عند كل موسم امتحانات، تصدر أحاديث ومعلومات عن تسريب الأسئلة في بعض المدن العراقية، ومؤخرًا، تصدر وسم #فضيحة_تسريب_الفيزياء الترند العراقي في "تويتر"، وهي أحاديث ومعلومات تعيد ملف التعليم في العراق إلى الواجهة.
قالت نقابة المعلمين العراقية إنّ تسريب الأسئلة يضر بسمعة العراق وهو ضمن ملف الأمن الوطني بحال عدم قدرة التربية للحد منه
وتواجه العملية التعليمية تحديات ومعوقات كثيرة في العراق، بعضها "موضوعية في بنية التربية وأخرى بيئية تحيط بها"، وفقًا للمتحدث باسم نقابة المعلمين، ناصر الكعبي.
ويقول الكعبي لـ"ألترا عراق"، إنّ "الواقع التربوي يعاني من معوقات كبيرة شهدها في العام الدراسي المنصرم وخلال السنوات السابقة أيضًا تتمثل بنقص المباني المدرسية والملاكات والمناهج واستيعاب مخرجات العملية التربوية".
ونحو 92% من أبناء العراق يدخلون المدارس الابتدائية، مع وجود 8 % يعتبرون "نسبة ضائعة ولا يدخلون المدارس إطلاقًا"، وفقًا للاستراتيجية الوطنية السابقة.
أما في المرحلة المتوسطة، توجد "نسبة ضياعات" بحدود 60 % لا يدخلون للدراسة، ليكونوا ممن "يقرأ ويكتب" أو "من الأميين في المجتمع"، بحسب الكعبي الذي يتحدث عن وجود حاجة إلى "أكثر من 20 ألف مدرسة لفك الاكتظاظ الحاصل داخل الصفوف".
وبحسب الكعبي، فإنّ "الحكومة خططت الآن لبناء 10 آلاف مدرسة فقط، وقبلها كانت 1000 مدرسة، رغم أن "كل موازنة لأعوام 2018 و2019 و2020 كان مقررًا فيها بناء 1000 مدرسة".
وبناء المدارس في السابق، كان كما يقول الكعبي "غير جيد ويعاني من نواقص كثيرة، كمدارس الهياكل الحديدية التي انتشرت، وكل ذلك يؤثر على المستوى العلمي للتلاميذ".
وينتقد المتحدث باسم نقابة المعلمين "غياب الجانب التشريعي عن الاهتمام بالواقع التربوي، فضلًا عن "غياب الدور الرقابي الصحي على المدارس والألعاب الرياضية، بالإضافة لغياب مناطق الترفيه، مع المشكلة الأكبر المتمثلة بعدم استيعاب مخرجات العملية التربوية التي تؤدي بمحصلة الأعداد إلى دخول 13 % فقط من أبناء العراق للجامعات و3 إلى 4 % يصلون للدراسات العليا فقط، والمتبقي يعانون من البطالة ويتمسكون بساحات التظاهر للمطالبة بحقوقهم".
وقامت وزارة التربية بـ"رفع مستوى صعوبة المناهج الدراسية نتيجة المناقشات مع المنظمات الدولية، ما يؤدي إلى حاجة لتدريب المعلمين وتقبل الطلبة للتطور الحاصل بالمناهج"، كما كشف الكعبي.
دعت نقابة المعلمين إلى تطوير وسائل وضع الأسئلة الوزارية والأجوبة من خلال الاستعانة بتجارب تربوية ناجحة
أما عن التحقيقات بتسريب الأسئلة في الامتحانات الوزارية للعام المنصرم، قال الكعبي إنها "أسفرت عن الجزاء العادل لمن ارتكبوا هذه الجريمة بالإعفاء والإحالة للجهات القضائية المختصة، لأنّ ذلك يضر بسمعة العراق وهو ضمن ملف الأمن الوطني بحال عدم قدرة الوزارة على الحد منه"، معتبرًا أنّ "الوزارة تعاني من المحاصصة والحزبية، لأنها "لم تأت بالأفضل عبر طريقة التدرج الوظيفي ومؤهلاته التي يمتلكها، بل نتيجة الانتماءات الحزبية التي تدفع بشخوصها للمناصب بعيدًا عن المميزات".
ودعا المتحدث باسم النقابة، إلى "تطوير وسائل وضع الأسئلة الوزارية والأجوبة من خلال الاستعانة بتجارب تربوية من الدول الناجحة تكون قادرة على خدمة الأجيال الحالية والمقبلة، علمًا أنّ "العراق من سنة 1979- 1980 إلى 1983 من الدول المتصدرة على الشرق الأوسط بتقدم الجانب التربوي ومحاربة الأمية".
ورغم حديث المتحدث باسم النقابة عن معقابة الذين تسببوا بتسريب الأسئلة، كانت وزارة التربية أصدرت بيانًا قالت فيها إنها "تنفي نفيًا قاطعًا شائعة تسريب الأسئلة الامتحانية، وتؤكد على رصانة الأداء وحفظ مغلفات الأسئلة في غرف حصينة تتم حمايتها من قبل اللجان الفرعية للامتحانات".
وفي الأثناء، تحدث الناطق الرسمي باسم وزارة التربية، كريم السيد، عن مجمل "المعوقات" التي ظهرت خلال العام الدراسي المنصرم، فيما أشار إلى أنّ قضية تسريب الأسئلة وارتباطها بعدة نقاط جرى التحقيق بها ومعالجتها.
السيد قال لـ"ألترا عراق"، إنّ "الوزارة واجهت بعض المعوقات بينها اللوجستية وقلة الدعم ونقص القاعات الامتحانية وضبط موعد الامتحانات بأوقات معينة، مستدركًا "لكن جرى التعاون مع الجهات الحكومية بمختلف مسمياتها لتذليل هذه العقبات والمضي قدمًا"، مبينًا أنّ "نسب النجاح كانت جيدة ومرضية بارتفاع النسب في الدور الأول مع توقعات ارتفاعها أكثر في الدور الثاني".
ورغم حادثة تسريب الأسئلة، زعم السيّد أنّ "العام الدراسي الماضي كان يسير بانتظام على عكس السنوات السابقة التي كان يشوبها الاضطرابات والخلل، حيث جرى إعادة نظام الإعفاء العام والفردي، بالإضافة لإقرار الدخول الشامل للسادس الابتدائي وغير الشامل للثالث المتوسط"، مضيفًا أنّ "ما حدث بشأن تسريب الأسئلة الوزاري، تم اعتبارها إشكاليات وليست أخطاءً، وبالتالي فإنّ "الوزارة تدرس النتائج وخرجت بشأنها جملة قرارات راعت فيها المصلحة العامة للطلبة لوجود حذف وتكييف ومشاكل طباعية ونقص إشارات وحركات في بعض المناهج الدراسية تمت معالجتها من خلال التصحيح".
وبيّن السيّد أن "أكثر من 74 طالبًا حصلوا على معدل 100 درجة في الامتحانات للثالث المتوسط، كما يوجد أكثر من 1100 حصلوا على معدل 99 درجة"، معتبرًا أنّ "وزارة التربية لم تظلم الطلبة إطلاقًا وعملت على كل ما يساعدهم بتصحيح مسار العملية التربوية والامتحانية خلال العام الدراسي".
رغم تسريب الأسئلة.. تقول التربية إن العام الدراسي الماضي كان يسير بانتظام على عكس السنوات السابقة
وصرّح السيّد بأن "الخطط المقبلة للوزارة تسير في مسارين، أولها الخطة الاستراتيجية المتمثلة بتنفيذ تطوير القطاعات التعليمية ورفع مستوى الكفاءة والأدوات وزيادة الموازنات، والمسار الثاني يختص بالخطة التطويرية الطبيعية بتصحيح وترميم الجانب التربوي عبر التغييرات الملموسة في العام الدراسي المقبل بموعده المقرر وإعلان التقويم التربوي بوقت مبكر".