتل سياسية أخرى سعيًا لتحاصص إدارة دوائر الدولة.
ووفقاً للوثائق التي اطلع عليها "ألترا عراق"، فإن تحالف سائرون التابع للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر ظفر بـ 7 مناصب، فيما كان نصيب منظمة بدر بزعامة هادي العامري 3 مناصب ومثلها لحركة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، بالإضافة إلى 6 مناصب خصصت لاتحاد القوى بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، و4 مناصب لكل من الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والحزب الإسلامي بزعامة أياد السامرائي، و5 مناصب لتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم والذي أعلن المعارضة مؤخرًا.
كشفت وثائق مسربة عن توزيع "الوجبة الأولى" من الدرجات الخاصة ونالت سائرون "المطالبة بالإصلاح" حصة الأسد منها
فيما غابت حصة ائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي، الذي كان قد أصدر عدة بيانات هاجم فيها "صفقة تقاسم المناصب"، وأعلن رفضه توزيع مناصب الدولة وفقًا للمحاصصة، كما غاب أيضًا اسم ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي الذي تتهمه قوى سياسية بالاستحواذ على تلك المناصب خلال ولايتي رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
الاحتجاجات.. الإصلاح!
جاءت الصفقة ضربة قاصمة لآمال شريحة واسعة من المواطنين والناشطين التي علقوها على كتلة سائرون التي تخضع بشكل مباشر لتوجيهات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر "الداعي إلى الإصلاح وإنهاء المحاصصة". كان أبرز شعارات الكتلة الانتخابية الوقوف بوجه المحاصصة وترجمة مطالب المحتجين الذي تظاهروا على مدى سنوات، ومكنتها من نيل أكثر من 50 مقعدًا برلمانيًا.
ويرى الباحث أمير عبد العزيز، أن مشاركة كتلة سائرون في عملية تقاسم الدرجات الخاصة كانت من ثمار التظاهرات مطالبًا إياهم بقول ذلك بصراحة. وقال عبدالعزيز عبر صفحته في فيسبوك،: "قد يجد المطالبون بهذه الدرجات ألف عذر و عذر من أجل الحصول عليها، تبدأ من دعم التكنوقراط في الوصول إلى مراكز القرار، ولا تنتهي بكذبة القضاء على الدولة العميقة، لا بأس ، فسائرون الفائز الأول في الإنتخابات، و له حصة الأسد وفقاً لمبدأ المحاصصة".
مثلت الصفقة الجديدة "ضربة قاصمة" لآمال علقها كثيرون على تحالف الصدر لإنهاء المحاصصة ومكافحة الفساد
وأضاف،: "المشكلة في الكذب، قولوا للناس: هذه حصّتنا، هذا سهمنا من الكعكة، هذه ثمار سنوات من تظاهرات الفقراء المضحوك عليهم، قولوا : نريد إزاحة دولة عميقة لنحلّ محلّها، قولوا: ولغت أيدينا بالمال السّحت فاستمرأته، كونوا شجعانًا، كونوا ذوي لسان واحد".
فيما تساءل المدون حسن الخرسان، عن مصير المعارضة والتكنوقراط المستقل والابتعاد عن المحاصصة في حال كانت الأسماء التي أنتشرت صحيحة.
كان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وجه انتقادًا، إلى تحالف سائرون حول ما وصفه بـ "التكالب" على المناصب في مجلس النواب، داعيًا الى تفويض رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي إتمام الكابينة الوزارية خلال عشرة أيام.
اقرأ/ي أيضًا: حرب "الدرجات الخاصة" وتقاسم المناصب.. الحنطة أبرز ضحاياها!
من جانبه علق الناشط نصير غدير عبر فيسبوك بالقول،: "أهووو ردينا لخدعة التظاهرات الانتهازية الي تضحك على الشعب بحجة تحقيق الإصلاح من ساحة التحرير، وكأنه دماء الشباب الي ضيعوها قبل والي راح تضيع مو مهمة بقدر تمسكهم هم وحلفاؤهم بالسلطة بابا افتهموا انتو فزتو بانتخابات ثمانين بالمئة من الشعب لم يشارك بها، والعشرين بالمئة الباقية جيفة التزوير بيها لهسه خانگتنا والبارحة انفجرت جثة من جثثها علينا وصرتو مسخرة للرايح والجاي"، متسائلاً، "شو محاصصتكم أنگس من الي طلعتو ضدها، على شنو تتظاهرون؟ يعني مهيمنين على السلطة وماخذين حقنا بالمعارضة؟!".
أثارت الصفقة ضجة وغضبًا كبيرين عبر الصفحات الناشطة في فيسبوك والكثير من علامات الاستفهام
تعليق الناشط جاء في ظل الدعوات الجديدة للتظاهر التي بدأتها "تنسيقية الاحتجاجات" في البلاد، للمطالبة بالإصلاح والخدمات.
فيما رأى الإعلامي سعدون محسن ضمد الصفقة، جزءًا من "مخطط تخريبي خبيث وشرير" وكتب في منشور له عبر فيسبوك،: "اعترضنا على المالكي لانه تولى تعيين شاغلي هذه الدرجات، وقلنا وقتها أن ذلك سيبقيهم طوع أمره، لخوفهم من أن يستبدلهم. أي أننا أردنا أن نحررهم من ضغط وابتزاز رئيس الوزراء، ولم يدر في خلدنا أن اعتراضنا ذاك سيؤدي إلى استعباد شاغلي هذه الدرجات من قبل من لا نثق بهم ونتهمهم بالفساد ونهب المال العام!!".
وتساءل،: "لماذا يجري اختيار شاغلي هذه الدرجات بالغرف المظلمة؟ لماذا لا يتم الإعلان عن الدرجات؟ لماذا لم توضع معايير محددة من أجل الترشح لها؟ لماذا تعتقدون أن الدولة غنيمة؟، ولكم والله ملينا، والله طلعت رواحنا، والله بزَّعتونا!! شنو من ملّة انتم؟".
نفي متأخر
إثر الضجة الكبيرة والسخط اللذين أثارتهما الوثائق المسربة، وبعد مرور نحو 12 ساعة تحولت القضية إلى "ترند" في فيسبوك، سارعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء عند منتصف ليل أمس الثلاثاء 18 حزيران/يونيو، إلى نفي تلك الوثائق.
وذكر بيان للأمانة أطلع عليه "ألترا عراق"،: "تنفي الأمانة العامة لمجلس الوزراء ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي، بشأن صدور قوائم تضم أسماء يُدعى ترشيحها الى المناصب العليا، وفي الوقت الذي تؤكد فيه الأمانة عدم صحة ما تداولته تلك الوسائل من أسماء، تؤكد حرص مجلس الوزراء على إنهاء ملف المناصب العليا واختيار المرشحين على وفق معايير الكفاءة والنزاهة من خلال لجنة شكلت لهذا الغرض"، لكن ناشطين وإعلاميين عدوا النفي محاولة لامتصاص نقمة الشارع ثم تمرير الصفقة كما في الكثير من المناسبات السابقة.
باتت الرئاسات والمؤسسات تعمد إلى "نفي الحقائق" التي تدينها بعد ارتكابها "هربًا" من غضب الشارع والسوشيال ميديا
يشار إلى أن الرئاسات والمؤسسات المسؤولة باتت تنتهج أسلوب نفي "الوقائع المؤكدة" وتلجأ إلى اتهام وسائل الإعلام بـ "نشر أخبار مزيفة" وتدعوها إلى "تحري الدقة"، كمحاولة لتجنب الغضب الشعبي والانتقادات عبر مواقع التواصل كما في حادثتي منح النواب المستبعدين حقوق نواب سابقين وإطلاق سراح نجم الدين كريم.
اقرأ/ي أيضًا:
بين "سائرون" و "الفتح".. القصة الكاملة لصفقة المناصب السيادية وغيرها!
الغزي أحدهم.. تصدير مسؤولين محليين من الجنوب إلى بغداد: هل نجحوا هناك؟