رغم تراجع أسعار الدولار في الأسواق المحلية وانقضاء شهر رمضان وأيام عيد الفطر، إلا أنّ أسعار اللحوم بكافة أنواعها حافظت على أسعارها المرتفعة منذ أكثر من 50 يومًا في العراق.
لا توجد حلول حكومية حتى الآن لأزمة ارتفاع أسعار اللحوم في العراق
يحصل ذلك دون توضيحات رسمية للأسباب المباشرة التي تقف وراء الموضوع، ولا تقديم حلول لهذه الأزمة المتواصلة، علمًا أن أسعار الكيلو الواحد من اللحوم الغنم والبقر في أسواق العاصمة بغداد ما بين 18 ألفًا إلى 20 ألفًا، أي بزيادة تصل إلى نحو 5 آلاف دينار عن أسعار ما قبل شهر رمضان.
معاناة الفقراء
ويشكو البغداديون من قضية استمرار الارتفاع في اللحوم وسط عجز الحكومة عن إيجاد الحلول لهذه الأزمة التي تعتبر من أولويات المواطن العراقي، بحسب تعبيرهم.
يقول "أبو محمد"، وهو من سكنة منطقة الدورة، (جنوبي بغداد)، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "أغلب أصحاب محال بيع اللحوم اتهموا الدولار بالوقوف وراء الأسعار المرتفعة، لكن هذا الارتفاع يحصل سنويًا بالتزامن مع أي مناسبة دينية".
ويرى "أبو محمد" أن "تجار اللحوم هم من يتلاعبون بأسعار السوق"، مضيفًا أنّ "الحكومة وقفت عاجزة كالعادة أمام هذا التلاعب العلني في الأسعار"، مبينًا أنّ "كيلو اللحم أصبح عبئًا كبيرًا على البغداديين ذوي الدخل المحدود".
في المقابل، يقول "أبو سرمد"، وهو من سكنة منطقة الكرادة، وسط بغداد، إنّ "أسعار اللحوم وصلت إلى 22 ألفًا للكيلو الواحد خلال الأيام القليلة الماضية، وأنها ارتفعت قبل شهر رمضان بأيام عديدة ما يؤكد أن هذا التلاعب هو سببه التجار".
ويشير المواطن، خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، إلى أنّ "الارتفاع لم يقتصر على اللحوم فقط، وإنما الدجاج الذي يعتبر بديلًا للحوم بالنسبة للعديد من العائلات العراقية شهد نفس الارتفاع خلال الفترة الماضية"، مبينًا أنّ "الأسعار لم تعاود بالانخفاض رغم انقضاء المناسبة الدينية وتراجع أسعار الدولار".
إجراءات عاجلة
وزارة الزراعة ومع ازدياد الغضب الشعبي جراء الأزمة، اتخذت من جانبها العديد من الإجراءات لخفض أسعار اللحوم خلال شهر رمضان المنقضي ومنها:
- أولًا: تقديم الأعلاف لمربي الثروة الحيوانية ودعمهم بالذرة الصفراء، إذ إنّ هذه الخطوات ستكون كفيلة بخفض الأسعار وحماية الحيوانات النادرة مثل غزال الريم والصقور والطيور المتواجدة في مناطق الأهوار.
- ثانيًا: تخصيص مبالغ مالية ضمن قانون الأمن الغذائي وموازنة العام الحالي لإعادة تأهيل الواحات والغابات والمحميات الطبيعية العائدة لدوائر الوزارة.
- ثالثًا: مفاتحة وزارة الموارد المائية لزيادة الإطلاقات المائية في مناطق الأهوار لمعالجة أزمة الشح والحفاظ على الثروة الحيوانية في البلاد.
أسباب خفية
وفي هذا الصدد، يقول المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "هناك العديد من الأسباب وراء ارتفاع أسعار اللحوم في الأسواق أبرزها منع استيراد اللحوم من العديد من الدول التي انتشر فيها بعض الأمراض (تركيا وألمانيا وبعض الدول في أمريكا الجنوبية)".
وأقدمت وزارة الزراعة الاتحادية، مطلع الشهر الجاري، على فتح الباب أمام استيراد اللحوم بشكل شامل للحد من الارتفاع، وسط انتقادات شعبية طالت هذه الخطوات التي وصفت بـ"الوقتية".
ووفقًا لحديث الخزاعي، فإنّ الوزارة وضعت شروطًا صحية على مستوردي اللحوم من خارج العراق، مضيفًا أنّ "وزارته قررت تعليق إصدار إجازات استيراد اللحوم الجديدة والاكتفاء فقط بالإجازات الممنوحة سابقًا".
وتخضع اللحوم أيضًا للعرض والطلب، بحسب كلام الخزاعي، وبالتالي، فإنّ الطلب يزداد "عليها في هذه التوقيتات من كل سنة ما يؤدي إلى ارتفاعها".
ويشير الخزاعي إلى أنّ "السبب الأخر وراء شحة اللحوم في الأسواق هو توجه مربيها إلى البادية في الأنبار والموصل وكربلاء وحتى النجف من أجل إطعام المواشي".
ويتخم الخزاعي، حديثه قائلًا إنّ "غزارة الأمطار هذا العام وفر علف حيواني مجاني في هذه الباديات ما دفع مربيها للتوجه إليها"، مؤكدًا أنّ "ارتفاع درجات الحرارة واحتراق هذا النوع من المزروعات سيؤدي إلى عودة المربين إلى مدنهم والبدء بعمليات بيعها".
في المقابل، قالت وزارة الموارد المائية، إنّ موجات الأمطار التي هطلت مؤخرًا عززت مناسيب الخزن ضمن 6 سدود في البلاد، فيما توقعت تجاوز كميات المياه الواردة منها حاليًا ومستقبلًا المليار متر مكعب.
الدولار والمناسبات الدينية
إلى ذلك، يقول صاحب محل لبيع اللحوم في بغداد، إنّ "هناك العديد من الأسباب التي تقف وراء ارتفاع أسعار لحوم الأغنام خلال الفترة الماضية وإلى الآن، أبرزها تذبذب الدولار وارتفاع أسعار المعالف الخاصة بالحيوانات".
وفي حديث لـ"ألترا عراق"، يضيف أنّ "السبب الثاني يكمن في زيادة الطلب على اللحوم في جميع المناسبات الدينية الأمر الذي يستغله أصحاب المواشي من أجل رفع أسعارهم والتلاعب في الأسواق"، مبينًا أن "أصحاب محال بيع اللحوم هم مجبرون بدورهم في رفع الأسعار".
وبحسب كلام صاحب محل الجزارة، فإنّ اللحوم المستوردة رغم أنها غير مرغوبة من قبل الزبائن، إلا أنها ارتفعت هي أيضًا بحجة الدولار، مؤكدًا أنّ "ارتفاع الأسعار لم يكن له تأثير كبير على القدرة الشرائية للعائلات في بغداد".
ارتفعت أسعار اللحوم أيضًا بعد أزمة الدولار في العراق
وعن أسباب استمرار هذا الارتفاع، يوضح أنّ "اللحوم مثل غيرها من المواد ارتفعت بحجة الدولار وزيادة الطلب ولم تنخفض مع انخفاض أسعار الدولار وتراجع الطلب عليه".