الترا عراق - فريق التحرير
مع الارتفاع المطرد لأعداد المسافرين في الشرق الأوسط، تعمل دول المنطقة على تطوير البنية التحتية بما يتعلق بقطاع النقل وفي مقدمته الطيران، بتصميم مطارات تجذب المسافرين وتتناسب مع أعدادهم، لكن في العراق يسير تطور قطاع الطيران ببطء، في ظل عجز شركة الخطوط الجوية العراقية، منذ عام 2015، عن تحقيق المتطلبات التي تشترطها الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران "EASA"، لرفع الحظر عن الطائر الأخضر.
فشلت الخطوط الجوية العراقية على مدى أربع سنوات من تحقيق شروط الوكالة الأوروبية لرفع الحظر طيرانها في أوروبا
تجري "EASA" مراجعة دورية كل 6 أشهر للشركات المحظورة، لتقرر رفع أو إبقاء الحظر بعد ورود طلب منها للقيام بتدقيق حالتها، حيث أعلنت في 18 حزيران/ يونيو 2018، استمرار حظر الخطوط الجوية العراقية من الطيران فوق الأجواء الأوربية وفق آخر قائمة أصدرتها.
اقرأ/ي أيضًا: في أجواء عاصفة وخطرة.. وزير النقل يتلاعب بطائرة تقل نحو 200 شخص
تشير رابطة الطيارين العراقيين، إلى أن الحظر الأوربي على الخطوط الجوية العراقية مستمر، بسبب "إهمال" التحذيرات الموجهة من سلطة الطيران الأوروبي لشركة الخطوط العراقية عبر سلطة الطيران العراقي، مبينة وفق بيان لها أن "التحديث الجديد للحظر سمح للأوربيين بدخول الطائرات العراقية إذا كانت تحت رخصة تشغيل لطرف ثالث"، وهي شركة "أطلس جت التركية" التي تتقاضى مبالغ مالية من إدارة الخطوط مقابل هذه الخدمة.
إزاء ذلك، يؤكد مراقبون وخبراء في مجال الطيران أن متطلبات EASA، ليس معقدة بالدرجة التي تستغرق كل هذه المجة، في ظل إجراء المنظمة مراجعة دورية بناءً على طلب الشركة المحظورة، وهو ما يثير تساؤلًا عن سبب عدم الاستعانة بخبراء من دول أخرى، لرفع الحظر وتوفير الأموال، مقابل إهمال قد يدعو سلطات طيران دول أخرى إلى حظر الطائر الأخضر.
يقول خبير الطيران فارس الجواري، إن "حظر طيران الخطوط الجوية العراقية فوق أوربا موضوع يمتد لـ4 سنوات، مبينًا أن " "الحظر الأوربي يقع تحت بند قانوني خاص بوكالة السلامة الأوربية للطيران، وهي اللائحة (EC No. 2111/2005) التي وضعتها EASA، لقواعد مشغلي الدولة الثالث (TCO) وهي خاصة لكل شركة نقل جوي تريد الطيران فوق أوربا".
أضاف الجواري في حديث لـ "الترا عراق"، أن "عدد هذه الشركات يتجاوز 600 شركة أو أكثر، وملخصها وجود أخطاء خلال رحلة طيران فوق أجواء أوربا، وهو بالضبط ماحصل للخطوط العراقية قبل 4 سنوات"، فيما أكد أن الحل الأمثل للمشكلة هو فقط تجاوز هذه الأخطاء، وتقديم طلب لـ" EASA" بالتدقيق على الشركة والسماح لها بالطيران مرة أخرى فوق أوربا، خاصة أنها إجراءات فنية بحتة تدخل ضمن قوانين السلامة الجوية للحفاظ على أرواح البشر".
تهدر الخطوط الجوية 12 مليون دولار سنويًا لصالح شركة تركية لضمان التحليق في أوروبا ضمن عقد تشوبه شبهات فساد
ويتيح أحد قوانين سلطة الطيران الأوربي مرور طائرات الشركة المحظورة فوق الأجواء الأوريبة، في حال كانت تحت رخصة تشغيل لطرف ثالث، ما دفع شركة الخطوط الجوية إلى التعاقد مع شركة "أطلس جت" التركية، لمدة أربع سنوات، ما يشير إلى وجود أطراف مستفيدة أو شبهات فساد، حيث كان من المفترض أن يقتصر العقد على فترة 6 أشهر، وهي الفترة الممنوحة من سلطة الطيران الأوربي للمراجعة الدورية والتأكد من تنفيذ المتطلبات، فضلًا عن الكلفة العالية التي تتقاضاها الشركة التركية.
يقول الجواري، إن "وزارة النقل – شركة الخطوط الجوية العراقية تعاقدت قبل 4 سنوات، مع الشركة التركية لتطير بالطائرات العراقية فقط بطاقمها وشهادة تشغيلها، فيما تتحمل الخطوط الجوية باقي التفاصيل (التأمين، الصيانة، الركاب)، بسعر 1100 دولار مقابل الساعة الواحدة، وهو رقم مرتفع ومبالغ فيه، حيث لا تتجاوز القيمة الحقيقة 550 دولارًا".
كشف الجواري أيضًا، أن "قيمة ما تتقاضاه الشركة التركية سنويًا من الخطوط الجوية العراقية يبلغ 12 مليون دولار، أي 48 مليون دولار خلال أربع سنوات، في حين كان الأجدى التعاقد مؤقتًا مع الشركة لحين تجاوز المشكلة خلال عام في أسوأ الأحوال"، مشيرًا إلى أن المسؤولين يتعهدون بعد كل تمديد لحظر الطيران العراقي بالعمل لرفعه خلال المهلة الجديدة، ويتم تشكيل لجان والسفر إلى أوربا، لكن دون نتيجة.
اقرأ/ي أيضًا: 90 يومًا قاسية على "الفاسدين".. "أبو الأريل" أولًا!
رأى الجواري في كل ذلك، دليلًا على "وجود تقصيرمتعمد أو غير متعمد تجاه هذا الملف"، متسائلًا "لماذا لم تنجح شركة الخطوط طوال هذه الفترة الطويلة بتجاوز هذه العقبة، وهي الشركة العريقة فنيًا بكوادرها المتميزة، أو الإستعانة بخبرات محلية أو عالمية للخروج من هذا المأزق".
كما حذر، من أن التجديد المستمر للحظر على الناقل الوطني العراقي، سيؤدي إلى "نتائج وخيمة" على قطاع الطيران العراقي برمته، من أبرزها منح مبرر لسلطات طيران دول أخرى لحظر الخطوط الجوية العراقية، واحتمال عدم قبول أي طائرة مسجلة عراقيًا من عبور أوربا، والأهم عزوف المستثمرين عن تأسيس شركات نقل جوي عراقية، وإفساح المجال لشركات غير عراقية.
ويعود تأريخ تأسيس الخطوط الجوية العراقية "الطائر الأخضر" إلى 18 أيار/مايو 1938، عندما أوصت جمعية الطيران العراقية على شراء ثلاث طائرات نوع (داركن رابيد)، في مصانع طائرات (دي هافيلاند)، وقد وصلت بغداد السبت الموافق الأول من تشرين الأول/أكتوبر 1938، وكانت تقوم برحلات داخلية وإلى الدول المجاورة.
يحذر مختصون من تداعيات "وخيمة" لاستمرار حظر الطائر الأخضر في أوروبا
كان العراق يمتلك أكثر من 20 طائرة مدنية من طراز اليوشن الروسية (الأسطول الشرقي) تابعة للخطوط الجوية العراقية قبيل عام 1991، حيث تم تدمير أغلبها في حرب عاصفة الصحراء، ونقل القسم الآخر منها إلى دول الجوار خلال مدة العقوبات.
كما وقع العراق في أيار/مايو 2008، عقدين الأول مع شركة (بوينغ) الأميركية لشراء 40 طائرة، والثاني مع شركة (بومباردير) الكندية، لشراء عشر طائرات، في حين بيّنت وزارة المالية أن القيمة الإجمالية للعقدين تبلغ خمسة مليارات دولار.
اقرأ/ي أيضًا:
20 قصة فساد.. كيف ضاعت 500 مليار دولار في العراق؟
56 إدانة لوزراء ومسؤولين بالفساد في 2018.. ومشاريع متلكئة بقيمة 30 مليار دولار