15-نوفمبر-2023

القضية أصبحت لا تفاجئ العراقيين (فيسبوك)

منذ تصاعد أزمة الدولار في البلاد منذ أشهر، أصبح العديد من العراقيين لا يتفاجئون من قضية ارتفاع السلع في الأسواق المحلية، وسط حديث عن عجز حكومي للسيطرة على العملة الأجنبية رغم الإجراءات العديدة التي اتخذت وأعلن عنها طوال الفترة الماضية. 

30% من البضائع الموجودة فقط في الأسواق تخضع لتحكم أسعار صرف الدولار

وتيرة ارتفاع الأسعار الجديدة، دفعت وزارة التجارة إلى الإعلان عن سلسلة إجراءات جديدة، قالت إنها "بغية مواجهة احتكار المواد الغذائية في الأسواق ببيع المواد بأسعار أقل"، مؤكدة أنها "ستعمل على بيع المواد الغذائية بأسعار تنافسية".

ويلقي معظم التجار العراقيين، اللوم على الدولار بشأن ارتفاع السلع في الأسوق، حيث يتأرجح سعر الصرف في السوق الموازي خلال الأيام القليلة الماضية ما بين الـ 160 ألفًا إلى أقل بقليل، مقابل كل 100 دولار أميركي، بفارق أكثر من 30 ألف دينار عن السعر الرسمي.

غضب في الشارع

محمد أحمد، وهو من سكنة منطقة الدورة جنوبي العاصمة بغداد، يقول لـ"ألترا عراق"، إنّ "أسعار السلع الموجودة في السوق تزداد يومًا بعد يوم، كما يعزو ارتفاع الأسعار مجددًا بحسب قول التجار إلى الارتفاع بسعر صرف الدولار الأمريكي مقارنة بالدينار العراقي".

ويضيف المواطن البغدادي، أنّ "السلع المحلية أيضا باتت تنافس السلع المستوردة من الخارج على صعيد الأسعار"، وعند السؤال حول أسباب ذلك يؤكد التاجر أن "الدولار هو السبب أيضًا كون المواد الأولية المستخدمة هي مستوردة".

أسواق

ووفقًا لحديث أحمد، فإنّ الجهات الرقابية الحكومية هي من تتواطئ مع التجار ولا تعمل على محاسبتهم، خصوصًا أنّ "الأسعار ستبقى مرتفعة حتى إذا انخفض سعر صرف الدولار، مشيرًا إلى أنّ "هناك حاجة حقيقية لمراقبة ومحاسبة التجار الذين يسيطرون على السوق بشكل علني".

في المقابل، يقول علي أمجد، وهو موظف حكومي ومن سكنة الكرادة وسط بغداد، إنّ "الأمر بات صعبًا على معيل العائلة وذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد كافة"، مضيفًا أنّ "أغلب رواتب الموظفين لا تتجاوز المليون وهو راتب لا يكفي لسد الحاجة الفعلية من متطلبات الحياة".

وفي حديث لـ "ألترا عراق"، يشير إلى أنّ "اللحوم الحمراء لم تدخل إلى بيته منذ فترة طويلة، وذلك بسبب  ارتفاع الأسعار التي باتت تتجاوز الـ 18 ألفًا مقابل الكيلو الواحد".

ويضيف أمجد أنّ "هناك صعوبة بتجهيز أولاده بالمواد المدرسية الأساسية واحتياجاتها الأخرى من ملابس وحقائب وأحذية بسبب الأسعار أيضًا"، داعيًا الحكومة والجهات المختصة إلى "إيجاد حلول سريعة لمعالجة الأزمة التي قد تقلب الطاولة على الطبقة السياسية".

وظهرت مؤخرًا في بغداد تحذيرات من قبل أعضاء في مجلس النواب، من ارتفاع أسعار السلع الأساسية، خصوصًا مع استمرار ارتفاع الدولار واقتراب موعد الانتخابات في الـ 18 من كانون الأول/ديسمبر المقبل.

الأسواق

6 أسباب وراء الأزمة

وسجل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأغذية في العالم تراجعًا قدره 0.5% عن مستواه المسجّل في أيلول/سبتمبر، ويعكس التراجع الطفيف المسجّل انخفاض مؤشرات أسعار السكر والحبوب والزيوت النباتية واللحوم، فيما عاد مؤشر منتجات الألبان إلى الارتفاع.

ويقول جليل اللامي، وهو خبير اقتصادي ومالي لـ "ألترا عراق"، إنّ "المواطن العراقي يعاني من ارتفاع تكاليف المعيشة يومًا بعد يوم بشكل جنوني، خصوصًا في أسعار السكر والأرز والزيت والفواكه والخضروات في البقالة".

ويضيف اللامي أنّ "أسعار المستهلك ارتفعت عند مستوى لم يشهده العراق منذ عام 2008، ومع هذا الارتفاع المهول زادت تكلفة كل شيء تقريبًا، حيث حسب التقرير الصادر عن البنك الدولي في العام الماضي أكثر من خمسة مليون شخص يعانون من الفقر المدقع الآن في العراق ما زاد من تفاقم الأمر".

ووفقًا للخبير الاقتصادي، فإنّ هناك 6 أسباب وراء هذه الأزمة:

  • أولًا: ارتفاع أسعار الطاقة حيث تراجعت أسعار النفط في نهاية عام 2019، لكن الطلب عاد إلى الارتفاع منذ ذلك الحين، ووصل إلى أعلى مستوى له في 7 سنوات.
  • ثانيًا: النقص الحاد في البضائع والسلع.
  • ثالثًا: تكاليف الشحن التي ارتفعت بشكل كبير.
  • رابعًا: ارتفاع أجور الموظفين والعمال.
  • خامسًا: التغير المناخي حيث أسهمت تقلبات الطقس المتطرفة في أجزاء كثيرة من العالم ومنها العراق في زيادة نسبة التضخم.
  • سادسًا: زيادة الرسوم الجمركية.

ا

وبحسب اللامي، فإنّ انخفاض الإيرادات المالية لعام 2019 دفع عدد كبير من دول العالم لرفع الرسوم الجمركية لتعويض النقص في موازنتها.

وفي سياق معالجة أزمة ارتفاع الأسعار، والكلام للامي، فإنه يمكن للبنك المركزي  تنفيذ ما يعرف بالسياسات الانكماشية التي من شأنها كبح جماح الطلب الكلي، وعادة يتم ذلك عن طريق رفع أسعار الفائدة.

وبما أن البنك المركزي ربط العملة المحلية بالدولار وبالتالي ارتبطت سياسة العراق النقدية بالدولار الأميركي، وبذلك "تبقى السياسة النقدية في العراق تتأثر بسياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي".

لكن.. ليس للدولار علاقة

 الخبير الاقتصادي، نبيل العلي، يعارض فكرة ارتباط ارتفاع الأسعار بقضية تذبذب الدولار، مؤكدًا أنّ "70% من البضائع تدخل إلى العراق بسعر الصرف الرسمي والبالغ 1320 دينارًا".

وفي حديث لـ"ألترا عراق"، يتحدث العلي، قائلاً إنّ "30% من البضائع الموجودة في الأسواق هي من يتحكم فيها صرف الدولار، وبالتالي أن قضية الارتفاع بعيدة كل البعد عن أسعار الدولار".

وعن أدوار البنك المركزي، يتابع حديثه بالقول إن "البنك مسؤول عن كبح التضخم الناتج عن النمو بالنقد"، مبينًا أنّ "الحكومات السابقة هي من تتحمل مسؤولية تدهور الأسعار في الأسواق المحلية والتي تسببت بالتضخم".

وعلى الرغم من الحملات التي تعلن عنها وزارة الداخلية وإدارة الأمن الاقتصادي التابعة لها ضد التجار العراقيين، عقب الارتفاع بالأسعار التي شهدتها المواد الغذائية خلال الأشهر الماضية، إلا أنّ الأسعار مستمرة في الصعود ويتحكم فيها التجار بكل حرية دون وجود محاسب، وفقًا لعديدين.