فسحة من التفاؤل وفرتها موجة الأمطار الأخيرة حيث انتعشت المسطحات المائية وبعض السدود في أرجاء البلاد، بالتزامن مع إعلان تركيا إطلاق كميات أكبر من المياه إلى نهر دجلة، لكن حجم الخطر الذي يتهدد مساحات شاسعة من وادي الرافدين يتطلب حلولاً أكبر.
يبحث العراق عن حلول مستدامة ومبتكرة لتلافي نتائج كارثية لأزمة الجفاف التي بلغت أخطر مراحلها
ويهدد التصحر نحو "40% من جغرافيا العراق، البلد الذي كان يتمتع يومًا ما بأخصب الأراضي وأكثرها قابلية للإنتاج في المنطقة، ما يتطلب حلولاً مستدامة ومبتكرة على المستوى المحلي والدولي.
ويقول المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال في حديث لـ "الترا عراق"، إنّ "زيادة الإطلاقات المائية من تركيا نحو العراق يفترض أن يتم خلال الأيام المقبلة"، مبينًا أنّ "الوزارة تمكنت خلال الفترة الماضية من السيطرة على مستويات صرف واستهلاك مياه الشرب في عموم المحافظات، لكن الخزين المائي يحتاج إلى تعزيز".
وتسعى الحكومة العراقية إلى نيل زيادة من تركيا بمقدار 400 متر مكعب في الثانية بالنسبة لإطلاقات نهر دجلة، بوصفه الأشد تضررًا بنسبة ملوثات بلغت 90%، وفق خبراء.
أما نهر الفرات فيحتاج زيادة للإطلاقات بحجم 500 متر مكعب كلّ ثانية، حيث ينبئ الواقع الراهن بجفاف أقسى خلال الصيف القادم، ما سيرفع معدلات التلوث، فضلاً عن ظاهرة الهجرة.
ويوضح شمال، أنّ "الجفاف الذي ضرب المحافظات العراقية، خاصة في الجنوب، أدى إلى هجرة سكانية نحو مناطق الوفرة المائية لتربية المواشي وإقامة المشاريع، بل وحتى من أجل الاستخدامات اليومية الطبيعية والشرب، ما أدى إلى ضغط إضافي على الخزين المائي العراقي".
ويقرّ شمال بالتجاوزات على الحصص المائية داخل البلاد، كواحدة من أبرز أسباب الأزمة، حيث ساهمت في فشل الخطة الزراعية لهذا الموسم، لكنه يؤكّد أيضًا أنّ "السياسات التعسفية بما يتعلق بحصص المياه من قبل دول الجوار دفعت المزارعين إلى ارتكاب تجاوزات أكبر".
وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني قد دعا إلى تفعيل المركز البحثي المشترك، خلال محادثته الأخيرة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بهدف التوصل إلى حلول نهائية بشأن حصص المياه مع أنقرة.
حول ذلك يبيّن المتحدث باسم الوزارة، إنّ "الوزارة والجهات العراقية الأخرى أكملت جميع الاستعدادات والدعم اللوجستي لبدء عمل المركز، وتبادل المعلومات حول ملف المياه نحو الاستخدام الأمثل".
يحتاج العراق إلى 400 متر مكعب في كلّ ثانية لنهر دجلة و500 متر مكعب للفرات
مؤخرًا، دعا رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، في كلمة العراق أمام مؤتمر الأمم المتحدة للمياه في نيويورك، إلى إشراف دولي على اتفاق إقليمي لتأمين حصص مائية عادلة بين العراق وتركيا وإيران.
رشيد توقع أن ترتفع احتياجات العراق للمياه في السنوات المقبلة بسبب "نمو السكان والتغير المناخي"، في وقت ما يزال فيه النهران يتناقصان، والجفاف يهدد سبل عيش الشعب واقتصاد الدولة، ويخيم بظله على الحياة والبيئة في المنطقة، على حد تعبيره.