الترا عراق - فريق التحرير
في دعايته لحكومة محمد شياع السوداني، تصدر ملف سعر صرف الدولار قائمة "إصلاحات" تعهد بها الإطار التنسيقي على المستوى الاقتصادي، بعد أشهر استثمرت فيها منصاته قرار خفض قيمة الدينار لمهاجمة كابينة مصطفى الكاظمي على الرغم من أنّ الإجراء نال حينها اتفاق جميع الكتل السياسية الشيعية، وفق وزير المالية الأسبق علي عبد الأمير علاوي.
تعيش قوى الإطار موقفًا محرجًا إثر الإرباك غير المسبوق في سوق العملة مع الأسابيع الأولى من عمر حكومة السوداني
ومع مرور شهرين فقط من عمر الحكومة، يعيش سوق العملة إرباكًا غير مسبوق دعا التجار والصيرفيين إلى إيقاف عمليات بيع الدولار في ظل تفاوت متسارع، على أمل الحد من خسائر جسيمة محتملة، الأمر الذي وضع قوى الإطار ومنصاته في موقف محرج، ليلجأ سريعًا إلى "نظرية المؤامرة".
"يريدون إسقاطنا"!
وتقول زينب الموسوي النائب عن كتلة "صادقون"، الجناح السياسي لحركة "عصائب أهل الحق"، في حديث لـ "الترا عراق"، إنّ "أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار ناجمة عن المضايقات الأمريكية التي تهدف إلى إسقاط حكومة السوداني وإحراجها أمام الشعب العراقي، من خلال بعض العقوبات على المصارف الأهلية، وأيضًا المضاربين في الأسواق".
وتضيف، "نحن في الإطار التنسيقي في مقدمة الكتل السياسية في العراق التي كانت تقف بالضد من خطوة رفع سعر صرف الدولار التي اتخذتها الحكومة السابقة"، مشيرة إلى أنّ "الإطار ما يزال على هذا الخط مع الفقير لا ضده، وتحركاتنا ستكون عملية أكثر مما هي نظرية لدعم العملة العراقية".
وكشفت الموسوي، أنّ "الخطوات الواقعية ستكون من خلال استضافة محافظ البنك المركزي، أو الجهات الأخرى ذات العلاقة لرسم سياسة نقدية صحيحة للبلاد".
"السوداني في مآزق"!
محافظ البنك المركزي مصطفى مخيف كان قد أكّد في جلسة طارئة للمجلس الوزاري للاقتصاد، عقدت مساء الأربعاء 28 كانون الأول/ديسمبر، اتخاذ إجراءات لـ "السيطرة على السياسة النقدية، والحد من ارتفاع سعر صرف الدولار في الأسواق المحلية".
وقال مخيف، وفق بيان حكومي، إنّ "الإجراءات المتخذة ستسهم في تحقيق الاستقرار النقدي في العراق"، مؤكدًا "حرص واستعداد البنك لتغطية الاعتمادات المستندية والخاصة باستيراد المواد الغذائية بشكل كامل، وتوفير العملة الأجنبية للمواطنين".
وشملت الإجراءات منح المواطنين الراغبين بالسفر حق شراء الدولار من مصارف حكومية بسعر 1455 دينار، لكن "الأزمة ما تزال خطيرة" على حد وصف رئيس كتلة حقوق في مجلس النواب سعود الساعدي.
تطالب كتلة "كتائب حزب الله" بسحب جزء من احتياطي البنك المركزي العراقي الموجود في البنك الفيدرالي الأمريكي
ويتهم الساعدي في حديث لـ "الترا عراق"، جهات داخلية وخارجية بالوقوف وراء الأزمة "التي وضعت حكومة محمد شياع السوداني في موقف لا يحسد عليه"، مبينًا أنّ "هذه الأزمة تؤثر بشكل كبير على المواطنين العراقيين الذين لا يتحملون المزيد من الافقار نتيجة الضغوطات الخارجية"، مبينا أنّ "الأزمة ناجمة عن جانبين أحدهما داخلي سياسي، والآخر خارجي أمريكي".
"مبارزة الفيدرالي الأمريكي"!
ويقول الساعدي، "نحن نسعى لسيادة القرار الاقتصادي والسياسي والسيادي بمجمل أركانه، وقد قدمنا مبادرة بسحب جزء من احتياطي البنك المركزي العراقي الموجود في البنك الفيدرالي الأمريكي، كما طالبنا بتقديم لائحة من الحكومة ووزارتها لمطالبة الولايات المتحدة بإرسال كافة المبالغ الناتجة عن بيع النفط الخام، فضلاً عن عقد جلسة نيابية لمناقشة موضوع خفض الدولار وإقرار مشروع قانون لتحديد الدولار بمبلغ 1300 دينار للدولار الواحد".
ويشدد رئيس كتلة "حقوق" الجناح السياسي لحركة "كتائب حزب الله"، أنّ "كتلته قد تتخذ خطوة لتقديم طلب لاستجواب محافظ البنك المركزي حول الأزمة الحالية"، مطالبًا حكومة السوداني بـ "مصارحة الشعب حول أسباب الأزمة".
ويبيّن الساعدي، أنّ "الحكومة الحالية ورثت الأزمة من الحكومة السابقة التي ارتبطت بتعاقدات مع البنك الدولي واقترضت من المؤسسات الدولية بحجة أزمة انخفاض النفط، رغم الوفرة المالية، وفرضت سعر صرف دولار بـ 1455 دينار للدولار الواحد في قانون موازنة عام 2021"، مشيرًا إلى أنّ "الأزمة الآن ناجمة عن بعض الإجراءات الأمريكية التي تتعلق بالفوائد الأمريكية والسندات المحولة من الأموال العراقية والتي دخلت في أسواق المضاربة العالمية".
ويؤكّد الساعدي، أنّ "الحلول التي قدمتها كتلته تستند إلى أسس جذرية، وتشتمل على 4 مقترحات لمعالجة أزمة الدولار وتهاوي العملة الوطنية في الفترة القادمة".
"الحوالات السوداء"
بالمقابل، يفسر خبراء في الاقتصاد أزمة أسعار الصرف بعاملين أساسين أحدهما يرتبط بآلية تحويل الأموال عبر طريق يمر بإيران.
ويقول الخبير نبيل التميمي في تدوينة، إنّ "تقييد حوالات مكاتب الصرافة والمصارف من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي دفع التجار إلى مسار آخر لتغذية تعاملاتهم التجارية، فالتجأوا إلى مكاتب تمرر الحوالات برًا، كما يشتبه، إلى إيران وتركيا، لتدخل من جديد في النظام المصرفي وتنتقل بعدها إلى دبي وبقية دول العالم".
لجأ تجار إلى تحويل أموالهم سرًا عبر إيران ثم تركيا لتدخل من هناك النظام المصرفي العالمي بحسب مختصين
ويصف التميمي هذا النوع من التعاملات المالية بـ "الحوالات السوداء" التي تجري بمعزل عن النظام المصرفي العراقي، مشيرًا إلى أنّ "هذه العملية تسببت بزيادة الطلب المحلي على الدولار نتيجة لجوء التجار إلى السوق لتوفير الدولار بدلاً عن البنك المركزي الذي يواجه مجموعة من الضوابط والمعايير".
ويبيّن التميمي، أنّ "تغذية للحوالات تقدر بـ 180 مليون دولار يوميًا، في حين يغطي البنك المركزي 130 مليون دولار فقط، بجوة تقدر بـ 50 مليون دولار، ما ساهم بارتفاع أسعار الصرف"، لافتًا في الوقت ذاته إلى أنّ وجود عوامل أخرى بعضها يرتبط بنهاية السنة المالية وإغلاق حسابات المؤسسات المالية والمصرفية.