بعد أن كانت القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ، تراجعت القراءة في بغداد والمحافظات العراقية بالسنوات التي مضت بفعل الأحداث السياسية المتعاقبة التي جاءت بعد الحرب وفي أيام الحصار، لكن بغداد عادت للقراءة وبدأت تتعافى في المحافظات العراقية تدريجيًا، وعادت إلى المتنبي مكتباته وانتشرت فعاليات لنشر الكتاب ومهرجانات لدعم القراءة بمختلف المحافظات، فضلًا عن معرض بغداد الدولي للكتاب، إضافة إلى أن من يطلع على الشأن الثقافي العراقي يجد أن بغداد أصبحت تكتب وتطبع وتقرأ وتوزع للمحافظات.
عادت القراءة إلى بغداد بعد سنوات من الحصار والحرب وأصبحت بغداد هي تكتب وتطبع وتقرأ
إن ازدياد عدد الكتاب بمختلف المجالات، وكذلك ازدياد الكتب المترجمة فتح أبوابًا واسعة للقارئ العراقي في تحديد المواضيع التي يقرأها، خاصة مع غياب الرقابة في العراق عن كل ما يكتب وكل ما يترجم، والتي كانت سائدة في زمن الاستبداد. وهذه النقطة تحديدًا جعلت القارئ العراقي في مسؤولية كبيرة أمام نفسه ومجتمعه كما يرى كتاب وأصحاب دور نشر، خاصة بالنسبة للقرّاء الجدد، حيث أن القراءة سلاح ذو حدين، فهناك كتب تزيد من الوعي والثقافة والانفتاح وتقبل الآخر، وكتب أخرى تجعل قارئها يغوص في التطرف والكراهية والطائفية.
اقرأ/ي أيضًا: صندوق للتبرع بالكتب من مبادرة "أنا عراقي أنا اقرأ" يتوسط معرض بغداد
ومع ازدياد الكتب وانتشار وسائل القراءة، ثمة سؤال ينطرح مفاده ماذا يقرأ العراقيون، وماهي الكتب التي تستهوي القارئ العراقي، لا سيما بعد فعاليات معرض بغداد الدولي للكتاب، وماهي الكتب الأكثر مبيعًا فيه، وهل هناك فرق بين الكتب التي يقرأها الرجال أو الكتب التي تستهوي النساء.
صاحب دار شعاع للنشر والعلوم في سوريا، هيثم قباني، يرى في حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "الكتب الهندسية بمختلفها، بما فيها الكتب الخاصّة بالنفط والميكانيك وهندسة الطيران وكتب الحاسوب وكتب تعلم اللغة الانجليزية، هي الكتب الأكثر قراءة لدى العراقيين"، فيما رأى مدير دار الطلائع في مصر، سمير الشاهد، أن "الكتب التي تخص التربية ونشأة الأطفال والكتب التاريخية وكتب اللغة العربية هي الأكثر طلبًا في معرض الكتاب".
لكن صاحبة دار السعيد من مصر، لمياء السعيد، قالت في حديثها لـ"ألترا عراق"، إن "القارئ العراقي دائمًا ما يحتفظ بالكتّاب القدماء، ونادرًا ما يحب التجديد، مبينة أنه "حتى الآن كانت الكتب الأكثر مبيعًا في دارنا هي كتب نجيب محفوظ ودوستويفسكي".
فيما أشارت صاحبة دار آمنة الأردنية للنشر، إلى أن "الكتب التي استهوت القارئ العراقي أكثر هي الكتب السياسية والتاريخية وكتب علم النفس والتربية، بينما لفت صاحب دار غيداء للنشر والتوزيع في حديثه لـ"ألترا عراق"، إلى أن "كتب التاريخ والفلسفة في داره هي الأكثر طلبًا بالنسبة للنساء العراقيات، بعكس الرجال الذين ذهب غالبيتهم إلى كتب الأدب واللغة".
بهذا الصدد، رأى صاحب دار الرشاد برس اللبنانية، أن "الكتب الأكاديمية كانت مفضّلة في الطلب، بالإضافة إلى الروايات التي احتلت المرتبة الأولى في داره"، الأمر الذي أكده صاحب مكتبة ودار عدنان للنشر والتوزيع، ياسر عدنان، بقوله لـ"ألترا عراق"، إن "الروايات وكتب الشعر الأكثر مبيعًا بالنسبة لمختلف دور النشر العراقية، مشيرًا إلى أن "الكتّاب الذين يحظون بشهرة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي كانت مؤلفاتهم باختلاف محتواها هي الأكثر طلبًا بالنسبة للرجال والنساء مثل الشاعر علي وجيه والروائي أزهر جرجيس وكذلك الروائي علي بدر، ما يثبت أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تلعب دورًا كبيرًا في نجاح الأشخاص فكل من هو نشط افتراضيًا هو نشط واقعيًا".
كانت كتب التاريخ والفلسفة هي الأكثر طلبًا بالنسبة للنساء العراقيات بعكس الرجال الذين ذهب أكثرهم إلى كتب الأدب واللغة
بحسب هذه الاحصائيات، يتضح أن القارىء العراقي يحب التنوع في القراءة ويقرأ في كل المجالات وجميع التخصصات، رغم ميوله إلى الأدب في أكثر الأحيان، فيما يرى الناشرون أنه أصبح أكثر وعيًا وأكثر دقة في اختيار الكتب التي يقرأها، إضافة إلى أنه أصبح أكثر ميلًا للكتب الواقعية والأدبية الرفيعة والفكرية بعد أن كانت كتب الخيال والتنمية هي مركز اهتمامه في السنوات القريبة السابقة.
اقرأ/ي أيضًا: