مع حدوث أي أزمة في العراق، خاصة الأزمات الكبيرة، تقوم مجموعات عراقية كثيرة بنشر صور رئيس الجمهورية فؤاد معصوم في مواقع التواصل الاجتماعي، ويسخرون منه، خاصة تلك الصور التي رُسمت وهو يحمل فيها وسادة وبملابس النوم. كثيرة هي الأزمات في العراق وكثير هو غياب رئيس الجمهورية عنها. العراقيون يمنون النفس بأي ظهور له على شاشات التلفزة أو في بيان صحفي يتدخل أو يحل أزمة أو على الأقل يبدي موقفًا تجاهها.
وظيفة الرئيس العراقي اليوم هي الصمت عن أي شيء ولعب دور الذي لا يعلم، حتى بات المواطن العراقي ينسى أن للعراق رئيسًا
اقرأ/ي أيضًا: خلاف عراقي تركي: من سيحرر الموصل؟
في تفجيرات الكرادة التي حدثت بداية تموز/يوليو الماضي، وراح ضحيتها أكثر من 300 عراقي وعشرات الجرحى، كان الرئيس وعائلته وعدد من أقاربه في رحلة سياحية إلى لندن. برر حينها مكتبه الإعلامي الموقف بالقول إن سفره كان لغرض إجراء فحوصات طبية، لكنه تبين بعد ذلك أنه "لم يجرِ أي فحص طبي بل كانت للسياحة".
الدور الوظيفي الذي يرى البعض أن رئيس الجمهورية يقوم به، هو استقبال الضيوف من السياسيين أو من مسؤولي الدول الأخرى، بالإضافة إلى بيانات التهنئة والنعي والتضامن. من المضحكات المبكيات، أنه قبل أسابيع، تناقل أشخاص خبرًا غير صحيح في مواقع التواصل الاجتماعي عن وفاة الممثل العراقي نزار السامرائي، وبعد ساعات أصدر الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية بيان تعزية لعائلة الممثل "المتوفي"، لكن بعد ساعات خرجت عائلة الفنان لتنفي الخبر.
أما بخصوص الأزمة العراقية-التركية، فلم يصدر أي موقف عن فؤاد معصوم، لا اجتماع طارئ مع الرئاسات الثلاث، ولا مع قيادات سياسية أيًا كانت، وبقي صامتًا حتى لحظة كتابة هذا التقرير. حتى الساعة الواحدة والنصف ظهرًا من الثالث عشر من تشرين الأول/أكتوبر 2016، يظهر على لائحة الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية 16 خبرًا رئيسيًا، ثمانية منها بين تعزية وتهنئة، كأنك في موقع مختص بالوفيات والمناسبات.
اقرأ/ي أيضًا: عودة المالكي..هل تكون بداية مظاهرات عراقية جديدة؟
يُذكرنا رئيس الجمهورية بوزير حقوق الإنسان مهدي البياتي، الذي ألغيت وزارته بالترشيق الوزاري، عندما سئل عن منصبه قال: "لم أكن أعلم أنني سأكون وزيرًا، ولم أكن حاضرًا بالاجتماع الذي اخترت فيه وزيرًا، اتصلوا بي هاتفيًا وقالوا لقد أصبحت وزيرًا".
وظيفة الرئيس العراقي اليوم، فيما يبدو، هي الصمت عن أي شيء وعلى كل شيء، ولعب دور الذي لا يعلم، حتى بات المواطن العراقي ينسى أن للعراق رئيسًا للجمهورية، هو الآخر يبدو أنه نسي وظيفته الأساسية في حماية الدستور، وعيّن نفسه في وظيفة المعزي والمهنئ.
التغيير الوحيد الذي قام به بعد أن أصبح رئيسًا لجمهورية العراق في العام 2014، هو تغيير الموقع الإلكتروني من اللون الأحمر إلى الأزرق، وإزالة صورة سلفه جلال طالباني منه، وعدا ذلك لم يُذكر أي موقف جاد لفؤاد معصوم طيلة العامين الماضيين.
ويحكى أن صحفيًا كتب مقابلة صحافية مع فؤاد معصوم وهو في منصبه الحالي، دون أن يلتقي بالأخير، ودون أن يدور بينهما أي حوار، مستغلًا (هذا الصحافي) العموميات التي يتطرق لها الرئيس. لكن المصيبة أن الأخير لا هو ولا مكتبه يعرفون بماذا حصل. ستنتهي ولاية "معصوم" بعد عامين، وسيفارق الحياة ربما بعد أعوام ليست بالطويلة لكبر سنه، لكن لن يتذكره أي من العراقيين، فقط أولئك الذين هنأهم بمناسبة ما أو بعث لهم ببرقية تعزية على مصاب حل بهم.
اقرأ/ي أيضًا: