عاد الحديث مجددًا حول إنشاء مدينة "الصدر الجديدة" في العاصمة بغداد، بعد أشهر عديدة من إعلان الحكومة السابقة المباشرة بتنفيذ المشروع وتخصيص نحو 25 مليار دينار ضمن موازنة 2021 في ذلك الوقت.
قال نائب صدري سابق إنّ السوداني يسعى لتسويق مشاريع سابقة أعدت أو أنجزت من قبل الحكومات السابقة
وتعتبر مدينة الصدر من أكثر الأماكن اكتظاظًا بالسكان في بغداد، حيث تقدر أعداد الذين يقطنونها بنحو 3 ملايين شخص، وهي نسبة كبيرة من إجمالي سكان العاصمة البالغ عددهم قرابة الـ 8 ملايين و750 ألف نسمة.
ووفقًا للمخططات الرسمية الخاصة بالمشروع المزمع تنفيذه خلال الفترة المقبلة، فإنّ مدينة الصدر الجديدة، ستمتد ما بين منطقة المعامل وأطراف مدينة الصدر الحالية بمساحة إجمالية تبلغ 4 آلاف دونم.
هجوم صدري
نائب سابق عن التيار الصدري رفض الكشف عن اسمه لأسباب تتعلق بتوجيهات صدرية عليا، قال إنّ "مشروع إعمار مدينة الصدر وإنشاء مدن جديدة وجميع المخططات الهندسية الخاصة به معد سلفًا من قبل الحكومة السابقة وليس الحكومة الحالية، وكان تحت أشراف الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي".
ويضيف النائب الصدري، خلال حديث لـ"ألترا عراق"، أنّ "السوداني، يسعى لتسويق مشاريع سابقة أعدت أو أنجزت من قبل الحكومات السابقة بهدف استقطاب الجماهير العراقية".
والجماهير في مدير الصدر، بحسب النائب لا يمكن استقطابها عبر هكذا مشاريع، كونها "جماهير عقائدية تتبع زعيم التيار مقتدى الصدر، ولا يمكن خداعها بمشاريع إعلامية".
وحول اختيار هذه التوقيتات للبدء بهكذا مشاريع، يوضح النائب، أنّ "الحكومة الحالية تستغل هذه المشاريع بهدف الدعاية الانتخابية خصوصًا وأن العراق مقبل على انتخابات مجالس المحافظات، ما يعني أنها مشاريع سياسية لا أكثر".
ويستطرد حديثه بالقول إنّ "جميع المشاريع التي تحدث عنها السوداني خلال الفترة الماضية لم تر النور لغاية الآن كما حدث في مشروع الجسور التي تربط مدينة الصدر بمنطقة شارع فلسطين".
وتتواصل التصريحات الرسمية حول المشروع، إذ أكدت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، أن مشروع "مدينة الصدر الجديدة"، يتضمن إنشاء 90 ألف وحدة سكنية، في حين كشفت عن وجود رغبة كبيرة لشركات عالمية في الاستثمار في هذا القطاع.
ماذا يقول الإطار التنسيقي؟
في المقابل، يقول النائب عن ائتلاف دولة القانون، علي الفتلاوي، في حديث لـ "ألترا عراق"، إنّ "السوداني، لا يستهدف جماهير التيار الصدري من خلال مشروع مدينة الصدر الجديدة كونه رئيس وزراء العراق وليس مقتصرًا على جهة معينة".
وأشار الفتلاوي إلى أنّ "السوداني، يعمل على تقديم مشاريع خدمية في جميع المحافظات كالأنبار والبصرة وغيرها، ولا يحصرها لمحافظات أو جهات معينة".
وبحسب الفتلاوي، فإنّ "الإطار التنسيقي يعمل من أجل النجاح في إدارة الدولة من خلال تقديم الخدمات الضرورية للمواطن العراقي في جميع المحافظات، مؤكدًا أنّ "الحديث عن استهداف جماهير التيار لأهداف سياسية عار عن الصحة".
في العام 2021، وتحديدًا عند الإعلان الحكومي عن مشروع تطوير مدينة الصدر، سارع مكتب رئيس الوزراء السابق بالكشف عن أبرز التفاصيل الكاملة التي يتضمنها المشروع.
ووفقًا لمكتب رئيس الوزراء السابق، فإنّ المشروع يتضمن إنشاء "الحي النموذجي"، كدفعة أولى ويتكون من 1000 وحدة سكنية، كما تضمن المشروع تأهيل البنى التحتية (خارج الموقع وداخله) وفق 3 حزم متتالية، إضافة إلى تقديم المرافق الاجتماعية الأساسية ضمن 3 حزم متتالية أيضًا.
رؤية صدرية
ويقول عصام الأسدي وهو محلل سياسي وعضو سابق في التيار الصدري، إنّ "حكومة محمد شياع السوداني، تستهدف استقطاب الشارع وليس جمهور التيار فقط من خلال المشاريع الخدمية العديدة التي أطلقت"، مبينًا أن "الحكومة الحالية تشبه إلى حد كبير حكومة نوري المالكي، من ناحية ما يقدم من خدمات وصراعات سياسية".
وفي حديث لـ "ألترا عراق"، توقع الأسدي، أن يفشل السوداني في إنجاز مشروع مدينة الصدر الذي زاد الحديث عنه مؤخرًا، مشيرًا إلى أنّ "6 أشهر مرت على عمر الحكومة الجديدة ولم يتحقق أي شيء سوى الفوضى في إدارة الدولة".
ووفقًا لكلام الأسدي، فإنّ الحكومة الجديدة إلى الآن "لم تحقق أي إنجاز على مستوى الاقتصاد العراقي والعمراني في عموم المحافظات، بل كان لها وقع سلبي من خلال زيادة النفقات التشغيلية في الموازنة، مضيفًا أنّ "السوداني ترك مواضيع مهمة مثل إيجاد موارد جديدة غير النفط وانشغل بالمشاريع الخدمية التي هي ضمن مهام البلديات".
وفي الأسبوع الماضي، أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أن مشروع مدينة الصدر الجديدة سيعمل على المساهمة بتخفيف أزمة الاكتظاظ السكاني في المدينة الحالية، مشيرًا إلى أنها ستُشيد خارج رقعة أحيائها القائمة لتوفير الخدمات.
البرنامج الحكومي
كما وجه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، بوضع سور أمني حول منطقة مشروع مدينة الصدر الجديدة من أجل منح الشركات المنفذة الحرية الكاملة لإنجاز المشروع.
ويقول المحلل السياسي، علي فضل الله، المقرب من الحكومة، إنّ "أزمة السكن تعد من أولويات البرنامج الحكومي للسوداني، وبالتالي إعمار مدينة الصدر لا يدخل ضمن الحسابات السياسية".
ويتحدث فضل الله لـ"ألترا عراق"، قائلاً إنّ "البدء في مدينة الصدر، جاء لأسباب عديدة أبرزها أن المدينة تعتبر الأكثر اكتظاظًا بالسكان في بغداد ما يستدعي تدخل الحكومة من أجل حل أزمة السكن هناك".
ترى الحكومة أن مشروع مدينة الصدر الجديدة سيخفف من الاكتظاظ السكاني الموجود
كما واستبعد المحلل السياسي، التفكير في استقطاب جمهور التيار الصدري الموجود في مدينة الصدر من خلال المشاريع الخدمية الجديدة، مؤكدًا أن "مدينة الصدر دائمًا ما عانت من الإهمال الخدمي على مدار السنوات الماضية".