30-يونيو-2023
الاعتداء على الكوادر التعليمية في العراق

يعتبر تدريسيون أنهم الحلقة الأضعف (Getty)

يعود مشهد الاعتداء على الكوادر التعليمية في العراق إلى الواجهة مجددًا، بعد تسجيل حالة اعتداء على أحد المدرسين في قضاء طوز خورماتو شرقي محافظة صلاح الدين خلال تأدية امتحانات الصف السادس الإعدادي.

حالة الاعتداء سجلت، بعد الكشف عن استخدام الطالب لوسائل الغش في الامتحان، حيث قالت وزارة التربية إنّ الحادث حصل لأحد مراقبي المراكز الامتحانية، والذي تم "إثر كشف اللجنة الفرعية لحالة غش ارتكبها الطالب".

شهود عيان تحدثوا عن أن الاعتداء حصل من قبل الطالب بواسطة آلة حديدية حادة، أدت إلى إصابة قوية في منطقة رأس المدرس، وهو مشهد متكرّر ضمن  سلسلة مشاهد وثقت الاعتداء على الكوادر التعليمية في العراق. 

وزارة التربية أكدت أيضًا أن الوزير إبراهيم نامس الجبوري، وجه مديرية تربية محافظة صلاح الدين بتقديم شكوى باسم الوزارة ضد الطالب "منعًا لأي تنازل يحدث مستقبلاً ولكي ينال المعتدي الجزاء العادل"، وذلك قبل أن يتم اعتقال الطالب من قبل السلطات الأمنية. 

وتنص المادة 230 عقوبات على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على 300 دينار كل من اعتدى على موظف أو شخص مكلف بخدمة عامة أو مجلس أو هيئة رسمية أثناء تأدية واجباتهم أو بسبب ذلك"، وتكون العقوبة "الحبس أو الغرامة إذا حصل الأمر مع الاعتداء والمقاومة جرح أو أذى".

التربية: نسعى لحماية كوادرنا

وعلى إثر ما حصل من اعتداء على أحد الكوادر التعليمية، أكدت وزارة التربية أنها ستمضي بـ"الإجراءات القانونية بحق المعتدي على المعلم في صلاح الدين بعد اعتقاله، بالإضافة إلى الشكاوى التي تقدم من كوادرها نتيجة الاعتداءات، كما أشارت إلى أنها "تسعى لحماية الكوادر التعليمية من تكرار تلك الاعتداءات".

وقال المتحدث باسم وزارة التربية كريم السيد لـ"ألترا عراق"، إنّ "وزارة التربية كانت لها الكثير من الإجراءات والكثير من المساعي لأجل حماية المعلم وحقوقه وصيانة كرامته".

وبحسب  السيد، فإنّ "التواصل كان مع مجلس القضاء الأعلى بخصوص الدعاوي التي ترفع من قبل الكوادر التعليمية بعد أي حادث اعتداء". 

ويكشف السيد عن مطالب بـ"تنفيذ القانون الخاص بحماية المعلم وأيضًا المواد القانونية التي تحدد المساحة بالاعتداء على الموظف خلال الدوام الرسمي. 

ويقول المتحدث باسم التربية، إنّ "الوزارة تسعى بشكل جاهد إلى حماية كوادرها وأيضًا التقليل من هذه الاعتداءات عبر توفير الحماية اللازمة للمعلم العراقي".

الحلقة الأضعف بالمجتمع

وفي ظل استمرار الاعتداءات على الكوادر التعليمية في العراق، يعتبر تدريسيون أنهم "الحلقة الأضعف في المجتمع"، كما يطالبون بضرورة "تنفيذ القصاص العادل بحق كل من يعتدي على معلم أو مدرس لتكون العقوبة رادعة ولن تتكرر الاعتداءات".

وتقول بان إسماعيل، تدريسية ومديرة مدرسة في تربية الرصافة الأولى، إن "المدرسة باتت اليوم أضعف حلقة في المجتمع، وهيبة المعلم تفقد يومًا بعد آخر".

وخلال حديثها لـ"ألترا عراق"، تطالب إسماعيل، بأن يكون هناك "تعاون بين وزارة الداخلية ووزارة التربية لحماية المعلم حسب المادة 5 من قانون حماية المعلمين والمدرسين رقم 8 لعام 2018 التي تنص على حبس ثلاث سنوات وغرامة 10 ملايين لكل من يعتدي على المعلم أو المدرس". 

المعلم

وتعتبر إسماعيل أنّ "المشكلة ليست في القانون، إنما المشكلة في تنفيذ العقوبة، متساءلة: "كيف تنفذ العقوبة في ظل وجود اتجاه عشائري؟".

يعتبر تدريسيون أنهم الحلقة الأضعف في العراق 

ولهذا، فإنّ الحلول بالنسبة لإسماعيل، أصبحت "بعيدة كل البعد بسبب الطرق العشائرية"، بالإضافة إلى وجود أسباب وعوامل كثيرة للاعتداء على المعلمين، أبرزها "خلل في منظومة القيم التي يمتلكها الطلبة أنفسهم وعدم تناسب البيئات التعليمية في المدارس مع احتياجات الطلبة".

قانون حماية المعلم

وعلى الرغم من الحديث النيابي لأكثر من دورة تشريعية عن وجود مساع لتشريع قانون حماية المعلم، لكنّ القانون لا يزال متروكًا على جنب ولم يرَ نور التشريع، وفي شباط/فبراير، استضافت لجنة التربية والتعليم النيابية وزير التربية، لمناقشة التعديلات على القانون وتفعيله.

خبراء في القانون يرون عدم وجود ضرورة لتشريع قانون جديد لحماية المعلم، مع وجود مواد قانونية تجرم من يعتدي عليه.

ويقول الخبير القانوني، صفاء اللامي لـ"ألترا عراق"، إنّ "المعلم مثله مثل باقي الشرائح والموظفين في دوائر الدولة، يعتبر موظفًا مكلفًا بأداء خدمة عامة والاعتداء عليه يعتبر جريمة في القانون العراقي".

وأضاف أنّ "قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لعام 1969 نص على أن تطبق العقوبات على من يعتدي على الموظف، سواء كان معلمًا أو غير موظف".

واكد على عدم وجود حاجة لتشريع قانون حتى يحمي المعلم ما لم يكن هناك "التطبيق الفعلي والحقيقي للقانون، وقانون العقوبات هو كافٍ لمعاقبة كل من يعتدي على الكوادر التعليمية والتدريسية".

 الاعتداء على المعلّم في القانون العراقي يعتبر جريمة تستدعي المحاسبة

والعبرة ـ بحسب اللامي ـ ليست بكثرة تشريع القوانين في البرلمان، ومثال على ذلك "هناك قانون لحماية الأطباء وقانون آخر لحماية المحامين ونشاهد بين فترة وأخرى اعتداءات متكررة على الأطباء والمحامين دون رادع".