الترا عراق - فريق التحرير
في حديث طويل سرد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي "إنجازاته" في المجال الاقتصادي مستندًا إلى معلومات قال إنّ صندوق النقد الدولي تداولها في التقارير الأخيرة.
وقال الكاظمي للصحيفة الرسمية، إنّه "راض" عن تلك الإنجازات التي تضمنت "خلال عامين تحقيق أعلى معدل نمو اقتصادي على مستوى الدول العربية بحسب تقارير صندوق النقد الدولي التي توقعت أن يصل معدل النمو الاقتصادي في العراق بنسبة إلى 9.5% خلال عامي 2022 و2023".
عدّ الكاظمي "النمو الاقتصادي" أحد أبرز "إنجازات" حكومته التي ما تزال تدير البلاد إثر الاستعصاء السياسي
وأضاف، "قمت بما يرضي ضميري في أداء مهامي، أما على المستوى السياسي فالحديث ما يزال مبكرًا"، لكن رئيس الحكومة، الذي تذرع مجددًا بـ "عدم امتلاك عصا سحرية" لوضع حد للأزمات الكبيرة وعقبات الخطيرة التي تواجهها البلاد، لم يدرك معنى معلومات البنك الدولي التي استعان بها، والتي قد تكون مجرد "ضحك" على حكومته، كما يشير خبير اقتصادي.
ويقول الأستاذ الجامعي المختص بالعلوم المحاسبية والمصرفية عبد اللطيف سالم في مقال، إنّ ما تحدث الكاظمي به عن النمو الاقتصادي "ليس إنجازًا" ولا يمكن اعتباره كذلك بأي حال.
وبيّن سالم، أنّ "تقارير صندوق النقد الدولي تتحدّث عن معدل النمو الاقتصادي، ببرودٍ، وحيادٍ تامّ، لا ينبغي الاستشهاد بمؤشّراتها دون فهمها اقتصاديًا، بشكلٍ صحيحٍ، وسليم"، مشيرًا إلى أنّ "هذا الصندوق، عندما يتحدّث هكذا (دون إيضاحٍ للتفاصيل)، يضعنا جميعًا في صندوقه، ويضحك علينا".
وتابع بالقول، "يضحك علينا.. لا بأس.. ولكنّهُ ما كان ينبغي أن يضحكَ على المسؤول الأعلى عن إدارة الاقتصاد في البلد، ويوهِمهُ ببياناتٍ حَمّالةَ أوجه، ويجعلهُ يُسوّقُ تصريحاته حول الاقتصاد، باعتبارها حقائقَ مُطلَقة".
وأوضح الخبير الاقتصادي، "أيّ شيءٍ تُنتِجهُ وتبيعه، ويزدادُ إنتاجهُ، أو ترتفع أسعار بيعه، سيرفع تلقائيًّا ذلك الذي يُسمّى في الاقتصاد بمُعدّل نموّ الناتج، أو معدّل النمو الاقتصادي، غيرّ أنّ الناتج في العراق هو النفط. لا شيءَ عدا النفط".
وأضاف سالم، أنّ "أسعار النفط ارتفعت إلى ما فوق الـ 100 دولار للبرميل، فارتفعّ في اقتصادنا المُتهالِك.. مُعدّل النمو، فما هو الإنجاز في ذلك؟"
وزاد الخبير من انتقاد رئيس الحكومة بالقول، "نحنُ حتّى لم نرفع معدّلات إنتاج النفط بما يكفي، لنستفيدّ من هذه الهَبّة، أو هذه الهِبَة الريعيّة، أو من بركات الحرب الروسيّة الأوكرانيّة، التي هبطت علينا من السماء، كما هبطت علينا احفوريّات النفط قبل ملايين السنين، وتفسخت في أرضنا، وتَفَسّخنا نحنُ معها (وبسببها)، وما زلنا مُتَفسِّخين".
وأكّد الخبير، أنّ ما حدث لا يتعلق "بأي جهدَ لنا في ذلكَ، ولا إنتاجَ منّا وبنا، ولا مِنّةً لنا على أحدٍ فيها، ولا فَضل، فحتّى هذا النفط نحنُ لا نتحكّمُ به، لا إنتاجًا، ولا تسعيرًا، ولا عَرضًا، ولا طلَبًا، بل الآخرون هم من جعل سعره يرتفع، وليس نحنُ، ومع ذلك، ها نحنُ نهلهِلُ، لأنّ مُعدَّل النمو قد يرتفعَ بسببه في ربوع العراق العظيم".
سخر الخبير الاقتصادي من مفاخرة الكاظمي بـ "النمو الاقتصادي" الناتج فقط عن ارتفاع أسعار النفط
وأوضح سالم أيضًا، أنّ "تقرير صندوق النقد الدولي يتحدّث عن توقّعات حول ارتفاع معدّل النمو الاقتصادي في العراق خلال عاميّ 2022، و2023"، موجهًا سؤالاً إلى الكاظمي حول "ما سيحدث لمُعدّل النمو هذا إذا ارتفعت أسعار النفط في النصف الثاني من عام 2022، إلى 150 دولار للبرميل؟ وما سيحدث له إذا انخفضت أسعار النفط في النصف الأوّلِ من عام 2023، إلى 70، أو60 دولار للبرميل؟ حيث كُلُّ شيءٍ جائزٍ، ومُمكِن، في عالَم سوق النفط العجيب، وما يرتبِط به من توقعّاتٍ عجيبة".
ورأى الخبير، أنّ "السؤالُ الصعبُ والمُحرِجُ هنا، هو ليس الفرح بارتفاع مُعدّل النموّ الاقتصادي، بل هو؛ تُرى ماذا ستفعل دولتكم بهذا المُعدّل المرتفع للنموّ الاقتصادي يا دولة الرئيس؟".
وختم بالقول، "لا فضلَ للصندوق علينا، ولا فضل لدولتكم (الكاظمي) علينا. إنّ الفضلَ، كُلّ الفضل، للنفط وحده لا شريكَ له ولا بديل، وإلى أبد الآبدين".