لم يبتعد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني "وهو يفتتح محطة كهرباء العمارة الغازية المركبة" كثيرًا عن ما يكرره دائمًا بالحديث عن الوصول إلى "الاكتفاء الذاتي من الغاز المستورد" خلال مدة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات.
يحرق العراق من الغاز ما يقارب 1400 مقمق يوميًا وهي كمية قادرة على إضافة أكثر من 4.5 ألف ميغا واط من الطاقة الكهربائية
السوداني وخلال افتتاحه محطة العمارة المركبة، وهي تقنية تقوم بزيادة إنتاجية المحطة الكهربائية الغازية بنسبة 40% دون الحاجة لمزيد من الوقود، قال إنّ "الحلول المستقبلية والدائمية لاستثمار الغاز الذي يحرق ولا يستثمر، عن طريق عقد توتال أو الجولة الخامسة أو العقود التي من المؤمل توقيعها قريبًا، وسيكون العراق أمام استحقاق مهم، وهو انتفاء الحاجة للغاز المستورد خلال مدة لا تزيد عن 3 سنوات حال إكمال هذه المشاريع".
وليس من الصعب إمكانية التوصل إلى حقيقة امكانية تحقيق هذا الشيء، خصوصًا مع توفر الأرقام الكافية لاحتساب ما ينتجه العراق وما يحتاجه وما سيضيفه خلال هذه المشاريع، سواء من الغاز أو الكهرباء.
وفي بادئ الأمر؛ ينتج العراق حاليًا من الكهرباء 24 ألف ميغا واط، وهذه الطاقة الإنتاجية التي يتم تشغيل المحطات الكهربائية بها بمختلف السبل من بينها الغاز الإيراني، بالمقابل يحتاج العراق لـ35 ألف ميغا واط "للاكتفاء التام من الكهرباء"، ما يعني أنّ هناك عجزًا بأكثر من 11 ألف ميغا واط.
محطات غازية جديدة في طريقها للعراق
وهذه الكمية بالضبط هي ما يتحدّث عنها وزير الكهرباء زياد علي فاضل، بأنها ضمن خطة الوزارة لرفع الإنتاج، حيث يقول فاضل إنّ "الرؤية والخطة التي أعدتها الوزارة تستهدف إنتاج 11 ألفًا و500 ميغاواط خلال المرحلة المقبلة بواقع 4 آلاف ميغاواط طاقة شمسية و5 آلاف ميغاواط وحدات مركبة، مؤكدًا أنّ "تطبيق هذه الخطة سيؤدي إلى استقرار الشبكة الكهربائية".
لكنّ يتضح وجود تضارب بكمية ما ستضيفه الدورة المركبة من الطاقة، فبينما يقول فاضل إنها ستكون 5 آلاف، يقول السوداني إنها "ستكون 4 آلاف ميغا واط فقط".
وبينما تحدث فاضل عن 11.5 ألف ميغا واط، فإنه ذكر مصادر الـ9 آلاف ميغا واط فقط، المتمثلة بالطاقة الشمسية والدورة المركبة، فيما لم يكشف عن مصدر الـ2.5 ألف ميغا واط المتبقية، إلا أنّ إعلانًا قطريًا قد يقدم إجابة عن مصدر هذه الكمية، حيث أعلنت شركة أورباكون القطرية توقيع عقد مع الهيئة الوطنية للاستثمار في العراق، لإنشاء محطتي كهرباء بقيمة 2.5 مليار دولار، وتبلغ قدرتها الإنتاجية 2.4 ألف ميغا واط.
ولم تكشف الحكومة العراقية عن هذا العقد، وكذلك لم تتوفر معلومات عن نوع هذه المحطات أو الوقود الذي تعمل عليه، وما إذا كانت محطات حرارية أم غازية، إلا أنّ آخر عقد أبرمته هذه الشركة كان في نيسان/أبريل الماضي مع ليبيا لإنشاء محطات "غازية"، ما يعني أنّ محطات غازية جديدة بالطريق إلى العراق.
العراق قد يواكب الطلب على الكهرباء.. ولكن بارتفاع الغاز المستورد
وبالعودة إلى الأرقام، فإنّ إضافة 11.5 ألف ميغا واط ضمن خطة طريق الوزارة، إلى حجم الإنتاج الحالي الذي يتراوح بين 24 و 24.5 ألف ميغا واط، سيكون لدينا إجمالي إنتاج يبلغ 36 ألف ميغا واط، وهي الكمية التي تسد حاجة العراق بالفعل من الطاقة الكهربائية، لكن لا يزال العراق يستورد الغاز الإيراني حتى الآن مع هذه الحسبة، والتي تشغل أكثر من 5 آلاف ميغا واط من أصل الإنتاج الحالي، ما يعني عدم انتفاء الحاجة للغاز المستورد.
وبنفس الوقت، يحرق العراق من الغاز ما يقارب الـ1400 مقمق يوميًا، وهي كمية قادرة على إضافة أكثر من 4.5 ألف ميغا واط من الطاقة الكهربائية، وهنا سيكون إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة بغضون 3 إلى 5 سنوات لو تمت جميع هذه المشاريع الغازية والكهربائية، سيكون لدينا 40 ألف ميغا واط من الطاقة.
ولكن، بينما يبلغ حجم الإنتاج الحالي 24 ألف ميغا واط، ويبلغ الطلب الحقيقي 35 ألف ميغا واط، فإنّ الطلب أيضًا يزداد سنويًا بواقع 10% سنويًا، وبمتوسط ألفي ميغا واط، ما يعني خلال 3 سنوات سيكون إجمالي الطلب على الطاقة، أكثر من 41 ألف ميغا واط، بالمقابل فإنّ الإنتاج سيكون بحدود 40 ألف ميغا واط "من الدورات المركبة والمحطات الشمسية والغاز المحلي".
خلال 3 سنوات سيكون إجمالي الطلب على الطاقة أكثر من 41 ألف ميغا واط
بالإضافة إلى استمرار الغاز الإيراني، والمحطة الكهربائية الغازية بطاقة 2.5 ألف ميغا واط من شركة أورباكون القطرية، التي ستحتاج إلى غاز هي الأخرى وبكمية تبلغ 700 مقمق يوميًا، لتضاف إلى الـ1700 مقمق يوميًا المستوردة من إيران "50 مليون متر مكعب"، أي أنّ الحاجة للغاز المستورد في حينها ستبلغ 2400 مقمق يوميًا، أي ارتفاع بنسبة 40%، ولا يمكن انتفاء الحاجة للغاز المستورد كما يقول السوداني، وما يعزز هذا الأمر هو التحرك العراقي نحو قطر وتركمانستان مؤخرًا لشراء الغاز.