بعد نحو عامٍ من انتخابات مجلس النواب، صوت أعضاء المجلس على انتخاب رؤساء بعض اللجان النيابية ومقررين لها، بعد جدلٍ طويل أخّر عملية الانتخاب شأنها شأن التصويت على الوزارات الحكومية الشاغرة الثلاث، بالإضافة إلى وزارة التربية.
تنقسم اللجان النيابية إلى فئة أ، ب، ج بحسب اللجان الأكثر أهمية. فيما ذكرت مصادر في وقت سابق أن الصراع الأكبر هو على اللجان من فئة "أ"، وبأقل حدة على الفئة "ب"
أُنتخب في نيسان/أبريل النائب رعد الدهلكي رئيسًا للجنة العمل والهجرة والمهجرين النيابية، والنائب حسين عرب نائبًا له، واختير النائب التركماني أرشد الصالحي رئيسًا للجنة حقوق الإنسان النيابية. فيما انتخبت لجنة الزراعة النيابية النائب عن تحالف سائرون سلام الشمري رئيسًا لها، وصوتت على عضو كتلة دولة القانون النيابية منصور البعيجي نائبًا للرئيس.
تنافس محموم
تنقسم اللجان النيابية إلى فئة أ، ب، ج بحسب اللجان الأكثر أهمية. وذكرت مصادر في وقت سابق أن الصراع الأكبر هو على اللجان من فئة "أ"، وبأقل حدة على الفئة "ب"، كونها مهمة من حيث أهمية الوزارات التي ترتبط بها وتراقبها وتُحاسبها وتُشرع لها القوانين.
اقرأ/ي أيضًا: ما حقيقة خلافه مع سائرون وتقاربه مع المالكي.. الحكمة يرد
عضو في كتلة الحكمة النيابية أكد في 29 نيسان/أبريل ذلك بالقول إن "استمرار الخلافات على رئاسات اللجان من فئة "أ" سبب أساسي في تأجيل حسم رئاسات اللجان البرلمانية". إلى ذلك الوقت.
ورشح نوابٌ أن يتم اللجوء إلى اختيار الأعضاء الأكبر سنًا لترؤس اللجان النيابية بسبب حدة التنافس بين الكتل السياسية على تلك اللجان، كما تحدث آخرون عن أموال طائلة تُدفع للحصول على منصب رئاسة لجان معينة. ويقول النائب عن كتلة صادقون النيابية عبد الأمير الدبي في تصريح تلفزيوني تابعه "ألترا عراق"، إن "أموالًا تدفعها بعض الشخصيات الفاسدة من أجل الظفر برئاسة لجنة ما"، مبينًا أن "أحد الذين يدعون لمحاربة الفساد دفع مبلغ "مليارين" ليترأس لجنة نيابية".
انقلاب على الرؤساء؟
يجري تقاسم المناصب في العراق في ظل نظام المحاصصة المُتبع منذ 2003 بعد أن يتفق قادة الكتل السياسية على طريقة التقاسم والحصص الموزعة على كتلهم. وتُشير مصادر لـ"ألترا عراق" إلى أن "رؤساء الكتل السياسية يفرضون رأيهم على أعضاء الكتلة في مسألة التصويت على اللجان وهو أحد الأسباب التي عرقلت التصويت طيلة الثمانية أشهر الماضية". لكن النائبة عن ائتلاف النصر ثورة الحلفي قالت في تصريح صحفي إن "رئاسة اللجان اعتمدت آلية الاتفاق عليها داخل اللجان ذاتها"، لافتة إلى أن "الاتفاق على رئاسة بعض اللجان جرى في وقت كانت الكتل السياسية وقادتها يجتمعون دون التوصل إلى اتفاق نهائي".
المالية مثالًا
اللجنة المالية النيابية انتخبت في الرابع من أيار/مايو رئيس تجمع الكفاءات المنضوي في تحالف البناء هيثم الجبوري رئيسًا للجنة، فيما انتخبت النائب عن المحور الوطني مثنى السامرائي نائبًا للرئيس، وأُنتخب النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني أحمد الصفار مقررًا للجنة.
رغم بعض التسريبات الصحفية التي تحدثت عن اجتماع رؤساء الكتل في مقر تحالف سائرون نائب رئيس البرلمان حسن الكعبي ورئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري نصار الربيعي لمناقشة توزيع اللجان النيابية وفق الاستحقاق الانتخابي، إلا أن عضو اللجنة المالية البرلمانية عبد الهادي السعداوي شدد في الخامس من أيار/مايو على أن "حسم اللجنة كان برأي أعضائها وتوافقهم بعيدًا عن التوافقات السياسية بين الكتل، حيث تقدم لرئاستها ثلاثة مرشحين، وعلى النائب مرشحين اثنين وعلى المقرر أيضًا مرشحين اثنين وبشكل طبيعي، وتم التصويت بشكل ديمقراطي دون ضغوط، وبعيدًا عن التجاذبات السياسية".
مصدر لـ"ألترا عراق": رؤساء الكتل السياسية يفرضون رأيهم على أعضاء الكتلة في مسألة التصويت على اللجان وهو أحد الأسباب التي عرقلت التصويت طيلة الثمانية أشهر الماضية
وتكوّنت اللجنة المالية من 18 نائبًا وهم كل من: محمد الدراجي، هيثم الجبوري "الرئيس لاحقًا"، ماجد الوائلي، ناجي السعيد، فالح الساري، عدنان الزرفي، فيصل العيساوي، هوشيار عبد الله، أحمد الصفار "المقرر لاحقًا"، شيروان ميرزا قادر، أحمد حمة رشيد، جمال كوجر، حنين قدو، مثنى السامرائي "النائب لاحقًا"، محاسن الحمدون، أحمد الجبوري، سهام العقيلي، عبد الهادي السعداوي.
القانونية للديمقراطي الكردستاني .. والنفط للمحور
انتخبت اللجنة القانونية النيابية النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبوار هادي رئيسًا لها، والنائب عن سائرون محمد الغزي نائبًا للرئيس. أما لجنة النفط والطاقة النيابية انتخبت النائب عن المحور الوطني هيبت الحلبوسي رئيسًا للجنة، فيما انتخبت لجنة الاقتصاد والاستثمار النائب عن دولة القانون أحمد الكناني رئيسًا لها.
الرياضة لسائرون ... والإعلام للوطنية .. التعليم للاتحاد
لجنة الشباب والرياضة حُسمت للنائب عن تحالف سائرون عباس عليوي، فيما انتخبت لجنة الثقافة والإعلام النائب عن ائتلاف الوطنية سميعة الغلاب رئيسة للجنة، فيما انتخب النائب عن سائرون حمد الله الركابي لمنصب نائب الرئيس.
وفي ذات اليوم 5/5/2019 انتخبت لجنة التعليم النيابية النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني شيركو ميرزا رئيسًا لها، فيما اختارت النائب عن ائتلاف الوطنية جنيد عبد الكريم نائبًا لرئيس اللجنة، والنائبة عبير الحسيني مقررة لها".
هيفاء الأمين رئيسًا للجنة .. ودعوات لطردها
فازت النائبة عن تحالف سائرون هيفاء الأمين برئاسة لجنة المرأة والأسرة والطفل النيابية خلال جلسة مجلس النواب في الخامس من أيار/مايو. لكن أعضاء برلمان وقعوا على طلب بإخراج الأمين من رئاسة لجنة المرأة النيابية بدعوى "تجاوزها على ثوابت ومعتقدات الشعب العراقي والإساءة لمشاعر ملايين العراقيين".
وثيقة اطلع عليها "ألترا عراق" تُظهر توقيع 52 نائبًا على طلب موجه لرئاسة مجلس النواب بإخراج الأمين من رئاسة اللجنة. وكانت الأمين قد صرحت خلال ندوة أقيمت في لبنان بأن مناطق جنوب العراق هي الأكثر تخلفًا بالمقارنة مع بغداد وإقليم كردستان، فيما خاطبت اللبنانيين في معرض هذا الحديث بأنهم "متحضرون"، الأمر الذي أثار موجة اعتراضات شعبية على مواقع التواصل الاجتماعي انتقلت إلى ساحة البرلمان.
اقرأ/ي أيضًا: وثائق| تواقيع برلمانية لإخراج هيفاء الأمين من رئاسة لجنة المرأة
صراع سائرون ودولة القانون .. هل حُسم؟
بدا الصراع للمُتابع لمجريات الأمور في الأروقة السياسية على أشُده بين تحالفي سائرون ودولة القانون للحصول على رئاسة لجنة الأمن والدفاع النيابية، وهو امتداد للصراع بين تحالفي سائرون والفتح على الوزارات الأمنية، بعد الرفض الشديد الذي أبداه سائرون على ترشيح لوزارة الداخلية، والذي أصر الفتح على ترشيحه لفترات طويلة، وهو امتداد آخر للخصومة بين مقتدى الصدر الداعم لسائرون ونوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون. ويرى المتابعون للعملية السياسية أن رئيس اللجنة النيابية بإمكانه التحكم بالوزير المعني بعمل اللجنة، ما يُفسِرُ التنافس الكبير بين الكتل على رئاسة اللجان، وتحديدًا على لجنة الأمن والدفاع.
نائب عن ائتلاف الفتح ذكر أن "الصراع بين التحالفين هو السبب في تأجيل التصويت على اللجان النيابية". فيما أكد ذلك النائب أحمد الجبوري بتصريح تلفزيوني في 23 نيسان/أبريل بالقول، إن "اللجان النيابية لن تكتمل إذا لم يحصل تحالف سائرون على رئاسة لجنة الأمن والدفاع".
مؤخرًا، صوّت مجلس النواب على اختيار النائب عن تحالف سائرون محمد رضا رئيسًا للجنة الأمن والدفاع النيابية، والنائب عن محافظة نينوى نايف الشمري نائبًا له، والنائب ناصر الهركي مقررًا للجنة. لكن عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية كاطع الركابي كشف بتصريح صحفي في الخامس من أيار/مايو عن "وجود اعتراضات على طريقة انتخاب النائب عن تحالف سائرون محمد رضا لرئاسة اللجنة، مؤكدًا إمكانية إعادة انتخاب رئيس اللجنة".
مصدر نيابي لفت في تصريح صحفي إلى أن "النائب محمد رضا حصل على 10 أصوات فقط وهو أمر غير قانوني"، بينما يُشير المصدر إلى ضرورة أن "يحصل النائب على 12 صوتًا على أقل تقدير للفوز بالمنصب".
اقرأ/ي أيضًا: في ذكرى الاحتلال.. ما مصير قانون طرد القوات الأمريكية؟
النائب عن تحالف سائرون سعران الأعاجيبي أشار إلى أن "النصاب اكتمل بأكثر من النصف، حيث حضر 17 نائبًا من لجنة الأمن والدفاع النيابية"، مضيفًا في حديثه لـ"ألترا عراق" أن "النائب عن سائرون محمد رضا حصل على 10 أصوات، بالمقابل حصل عدنان فيحان على 7 أصوات".
بيّن الأعاجيبي أن "الهيئة القانونية قالت إن الانتخاب يكون بالأغلبية المطلقة النصف + 1، بمعنى أن اللجنة المتكونة من 24 نائبًا يجب أن يصوت على رئيسها 13 نائبًا، وليس نصف الحاضرين في جلسة التصويت".
يقول الأعاجيبي إن "التصويت على رئاسة لجنة الأمن والدفاع النيابية سيُعاد في الأسبوع القادم الذي سيشهد الجولة الثانية من انتخابات اللجان البرلمانية"، موضحًا أن "لا خلاف بين الكتل على نائب رئيس اللجنة الشمري، ومقررها الهركي".
يلفت الأعاجيبي بخصوص الصراع مع دولة القانون إلى أن الأخير "سحب مرشحه النائب عدنان الأسدي من التنافس على رئاسة اللجنة، ولم يتنافس سوى اثنين، محمد رضا، وعدنان فيحان".
سعران الأعاجيبي: التصويت على رئاسة لجنة الأمن والدفاع النيابية سيُعاد في الأسبوع القادم الذي سيشهد الجولة الثانية من انتخابات اللجان البرلمانية
الجدير بالذكر أن النائب عدنان فيحان المُنافس لمحمد رضا، هو رئيس كتلة صادقون النيابية التابعة لعصائب أهل الحق، والمنضوية في تحالف البناء برفقة دولة القانون. وربما دعم فيحان هو خيار مطروح لدولة القانون بعد سحب ترشحيها إذا لم تتفق مع سائرون على توزيع الحصص.
ومن المؤمل أن يستكمل النواب تصويتهم على بقية اللجان النيابية، وأبرزها لجنة النزاهة، في الجلسة القادمة المقررة يوم السبت المقبل 11 أيار/مايو.
اقرأ/ي أيضًا:
البرلمان العراقي يصوت على موازنة 2019 ويخفق في استكمال الحكومة