ألترا عراق ـ فريق التحرير
بالرغم من الطلب المرتفع على النفط الخام عالميًا وارتفاع أسعاره لمستويات جنونية، إلّا أنّ النفط العراقي قد يعيش تهديدًا وجوديًا، يتمثّل بفقدانه أهم أسواقه التي تستهلك 75٪ من صادراته النفطية.
سيواجه العراق مشكلة تتمثل بفقدان جزء من حصته التسويقية للصين والهند
يستحوذ النفط العراقي على صدارة قائمة الموردين للنفط الخام إلى الهند فضلًا عن المركز الثالث كأكبر المصدرين إلى الصين بعد كل من السعودية وروسيا، فبينما يصدر العراق يوميًا قرابة 3.3 مليون برميل يوميًا، فإنّ 1.3 مليون برميل تذهب إلى الهند، وأكثر من مليون برميل تذهب إلى الصين، أي أن نحو 2.5 مليون برميل يوميًا من صادرات العراق النفطية تذهب إلى الصين والهند وهو ما يشكل نحو 75٪ من صادرات العراق النفطية.
اقرأ/ي أيضًا: ختام الأسبوع: قفزة كبيرة لنفط البصرة وتباين في أسعار الخامات العالمية
ومع بدء الحرب الروسية على أوكرانيا واتخاذ دول العالم الغربي متمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا حزمة عقوبات وحظر استيراد النفط الروسي، بدأت الشركات العالمية بالفعل بتجنب شراء النفط الروسي، الأمر الذي دفع روسيا إلى تقديم العروض التنافسية التي استفادت منها بالفعل كل من الصين والهند.
وبينما تصدّر روسيا 7 ملايين برميل يوميًا وهو ما يمثّل ضعف صادرات العراق، تطرح تساؤلات عمّا إذا كان النفط العراقي يعيش تهديدًا وجوديًا باستحواذ روسيا على حصة العراق في السوقين الهندي والصيني بفعل الخصومات السعرية التي تتجاوز 20 دولارًا للبرميل الواحد.
خياران أمام العراق
وسيكون العراق أمام خيارين فقط للمحافظة على صادراته أمام هذه المعطيات الجديدة، الأول هو أن يقوم العراق بـ"تبادل الأسواق" مع روسيا، أي أن يقوم بالاستحواذ على حصة روسيا في السوقين الأمريكي والأوروبي، حيث تصدر روسيا إلى أوروبا وأمريكا قرابة الـ2.6 مليون برميل يوميًا، إلا أنّ خبراء يستبعدون إمكانية قدرة العراق على التصدير بكميات كبيرة كهذه إلى أوروبا بفعل اعتماده على المنفذ البحري في تصدير النفط جنوبًا وشرقًا، أما عبر ميناء جيهان ومن ثم إلى أوروبا، فلا تبلغ قدرة العراق التصديرية سوى 75 ألف برميل يوميًا فقط.
أما الخيار الآخر، فيتمثل بقيام العراق بتخفيض أسعار خامه إلى آسيا في صيغة تنافسية مع النفط الروسي وتقديم خصومات كبيرة تمكّنه من الحفاظ على حصته التصديرية في السوقين الهندي والصيني.
حتى مع الخصومات لن ينجح العراق
ويعتبر الخبير النفطي نبيل المرسومي أن الخصومات التي تقدمها روسيا تعد تحديًا كبيرًا للنفط العراقي لأنّ خام الأورال الروسي يتميز بأنه عالي الكبريت ويتلائم مع المصافي الهندية.
ويعتقد المرسومي في حديثه لـ"ألترا عراق"، أنّ "العراق سيواجه مشكلة بفقدان جزء من حصته التسويقية في الصين والهند"، وبينما رجح المرسومي أن "يجاري العراق روسيا بإعطاء خصومات على خام البصرة المتوسط والثقيل".
إلا أنّ المرسومي يستدرك بأنه "حتى في ظل الخصومات لا أعتقد أن يتمكن العراق من مجاراة هذه المنافسة، لأن روسيا أعطت امتيازًا آخر بأن يكون الدفع بالروبية الهندية واليوان الصيني مقابل النفط الروسي".
ويشدّد المرسومي على أنّ هذه المعطيات تعطي تصورًا واضحًا على أنه "لا يجوز لبلد أن يقوم بتصدير كل نفطه من خلال منفذ واحد والمتمثل بالموانئ الجنوبية، ولا يجب أن يعتمد على دولتين في تسويق نفطه، ومن هنا تتضح أهمية تنويع منافذ التصدير مثل خط جيهان التركي وأنبوب البصرة - الأردن الذي يواجه معارضة غير منطقية ولا علمية، حيث أن الأنبوب سيتيح أسواقًا أخرى للنفط العراق في مصر وأوروبا وأفريقيا".
سومو: لا نفكر باستبدال الأسواق.. ولا البيع أقل من السعر
وبالرغم من الخيارين اللذين يتحدث الخبراء عن ضرورة اتباعهما لتجنب خسارة السوقين الرئيسيين، إلا أنّ شركة تسويق النفط العراقية "سومو" تستبعد اللجوء لأي من الخيارين.
وفي إجابة على سؤال طرحه "ألترا عراق" على شركة سومو بهذا الخصوص، أرسلت الشركة إجابتها وعبر المتحدث باسمها حيدر الكعبي مؤكدةً عدم "تأثر الطلب الآسيوي عمومًا والهندي والصيني خصوصًا على النفط الخام العراقي بالأزمة الروسية الأوكرانية".
وأضافت الشركة في رسالتها التي بعثتها لـ"ألترا عراق"، أنّ "جميع زبائننا في هذين السوقين قد طلبوا تحميل كامل كمياتهم التعاقدية دون أي نقص".
وأوضحت الشركة أنّ "السوق الآسيوي هو السوق الأساسي والمستهدف من العراق لصادراته النفطية لما يحققه من نمو جيد بمجال توسعة المصافي والاستهلاك"، معتبرة أنه "من غير المجدي اقتصاديًا واستراتيجيًا تخفيض حصتنا السوقية فيه مقابل توجيه كميات أكبر للسوقين الأوروبي والأمريكي اللتان تسعيان لتخفيض استهلاكها من الوقود الأحفوري".
إضافة إلى ذلك، ترفض شركة سومو تخفيض الأسعار بالطريقة الروسية والبيع بأقل من أسعار السوق بفارق كبير، حيث تشير سومو إلى أنها "تعمد إلى مراقبة متغيرات الأسواق النفطية العالمية وتوظف حساباتها لترجمة هذه التغيرات سواء بالسلب أو بالإيجاب لضمان إنتاج فارق سعري عن نفط الإشارة، يعكس بدقة القيمة العادلة للنفط الخام العراقي"، مشددة على أنه "ليس من سياستنا البيع أدنى من تلك القيمة أو بخصومات سعرية عنها".
السوق الآسيوي هو السوق الأساسي والمستهدف من العراق لصادراته النفطية
وتبيّن الشركة في رسالتها إلى "ألترا عراق"، بأنّ "ما تمتلكه شركة تسويق النفط من خبرة عالية في السوق النفطي وآليات التسويق العالمية مكنها من تجاوز كل الأزمات السابقة والأزمة الحالية بتحقيق هدفها الرئيسي ببيع كافة الكميات المتاحة للتصدير وبأعلى عائدات مالية ممكنة".
اقرأ/ي أيضًا:
النفط العالمي يقترب من خسارة كل مكاسبه الأخيرة.. وارتفاع للخام العراقي