يشكو العديد من المواطنين في العراق مما يواجهونه عند طلب القروض من المصارف الحكومية والأهلية، من ناحية ما يصفونه بالإجراءات الروتينية وزيادة الفائدة، فضلًا عن التأخير "غير المبرر"، بالرغم من الإعلان الحكومي عن تسهيلات تطلق بين فترة وأخرى.
رأى اقتصاديون أن القروض التي تمنح في العراق كلها توضع بخانة القروض الربحية
وعلّق الباحث الاقتصادي والمصرفي، مصطفى أكرم حنتوش، على الإطلاق المستمر للقروض من قبل مصرفي الرشيد والرافدين، معتبرًا أنها "تعتمد على جذب الموطنين لرواتبهم".
وقال حنتوش، في حديث لـ "ألترا عراق"، إنّ "مسألة توطين الرواتب أصبحت مربحة وأساسية بعدما كانت المصارف تعتمد على التوطين والرواتب وحوالات الدولار"، مبينًا أنّ "التوطين الآن أصبح هو مصدر الربح الأساسي للمصارف، لأن عملية جذبه تحصل عبر إطلاق السلف من الأموال المتكدسة في هذه المصارف، إضافة للمنح التي تحصل عليها من البنك المركزي".
وبالنسبة للباحث الاقتصادي، فإنّ "هناك مشكلة بهذا الملف لم يشخصها البنك المركزي لغاية الآن، وهو "كون القروض على ثلاثة أنواع في كل دول العالم، أولها التنموية المتعلقة بالسكن والصحة والتي يفترض عدم منحها بفوائد ربحية عالية، والثانية قروض الفائدة الصفرية تتمثل بمنح مبالغ لمشاريع الشباب، أما النوع الثالث المفترض، هو القروض الربحية المتعلقة بالاستثمار وتتطلب دراسة الجدوى من قبل المقترض".
لكنّ ما يحصل في العراق ـ والكلام لحنتوش ـ بمنح القروض من الرافدين والرشيد، هي كلها موضوعة بـ"خانة القروض الربحية، وهذا ما يولد سخطًا في الشارع لدى الموظفين والمواطنين الذين يقبلون على الاقتراض".
وفي الأثناء، انتقد المحلل الاقتصادي، جليل اللامي، نسبة الفائدة بالقروض المقدمة من المصارف الحكومية والأهلية في العراق مقارنة بما في دول العالم، مشيرًا إلى أنّ "زيادة منح القروض تعتبر واحدة من محددات النمو والارتقاء بالقيمة السوقية".
ويقول اللامي في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "القروض تساهم في تحقيق المتانة المالية والتاثير على القيمة السوقية المضافة للمصارف التجارية بصورة عامة، حيث تمتلك المصارف محددات نمو تعتبر القروض واحدة منها"، مبينًا أنّ "القروض لها أثر معنوي دال إحصائيًا في تحقيق المتانة المالية والقيمة السوقية المضافة".
وعلى الرغم من كون نسب الفوائد التي تضعها المصارف الحكومية والأهلية مرتفعة، إلا أنّ "القروض في العراق شهدت رواجًا كبيرًا خلال الفترة الأخيرة، نتيجة لتردي الأوضاع المعيشية لمعظم العائلات في ظل الصعوبات الاقتصادية، وفقًا للامي الذي أشار إلى أنه "بدلًا من تيسير تلك القروض، فرضت المصارف شروطًا تعجيزية على منحها مثل إحضار الكفيل أو توقيع وصولات إقرار باستلام المبلغ وإعادته حين الطلب، أو وثائق ضمان، فصلًا عن فوائد سنوية وصلت إلى 4 %".
وفوائد القروض هي "خطر يهدد الاقتصاد العراقي ويجب على إدارات المصارف العراقية العمل على تقليلها"، كما يقول اللامي.
ويشير الباحث الاقتصادي إلى أنّ "أسباب ارتفاع نسبة الفائدة تعود إلى التحرر الذي شهدته المصارف العراقية، حيث أعطيت الحرية لإدارة مجالس المصارف لتحديد الفائدة على القروض والودائع في البنك المركزي، بإلاضافة إلى أن فائدة البنك المركزي كبيرة جدًا وهي بحاجة إلى إعادة النظر".
وأقصى حد لنسبة الفائدة في مصارف دول العالم هي 6 %، كما أن المصارف في جميع أنحاء العالم لا تفرض هكذا فوائد مثل المصارف العراقية، فضلاً عن الشروط التعجيزية التي يجبر عليها الموظف أو المواطن، بحسب اللامي.
قال خبراء اقتصاديون إن مصارف العراق فرضت شروطًا تعجيزية على طالبي القروض مثل إحضار الكفيل أو توقيع وصولات إقرار باستلام المبلغ وإعادته حين الطلب
ويشخص الخبير الاقتصادي، عبد الحسن الشمري، زيادة بإطلاق القروض من قبل مصرفي الرشيد والرافدين بمجال قطاع الإسكان مقارنة بغيره من القطاعات، مشيرًا إلى أنّ "ذلك سببه الحاجة لدعم مختلف الشرائح بتوفر السكن الذي يمثل مشكلة كبيرة منذ سنوات".
وقال الشمري، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "العراق بحاجة إلى مليوني وحدة سكنية جديدة لاستيعاب الزيادة السكانية وتوفير سكن لمن لا يملكونه، وعلى هذا الأساس هناك استمرارية كبيرة بإطلاق قروض الإسكان تحديدًا، إضافة للقروض الاستثمارية والصناعية والتجارية من المصارف الحكومية والأهلية".
وأشار إلى أنّ "قروض مصرفي الرشيد والرافدين يمكن تصنيفها بالجاذبة، لكن سوء التخطيط لها أو إتمام المعاملات للمتقدمين أو التعقيدات التي يتم وضعها تؤدي إلى العزوف ربما من قبل المواطنين والموظفين، وإلا فتمديد فترة التسديد من 10 إلى 20 سنة سيعطي أريحية كبيرة للمقترض"، مبينًا أنّ "المواطنين باتوا يتجهون نحو مصرفي الرشيد والرافدين أسوة بمصرف الإسكان رغم وجود البيروقراطية الكبيرة التي بحاجة لمعالجة شخصية من قبل رئيس مجلس الوزراء لوضع الحلول الجذرية لتقديم الأفضل لشرائح المجتمع".