شكل رحيل أسطورة كرة القدم العراقية أحمد راضي، صدمة كبيرة على قلوب كل العراقيين، وصنع حزنًا جماعيًا رهيبًا. انطفأت شمعة راضي (56عامًا) إثر إصابته بفيروس كورونا المستجد، فيما لم تقف هذه الصدمة عند تقديم التعازي وذكر مآثر احمد راضي ودوره في صنع البسمة على وجوه العراقيين، بل وصلت إلى ردود أفعال أدت إلى إعفاء مدير دار الشؤون الثقافية، الشاعر حسين القاصد من منصبه بقرار من وزير الثقافة حسن ناظم في 22 حزيران/ يونيو، فيما أشادت به لجنة الثقافة والسياحة والآثار في وزارة الثقافة.
مثقفون طالبوا بإعفاء الشاعر حسين القاصد من منصبه في وزارة الثقافة بعد ما رأوا أنه أساء لنجم الكرة العراقية الراحل أحمد راضي
وجاء القرار بعد عدة مناشدات من قبل مثقفين وشعراء وصحفيين ومدونين، يطالبون فيها وزير الثقافة بأخذ دوره في إعفاء مدير الشؤون الثقافية وضرورة تطهير مؤسسات الدولة من "الأصوات الطائفية"، التي تساهم بشق نسيج المجتمع العراقي وتؤصل للكراهية وإدامة العنف الطائفي، وهي ردود جاءت بعد أنّ نشر القاصد منشورًا على صفحته الرسمية في فيسبوك، يظهر منه التشفي والشماتة بموت نجم الكرة العراقية أحمد راضي واتهامه بقربه من عدي ابن الرئيس السابق صدام حسين، وغيرها من الاتهامات التي أظهرت القاصد بموقف "الشامت" برحيل أحمد راضي، بحسب منتقديه.
اقرأ/ي أيضًا: بعد إساءة موظف فيها لأحمد راضي.. الثقافة تتوعد بإجراءات رادعة
لم تكن المرة الأولى
ولم تكن هذه المرة الأولى التي ينال فيها القاصد من نجم الكرة العراقية أحمد راضي، حيث نشر في 11 آب/أغسطس 2013 منشورًا يظهر فيه عداءه لراضي واتهامه بإهانة المذهب الشيعي، وأن بيته السابق كان مبغى للمقبور عدي وجلاوزته، واصفًا ماضي راضي بـ "الوضيع".
أول ردود الأفعال جاءت من الكاتب والأكاديمي ناظم عودة، إذ نشر عبر حسابه في "فيسبوك"، إن "ما فعله مدير الشؤون الثقافية، بخصوص أحمد راضي، لا يختلف في شيء عما فعله ديريك تشوفين بحق جورج فلوريد، فهو تصرّف ينمّ عن عنصرية مقيتة تجاه علم من أعلام العراق، وتابع عودة "هذا السلوك العنصري يقتضي وقفة رافضة من جميع المثقفين العراقيين، بل من المجتمع العراقي بأسره لأنه سلوك يغرس الروح العنصرية، ويعيد إحياء النعرة الطائفية".
فيما كتب الشاعر حمدان المالكي: "نموذج لمدير عام في وزارة الثقافة وشاعر! يتشفى بموت الآخرين" متسائلًا "هل هذه وظيفة الشاعر، الشاعر صانع محبة وإبداع وليس ضغينة، مضيفًا "وهنا أتذكر كل المطبلين له بتسنمه المنصب، وقلت يومها إن هذه التبريكات مدفوعة الثمن وهي من أجل مصالح ضيقة من قبيل (طبع كتاب أو احتفاء) فثارت ثائرة أقلام الأشاوس من تعليقات ورسائل، هل هناك أوضح من ذلك، وختم منشوره بـ"السلام والمغفرة للراحلين".
أما الروائي والقاص حسن فالح فقد كتب عبر حسابه في "فيسبوك" "لا عجب أن مثقفي السلطة، لاطعي الأحذية، ماسحي مؤخرات زعماء الإسلام السياسي السمينة من كبيرهم الأبقع لصغيرهم الأقذع، قد تمرسوا بحرفية عالية في تمييزهم الطائفي، حتى وصلوا مرحلة متقدمة بطائفيتهم بلغت بهم التمييز بين من توفاهم الله بسبب جائحة كورونا على أساس طائفي، مستدركًا "لكن عجبي على كثير من المثقفين الحناترة، وهم يراقبون بصمت، مراعين بذلك ديمومة علاقاتهم بهؤلاء الإمعات، عسى أن يعطفوا عليهم في يوم ما بكسرة خبز".
من جانبه وجه الشاعر علي العطار رسالة مفتوحة إلى وزير الثقافة حسن ناظم، مذكرًا إياه بورشة تدريبة ترأسها ناظم كانت تهدف إلى رصد الخطاب الطائفي، إذ جاء في رسالة العطار: "أنا اليوم أرفعُ رسالتي إليك لأقول لك إن أحد المدراء العامين في وزارتكم يصرّح بخطابات طائفية مثيرة للفتن بين طبقات الشعب العراقي، وهذه المرة لستَ مضطرًا لتوكيل مجموعة من المحامين فأنت في قمة الهرم الإداري لهذه الوزارة، مبينًا "ننتظرُ منك خطوة حقيقية لتطهير المرافق الثقافية من الأشخاص الذين أنتجتهم الطائفية وتسنموا مناصب رفيعة من خلال تزلفهم للطائفيين والميليشيات".
أما الكاتب والإعلامي ياسين الدليمي فقد كتب عبر حسابه تحت عنوان (المثقف الأملس) "لايحق لنا ان نلوم من كان قاصدًا الإساءة للآخرين بعنصريته، لأنه واضح وصريح عندما يدعو إلى تحويل رمز ديني وتاريخي مثل "منارة الحدباء" إلى مبولة عامة، ولأنه وحسب ما يعتقد تمثل برمزيتها طرفًا آخر لا يستحق الحياة، أو عندما يتعلق الأمر برحيل نجم رياضي كبير، أصيب بفيروس كورونا، لا يختلف اثنان على أنه رمز وطني يسمو عاليًا ببريقه وأخلاقه وإنجازاته فوق كل التسميات العنصرية التي جاء بها لصوص الدين والأخلاق".
وتابع الدليمي "اللوم كله يقع على ذاك المثقف "الأملس" مثل جلد الأفعى، ومعه مؤسساته ومنظماته، لأنه دائمًا ما يخفي دواخله بتراكيب لغوية متحذلقة، مطاطية، زلِقة، فيها من السم القاتل أكثر بكثير من سموم المخلوق العنصري الصريح"، مستدركًا "ولكن الأملس ورغم ما يبدو عليه من أنه يملك دهاءً، إلاَّ أن بطاقات التهنئة التي يسرع بإرسالها للقاصد بعنصريته ما أن يستلم منصبًا حكوميًا مكافأة له، كافية جدًا لتعريته".
أرشيف شعراء طبقات البعث يفتح من جديد
الثابت في كل الاتهامات التي يطلقها الشاعر حسين القاصد على خصومه من موقع الطائفية والعنصرية هو تهمة "البعثي"، فكل من يخالفه في رأيي أو توجه ينال حظه من هذه التهمة، بحسب منتقديه، الأمر الذي دفع ببعض المدونين إلى رفع صورة لجريدة الثورة تظهر قصيدة للقاصد وهو يمدح زعيم حزب البعث صدام حسين، حيث جاءت قصيدته بعنوان (صدام يا سيد النهرين) وكان مطلعها "قال ابن من أنت يا من جئت ترتجل .. قلت ابن من باسمه حارت الجمل".
اقرأ/ي أيضًا:
"سقط في الحمام".. رحيل أحمد راضي يشعل الغضب ويهدد عرش وزير الصحة
بعد نجوم كرة ومسؤولين.. "كورونا" يتسلل إلى صفوف الفنانين العراقيين