تترادف وتتراكم المؤشرات التي بدأ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بإطلاقها منذ أيام، والتي تصب في مجرى "الوعيد" لجهات تعمل "فوق القانون" كما يقول، حيث أنه وخلال أقل من 7 أيام، لم يفارق حديث الكاظمي في أي محفل أو تصريح، من التطرق إلى "تحركات قريبة" تستهدف هذه الجهات.
يرى المحلل السياسي إحسان الشمري أن تكليف جهاز مكافحة الإرهاب بتنفيذ القرارات المتعلقة بقضايا الفساد هو مؤشر لاحتكاك مسلح مع زعامات ومافيات الفساد
في 27 آب/أغسطس الماضي، وخلال حديثه لصحيفة "ذا ناشيونال" قال الكاظمي إن "الجماعات التي تعتقد أنها فوق القانون ستشهد قريبًا تحركات جادة من قبل قواتنا الأمنية".
اقرأ/ي أيضًا: ضابط اقترحه هشام الهاشمي على رأس لجنة الكاظمي "العليا"
وأضاف أن "برنامج حكومتنا مبني على التأكيد على سيادة الدولة، بما في ذلك حصر استخدام القوة في قوات الأمن الرسمية وحظر استخدام السلاح خارج نطاق القانون".
أخذت هذه الجملة حيزًا كبيرًا في وسائل الإعلام، فضلًا عن مواقع التواصل الاجتماعي، وبينما ما زال الحديث دائرًا حول هذا "الوعيد"، قال الكاظمي وخلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في الأول من أيلول/سبتمبر الجاري: "نعمل الآن على استعادة هيبة الدولة عن طريق تطبيق القانون وتحدي الجماعات الإجرامية والسلاح المنفلت، وبدأنا الإجراءات على مدى الأسبوع الماضي"، مبينًا أنه "قريبًا ستقوم الأجهزة الأمنية بعمليات لاستعادة هيبة الدولة وفرض القانون".
لجنة دائمية
وبالتزامن مع استمرار هذه التأكيدات التي يحرص الكاظمي على التطرق إليها، جرى حراك عملي على الصعيد القضائي والتنفيذي، عندما أكد الكاظمي تشكيل "لجنة دائمية" للتحقيق بالفساد و"الجرائم الاستثنائية"، يترأس هذه اللجنة ضابط حقوقي برتبة فريق، فيما يضم أعضاءً من أجهزة عليا متمثلة بالمخابرات وجهاز الأمن الوطني والنزاهة"، الأمر الذي قد يختصر الطريق على مسألة "تشكيل لجنة آنية" عند وقوع أي حادثة أو خرق مستقبلًا، فيما يكلّف جهاز مكافحة الإرهاب بتنفيذ تحركات الاعتقال وإلقاء القبض على المتهمين المتعلقين بالقضايا التي تختص بها هذه اللجنة.
وأعلن الكاظمي خلال كلمة متلفزة، "تشكيل لجنة تحقيقية عليا، مرتبطة بمكتب رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، تختص بالتحقيق في قضايا الفساد الكبرى، والجرائم الاستثنائية"، مبينًا أن "اللجنة سوف تمنح كلّ الصلاحيات المطلوبة لتحقيق هيبة القانون في المجتمع واستعادة حقوق الدولة والمواطن من الفاسدين والمعتدين".
وتابع الكاظمي "لدينا الإصرار للتمسك بالتزاماتنا، وسنكون على العهد أوفياء مع شعبنا للعبور بهذه المرحلة إلى برّ الأمان، ونؤكد أن السلاح المنفلت وعصابات الجريمة والاغتيال والخطف هي خنجر في قلب الوطن وفي قلب كلّ عراقي، وقد تحركت القوى الأمنية بكلّ طاقتها وتجري تحقيقات موسّعة سنعلن عنها حال اكتمالها من أجل إنصاف عوائل الضحايا ومعاقبة المرتكبين".
ومن الفقرات الملفتة في هذه اللجنة، هو إيكال مهمة إلقاء القبض إلى جهاز مكافحة الإرهاب حصرًا، وهو الأمر الذي رآه المحلل السياسي إحسان الشمري في تغريدة رصدها "ألترا عراق"، "مؤشر لاحتكاك مسلح مع زعامات ومافيات الفساد".
القضاء يستدعي وزراء عبدالمهدي
في الأثناء، اجتمع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، يوم 3 أيلول/سبتمبر، برئيس جهاز الأمن الوطني عبدالغني الأسدي ومستشار الجهاز قاسم الأعرجي، ورئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن أول عبدالوهاب الساعدي، للحديث عن خطوات التحقيق في ملف "قتلة المتظاهرين".
وذكر بيان لإعلام القضاء، أن "المجتمعين ناقشوا الإجراءات القضائية بخصوص حوادث استشهاد وإصابة المتظاهرين ومنتسبي القوات الأمنية ".
وبيّن زيدان أن "الهيئات التحقيقية المختصة بتلك القضايا أصدرت عددًا من مذكرات القبض بحق عدد من منتسبي وزارتي الدفاع والداخلية إلا أنه وبموجب قانون التبليغات العسكري وقانون تبليغات قوى الأمن الداخلي يجب استحصال موافقة القائد العام للقوات المسلحة ووزيرالداخلية لتنفيذ تلك المذكرات".
اعتبر الخبير القانوني علي التميمي أن اللجنة التحقيقية ستكون بوابة لفتح ملفات مهمة وكبيرة مثلًا ملف سقوط الموصل وقتل المتظاهرين وهدر المال العام وتهريب الأموال إلى خارج العراق
كما أوضح أن "الهيئة التحقيقية القضائية في الرصافة استدعت كلًا من وزيري الدفاع والداخلية في الحكومة السابقة للاستيضاح منهما عن معلومات تتعلق بالتحقيق في تلك القضايا"، مشيرًا إلى أن "هناك عددًا من الموقوفين من الضباط على ذمة التحقيق في تلك القضايا وآخرين صدرت بحقهم أحكام من المحاكم المختصة تخضع حاليا للتدقيق من قبل محكمة التمييز".
اللجنة الدائمية قد تفتح الدفاتر القديمة!
وبالرغم من أن الصيغة التي أعلن من خلالها تشكيل لجنة الكاظمي، تشير إلى أنها ستعمل على مراقبة الفساد والجرائم الاستثنائية خلال الحكومة الحالية أو الحوادث الجارية خلال حكومة الكاظمي، إلا أن آراء قانونية ترى أن اللجنة تفتح الباب على القضايا السابقة.
يقول الخبير القانوني علي التميمي في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "تشكيل هذه اللجنة يوافق الدستور المادة 78 التي منحت صلاحيات واسعة لرئيس الوزراء وكذلك المادة 2 من النظام الداخلي لمجلس الوزراء رقم 2 لسنة 2019، وأيضًا قانون انضباط موظفي الدولة رقم 14 لسنة 1991".
وبيّن أنه "يمكن لهذه اللجنة أن تحيل الملفات التحقيقية إلى القضاء أو الادعاء العام"، مستدركًا "لكن اعتقد بإمكان مجلس الوزراء التنسيق مع مجلس القضاء في إنشاء محكمة متخصصة تحقيقًا ومحاكمة، وأيضًا توضيح مصدر المعلومات واستلام الملفات والسماح بها".
واعتبر أنها "ستكون بوابة لفتح ملفات مهمة وكبيرة مثلًا ملف سقوط الموصل وقتل المتظاهرين وهدر المال العام وتهريب الأموال إلى خارج العراق والتي تقدر بـ 500 مليار دولار"، قائلًا "حسنُ فعل القرار بإيكال تنفيذ أوامر القبض إلى جهاز مكافحة الإرهاب وأيضًا التنسيق مع مجلس القضاء لتعيين قاضٍ ومدعي عام للإشراف على عمل اللجنة".
ولفت التميمي إلى أن "الملفات التي ستنظرها هذه اللجنة تحتاج إلى السرية، وأيضًا التنسيق مع الادعاء العام للمطالبة باسترجاع الهاربين والأموال المهربة وفق اتفاقية الانتربول الدولي والتنسيق مع الجانب الأمريكي وفق المادة 27 من اتفاقية التعاون الاستراتيجي"، معتبرًا أن "هذه الخطوة مهمة بالاتجاه الصحيح نحو تصحيح المسارات".
اقرأ/ي أيضًا:
جردة حساب بعد 4 اختبارات "فاشلة".. هل ينجو الكاظمي من مصير عبدالمهدي؟