ينشط العاملون في المجال الإنساني على الصعيد الدولي والمحلي للتوعية سنويًا في اليوم الثاني من نيسان/أبريل بضرورة حظر الألغام والإشارة إلى أبعادها السلبية وتأثيرها بعيد المدى على البشرية والحماية البيئية.
يضم العراق إحدى المدن الأشد تلوثًا بالألغام على مستوى العالم
كما يسلط الضوء في ضوء هذه النشاطات على الاتفاقيات الدولية المشرعة ذات العلاقة؛ منها اتفاقية أوتاوا 1997، واتفاقيات جنيف وما تصدره الأمم المتحدة من قرارات الجمعية العامة المعنية بممارسات الدول أثناء الحرب أو التعافي في وقت السلم وهي عادة ما توثق بتقارير مرحلية.
ومع هذا تظل هذه الجهود بصورة عامة، حسب ما يراه الباحثون والمراقبون للشأن الدولي والإنساني، ضئيلة وغير فعالة، ولا تتمتع بقدر عالي من الإلزام. ولعل خير دليل على ذلك عجر هذه الاتفاقيات عن منع استخدام الألغام في الحرب الروسية - الأوكرانية ووقوع العديد من الضحايا وخاصة الأطفال.
وفي مكان آخر من الشرق المتأزم تسعى المجتمعات الهشة وذات النمو البسيط للتعافي جزئيًا من بقايا الألغام، التي تعيق النمو الاقتصادي وتشكل حاجزًا صعبًا أمام الأفراد أصحاب الدخل المحدود في أطراف المدن ذات الصراعات المسلحة كما في سوريا وأفغانستان والعراق.
يستمر الأثر السلبي لوجود الألغام حتى وإن كانت الدول لا تشملها صرعات مسلحة، من منطلق المسؤولية المشتركة للعمل المناخي من أجل حماية وتعزيز البيئة والحفاظ على الموارد البشرية، إذ يشكل وجود الألغام مانعًا كبيرًا لتحقيق الأهداف المعنية بالتنمية المستدامة، خاصة الهدف 11 حول المدن والمجتمعات المحلية المستدامة، والهدف 13 حول العمل المناخي، والهدف 17 المتعلق بالطاقة وغيرها من الأهداف التي لا تحقق نموًا فعال في ظل وجود الألغام أو المخلفات العسكرية والحربية بصورة عامة.
وفي تقرير مؤرخ لشؤون الألغام في العراق مطلع هذا العام، تشير المعلومات إلى أنّ البصرة، حتى يومنا هذا، من أكثر مدن العالم تلوثًا بالألغام والمخلفات الحربية، وأنّ العديد من الأشخاص ما يزالون يتعرضون لخطر انفجارات تلك المخلفات في جنوب العراق.
يقدم الباحثون في الشأن الدولي تقارير ومقترحات وتوصيات بالشراكة مع المنظمات المحلية والدولية، لكنها تفتقد إلى الإلزام المطلوب للعمل بها واعتمادها، لأنّها تصطدم بإرادة الدول التي تشكل القوى الكبرى، والتي تسعى إلى ابقاء الحروب كورقة ضغط على العمل المناخي وحقوق الإنسان، من خلال الحق بالعيش في مجتمعات آمنة وخالية من مظاهر التسلح.
ولعل الحد الفاصل بين الاتفاقيات الدولية وإرادة الدول العظمى ذات القوة والماكنة العسكرية، هو الضمير الإنساني الذي يشكل مصدر الإلزام الأول والأخير، والذي يجب أن يعي بالمسؤولية الدولية المشتركة قبل وقوع كوارث مناخية تساهم الألغام فيها بقدر معين يختلف من دولة إلى أخرى، ويعتمد أيضًا بالدرجة الأساسية على سياسات الدول نفسها في جدية مواجهة هذا الخطر وأولية العمل على سلامة البيئة من الألغام.