ربما هي من أكثر الديانات التي أثيرت حولها الشبهات والشائعات وحيكت حولها القصص والأساطير، مثل أنهم يعبدون الكواكب والنجوم ويرهقون أرواح المحتضرين منهم، ويعبدون كائنًا لا وجود له، فهي ديانة غامضة عند بعض أهل العراق ويعود سبب ذلك الغموض للبعد التاريخي لهذه الديانة، إذ يعتقد الصابئة أنهم أقدم ديانة سماوية، على وجه الأرض، وإن كتبهم هي صحف سادة البشر الأوليين: آدم وشيث وأدريس ونوح، ويرفعهم ذلك إلى مصاف الأديان والشرائع الموحدة في التاريخ. فيما يوجد هناك سبب آخر بحسب مختصين، وهي أن المندائيين لا يشهرون طقوسهم، فهم ديانة أقرب إلى السرية لأنهم اعتادوا العيش تحت الاضطهاد من قبل السلطات غير الوطنية إضافة إلى متطرفي الأديان الأخرى، كما أنها ديانة ليست تبشيرية، وينبذ دينهم الحرب حتى إذا كان دفاعًا عن النفس، وتمرسوا على الصبر المرير الذي اتخذوه وسيلة لمقاومة استفزاز المحيطين بهم مما جعلهم يحافظون على كيانهم لعشرات القرون.
اعتاد الصابئة العيش تحت الاضطهاد من قبل السلطات والمتطرفين ما جعلها ديانة أقرب إلى السرية بالرغم من أنهم يعتبرون أنفسهم من أقدم الأديان على وجه الأرض
ذكر القرآن الصابئة في ثلاث من سوره، وهي الحج والبقرة والمائدة، ويرى بعض الباحثين أنه من الصعب أن يعرف للديانة المندائية مؤسّس، وهذه الخاصية ميزتهم عن اليهودية والمسيحية والمانوية وحتى الإسلام وغيرها من الديانات العالمية. ومن كتبهم المقدسة، كتاب "الكنزا ربا" أي الكتاب العظيم، ويحتوي على صحف الأنبياء الذين يؤمنون بهم كآدم وشيت وأدريس ويحيى، وحول هذا يقول الباحث العراقي رشيد الخيون، إن "من يدرس كتاب المندائيين الكنزاربا، ويقارنه بنصوص القرآن، ويدرس فقههم ويقارنه بالفقه الإسلامي سيجد الموافقة واضحة بين الديانتين".
ومن كتبهم الأقل أهمية من الكنزا ربا، كتاب الأنفس وديوان ابارثر وغيرها من الكتب، إلا أن أهمها الكنزا ربا، ويعتقد الصابئة، أن كتابًا من كتبهم نزل على يحيى بشهادة القران الكريم "يا يحيى خذ الكتاب بقوة"، إلا أن المسلمين يختلفون معهم ويقولون إن الآية تقصد كتاب التوراة لا الكتاب المندائي، وقد ترجم كتاب الكنزا ربا في زمن هارون الرشيد إلى اللغة العربية وبعد ذلك حصلت ترجمات أخرى.
اقرأ/ي أيضًا: لا صابئة في محلة الصابئة
أما لغتهم فهي اللغة المندائية، والتي تنحدر من الآرامية، لكن قليلين جدًا من يتحدثون بها، إذ أصبحت مقتصرة على الكهان ورجال الدين والتي يتكلمون بها خلال الطقوس التعبدية. وتتكون درجات الرجال عندهم بالشكل التالي، الشكندة، الحلالي، الترميده، اللنزا برا، ريشمة "الكاهن الملك" والرباني، والأخيرة لمم يحصل عليها سوى يحيى المعمدان.
ويعد الدرفش أو درفشا رمز الديانة المندائية، وهي بحسب ما يعتقد المندائيون رمزًا للسلام في العوالم العلوية لعالم النور أي الجنة، وله طقوس وخصوصية دينية عالية.
أصل التسمية
اختلف الباحثون في أصل تسميتهم بالصابئة، فيما رجح بعضهم أنها جاءت من كلمة "مصبتا" الآرامية التي تعني الارتماس بالماء الجاري، والتي يرد ذكرها في التعميد الذي يعتبر من أهم طقوسهم، وكلمة الصابئة مأخوذة من الفعل الآرامي "صبا"، ومعناها غطس أو غسل بالماء الجاري ومنها مصبوته وتعني التعميد. أما معنى مندائي، فأنها كلمة تتصل بكلمة الملاك مندادهيي، وهو الأثري العارف الأول بالحق الأزلي، وتتصل بالمانا وتعني العقل، وتعرف معابدهم بالمنديات، أو بيوت المندي، وبالتالي تعني مفردة المندائي الموحد العارف بالله، بحسب ما جاء في مصطلحات كنزا ربا اليمين. ومن الجدير بالذكر أن كلمة ميسان اسم المحافظة التي يتواجد فيها بعض المندائيين جنوب العراق فأن أصلها مندائي "مي سيانة"، أي الماء الطيني.
بماذا يختص به المندائيون عن غيرهم؟
اختص الصابئة المندائيون دون غيرهم من الديانات الأخرى بالقول بأكثر من آدم، وأكثر من كوكب مأهول بالبشر، فهو آدمنا الذي خُلق من طين أرضنا، ونزلت روحه من عالم النور بأمر الحي الأزلي، وآدم الخفي "كسيه"، حيث تقول الخبيرة في الشؤون المندائية الليدي دراوور، إنه "أخبرني أحد الكهان يوجد اثنان من كل شيء في الدنيا الواقع ومقابله المثالي، مضيفة أن "لكل شخص على هذه الأرض شبيهًا "دموثه" في مستوى كـ"شطة". ولدى الوفاة يفارق إنسان الأرض جسمه الترابي ويلتحق بالجسم الأثيري لشبيهه".
تعود أصل تسمية محافظة ميسان التي يسكنها الكثير من الصابئة إلى كلمة مندائية تعني "مي سيانة" أي الماء الطيني
ويتحدون مع الإسلام كونهم ديانة توحيدية إبراهيمية قديمة تعتقد بالواحد الأحد ولكنهم يختلفون معهم بتوقفهم على النبي يحيى "عليه السلام"، آخر أنبياءهم.
طقوس الديانة المندائية
إن كل طقوس الديانة المندائية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالماء، إذ أن اسمهم مأخوذ من عملية الارتماس في المياه الجارية، ويسمى "مصبتا" وهو مأخوذ من صبا الآرامية أي اغتسل.
اقرأ/ي أيضًا: "حمّام اليهودي" لعلاء مشذوب.. التاريخ الموازي للتنوع في كربلاء
وفيما يتعلّق بزيهم الديني وعلاقتهم بالماء فقد أشارت أحد نصوصهم المقدسة الواردة في الكنزاربا إلى أنه "يا أصفيائي: البسوا الأبيض، واكتسوا الأبيض، ألبسة الضياء وأردية النور، واعتموا بعمائم بيض كالأكاليل الزاهية وانتطقوا بأحزمة الماء الحي، التي يحملها الأثريون، وانتعلوا واحملوا بأيديكم صولجانات مثل صولجانات الماء الحي التي يحملها الأثريون في بلد النور"، كما جاء في الكنزا ربا ص61.
ومن شعائرهم الثابتة، العماد والصلاة والصدقة، والعماد المندائي يمارس بثلاثة أنواع، وهي "مصبوتا" العام، و"طماشة" وهو مجرد اغتسال من النجاسات كالجنابة وغيرها، و"درشاقة"، وهو بمثابة الوضوء ويمارس يوميًا وتغسل من خلاله أعضاء الجسم. ولدى المندائيين ثلاث صلوات في اليوم، وهي عبارة عن قراءة وتبريكات مع الانحناء، كما وردت كلمة السجود في النص المقروء، كقولهم "قوموا أيها المسلمون أسجدوا وسبحوا الله العظيم"، إضافة إلى الصلاة الجماعية التي تقام في المندي. بينما هناك صلاة شخصية يصليها المندائي في مناسبات معينة، ويستقبل المصلي عند الصلاة جهة الشمال، وهي القبلة المندائية اعتقادًا منهم أنها الجهة المباركة حيث مكان الحق "مشوني كشطة"، أما الصوم فيقسم عندهم إلى صوم صغير وصوم أكبر ويوزع في السنة على 36 يومًا تختم عندهم بالأعياد، ويتوقف الأمر بإيقاف عملية الذبح وعدم تناول كل ما فيه روح من الحيوانات والطير في أيام معلومة تسمى عندهم "المبطلات"، كما يتوقف في هذه الأيام الجنس ومن تعاليم الصيام عندهم، "أمسكوا أفواهكم عن قول الكذب لأن الذي يحل في قلبه البغض ليس مسلمًا".
أما الصدقة من المال فتقدم كهبة لأبناء الملة المحتاجين، ومن شروط ثوابها أن تقدم سرًا والإعلان عنها يعد خطيئة توازي خطيئة الكفر.
أما طقوس الزواج والطلاق عند المندائيين، فالدين المندائي يبارك الزواج والخصب، ويعده فريضة من فرائض الدين، ولذلك نهى بشدة عن العزوبية، بما في ذلك رجال الدين، وتقول تعاليمهم بهذا الشأن، إنه "وأمرنا أن اتخذوا لأنفسكم أزواجًا تعمر بكم الدنيا"، وعند الزواج يجري التأكيد على العذرية فقعد زواج الثيب لا يتطلب العماد وأداء قسم الاخلاص من قبل الزوجين أمام رجل الدين، بقدر ما يتطلب العقد والشهادة، ويجيز الدين المندائي تعدّد الزوجات في بعض الحالات من قبيل عدم القدرة على الأنجاب أو أي مرض آخر يصيب الزوج شرط أن يعدل بينهن وتأتي الزوجة الأولى بالمرتبة العليا في المناسبات الدينية.
كما يحرم الدين المندائي الطلاق إلا في حالات خاصة وكذلك لا يجوز للمندائي الزواج إلا بالمرأة المندائية ومن يفعل ذلك فأنه يخرج عن الدين من غير رجعة.
أما فيما يخص طقوس التغسيل والدفن، فأن المندائيين يقومون بتغسيل المحتضر واكساءه الكسوة الدينية البيضاء المعروفة بـ"الرستة"، اعتقادًا منهم أن ذلك يمكن روحه من الصعود إلى مكانها في "مشوني كشطا" السماوي، أسفل طبقات عالم النور وهي مطهر ة مما علق بها من نجاسات العالم الأرضي، وجاء في النصوص المندائية المقدسة على لسان المحتضر "أذهب إلى شبيهي، وشبيهي يأتي إلي يتذكرني ويحتضنني كما لو أنني خارج السجن"، أما فيما يتعلق بالقبور فقد عرف المندائيون سابقًا عدم اهتمامهم بالمقابر والأضرحة التي تخلد عادة كبار القوم. فبحسب ما يقوله المندائيون، إن "الاهتمام بالقبر لا يستمر أكثر من خمسة وأربعين يومًا. أما الآن فالمندائين مقابرهم بالعراق والأهوار والدول التي هاجروا إليها، لكن بناء القبر ليس من تعالم الدين حسب ما يرى بعض الباحثين.
أعيادهم
عيد رأس السنة الكبير "التكريس"، ويسمونه الضحوة هو ذكرى هبة الله تعالى الحياة لآدم الإنسان الأول ويكرس فيه المندائيين أوقاتهم للذكر والعبادة، والعيد الصغير ويسمى الصابئة هذا العيد "هبة الله الصغرى"، وهو تمثيل ذكرى عودة الملاك الرسول جبريل وصعوده إلى السماء، وعيد الخمسة أيام، ويسمى عيد الخليقة "بروا نايا"، ويسمى على المستوى الشعبي "البنجة"، وهو ذكرى الأيام التي بلغ بها الخلق تمامه، وعيد التعميد، ويسمى هبة الله وهو ذكرى تعميد آدم والآباء الصالحين القدامى.
الطعام عند الصابئة المندائيون
قامت الشاعرة المندائية لميعة عباس عمارة بدراسة أنثروبولوجيا الطعام عند الصابئة المندائيون وعلاقته بالصحة والجمال، وطبع مؤخرًا عن دار الرافدين العراقية، وترى عمارة أن صحة وجمال المندائيين يعود لنوع الغذاء من حيث أنواعه والحرص فيه على مادة السمك وأنواع الخضار المفيدة والمكسرات، ولا يباع الطعام عند المندائيين، فذلك يدخل من باب العيب وتقديم طعام النذور محرم عندهم. أما مؤاكلة الآخرين فأنهم يحرصون على عدم مشاركتهم الأكل بسبب الالتزامات المفروضة عليهم دينيًا، ويحرص المندائيون على عدم تناول كل مادة غير طبيعية وغير محلّلة كالمواد الكيمياوية. كما أنهم لا يشترون مطلقًا اللحم من الجزارين، ويحرمون أكل اللحوم التي يتبيّن لهم أنها مريضة، ويعتمد المندائيون الخروف، الحيوان الوحيد المؤهل للذبح والذكر فقط، ويحرمون ذبح الأنثى. كما أنهم عرفوا بحبهم للسمك وهي كثيرة بسبب وفرتها في مياه دجلة والفرات، كما أنهم يتناولون جميع أنواع الخضار وعرفوا بصناعتهم للمخللات، أما بالنسبة للأدوية، فأن جميع الأدوية المعتمدة من قبل الصابئة المندائيون هي "العشبية"، فالدواء مما يشترك به الجميع وتشيع فائدته بحيث أن استخدامه يعبر حدود المجتمعات.
وتشير عمارة إلى أن رجال الدين المندائيين لا يتناولون الخمور مطلقًا وهو محرم عندهم وأما عامة المندائيين فيمكن أن يتناولونه بقدر قليل مع أنهم لا يصنعونه.
ومن أبرز شخصيات الديانة المندائية، عالم الفلك العراقي عبد العظيم السبتي، والشاعر عبد الرزاق عبد الواحد، وعالم الفيزياء عبد الجبار عبد الله، والشاعرة لميعة عباس عمارة، وغيرهم الكثير.
المندائيون في معاناتهم وآلامهم
تقول الباحثة في الشأن المندائي الليدي أثيل ستيفانا دراوور، إن "الصابئيين تعرضوا إلى المذابح التي سجلوها في طلاسم وكأنها مناشير سرية حتى لا يظهر صوت احتجاج لهم، إذ حدث في زمن حاكم العمارة محسن بن مهدي مذبحة رهيبة طالت كهنتهم وشيوخهم وكان السبب امرأة صابئية خرجت من دارها إلى النهر في اليوم الأول من السنة الجديدة في الوقت الذي ينبغي أن يكون فيه جميع أفراد الصابئة داخل بيوتهم فتعرض لها أعراب كانوا في أسطول من الزوارق راسٍ هناك ونشب قتال وأعلنت الحرب على الصابئيين فذبح الكهان والرجال والنساء والأطفال وبقيت الطائفة بلا كهان لعدة سنين".
وربما من أهم معاناة أبناء الديانة المندائية هو أن بعض فقهاء المسلمين أفتى بنجاستهم لأنهم مشركون وفقًا للآية "إنما المشركون نجس"، على الرغم من أن أبرز طقوسهم ترتبط بالنظافة والطهر واباح البعض قتلهم، ومن التهميش التاريخي الذي تعرضوا له هو أن الدولة العثمانية لم تعترف بهم كطائفة، وبسبب ذلك فأنها قبلت من أفرادها البدل العسكري أسوة بالعثمانيين غير المسلمين. أما في ظل حكمي الاحتلال البريطاني والعهد الملكي فكانت أجهزة الدولة ووزارة العدلية ومتصرفية لواء العمارة تعطيهم صفة الطائفة كالإيزيديين واعتبرت أيام أعيادهم حسب القانون عطلة رسمية.
أما في زمن سلطة البعث، يقول الباحث العراقي رشيد الخيون، أنه "أصبح هذا التاريخ القديم والجذر الضارب في عمق الأرض العراقية مهدد بالزوال، فقد انعكس ما سببته سلطة البعث بالعراق من كوارث الحروب والاضطهاد والحصار، على وجود الصابئة المندائيون مثلما انعكس على بقية الأديان والمذاهب، فهجر عدد كبير منهم العراق إلى البلدان الأوروبية، ولم تتوقف الهجرة، بل أضيف عامل آخر بعد زوال المسبب في 9 نيسان/ أبريل 2003 إلا وهو تفشي الأصولية وظهورها على السطح".
التاريخ القديم والجذر الضارب في عمق الأرض العراقية مهدد بالزوال فيما انعكس ما سببته سلطة البعث على وجود الصابئة إضافة إلى آثار ما بعد الغزو الأمريكي عليهم
حيث يذكر الخيون في كتابه الأديان والمذاهب في العراق بعض الحقائق التي تتعلق بتعامل بعض التيارات الدينية المتشددة مع أبناء الديانة الصابئية، إذ صدر تكفيرهم من قبل المتشديين السنة والشيعة على حد سواء بعد 2003.
الأمر الذي جعل شيخ الطائفة المندائية الكنزا ربا ستار جبار حلو يوجه نداء إلى المجتمع العراقي والدولي شاكيًا فيه من تعرض الديانة الصابئية إلى الظلم والاضطهاد، إذ تعرضوا إلى الخطف والسلب وهتك الأعراض وتوزيع المنشورات التي تتهمهم بالكفر والسحر والشعوذة.
مع العلم أن نصوص كتابهم المقدس الكنزاربا تنهى عن الزنا والسحر فقد ورد فيه، أنه " لا تعشقوا نساء الآخرين، ولا تقربوا الزنا، ولا تغنوا غناء السكير، ولا ترضوا رقص الغجر، أحذروا أن يستحوذ على قلوبكم الشيطان المملوء بأحابيل السحر والخداع والغواية".
اقرأ/ي أيضًا: العراق في المؤشر العربي.. إرث الاستبداد الثقيل
ويرى الدكتور كاظم حبيب، أنه "خلال الفترة الواقعة بين 2003-2016، بلغ عدد القتلى على أيدي المليشيات الطائفية المسلحة والإرهابية 193 شهيدًا. وإن الجرائم ضد المندائيين ما تزال ترتكب حتى الآن بهدف إشاعة الرعب في صفوفهم ودفعهم للهجرة من وطنهم والسيطرة على أملاكهم، لافتًا إلى إنها "جريمة مستمرة ولم يوضع لها حد حتى الآن".
الأطياف التي تطاردها خفافيش الظلام
لا زال العراق يخسر أطيافه يومًا بعد آخر حتى أصبح مثل لوحة فنية متناثرة ممزقة، حيث أن الصابئة يمثلون طيفًا جميلًا من أطياف الماضي العتيد المتنوع للعراق، ألسنتهم لا تزال تنطق بالآرامية وهم أهل دين سماوي ولا زالوا يهاجرون من العراق لأسباب شتى أهمها عدم وجود الأمان.
في حديثه لـ"ألترا عراق"، يقول المواطن الصابئي حازم ماجد، إنه "بعد ٢٠٠٣ حدث تخلخل العراق عامة وأصاب ما أصاب الصابئة، لكن المشكلة أن الصابئة محرم عندها القتال والوضع بالعراق يحتاج إثبات وجود، وأن أغلب الصابئة هم من الصياغ، ويوجد تميز عنصري بطريقه التعامل، فمثلًا أن الصابئي لا يستطيع العمل في القطاعات الخاصة بسبب التثقيف ضدهم بأنهم كفرة".
أما فيما يتعلق بالشائعات التي تقال إنهم يعبدون الكواكب ويمارسون السحر، فيقول ماجد إنه "توجد طائفة كانت تعبد الكواكب والنجوم ويدعون صابئة حران، وليس لنا بهم علاقة، مضيفًا "أما بالنسبة للسحر فهو من المحرمات عندنا كذلك القتل و الزنا والسحر وشرب الخمر والنفاق والكذب".
أما المواطن ستار ساري المقيم في سيدني، يرى في حديثه لـ"ألترا عراق"، أنه إلى "هذه اللحظة ﻻ يوجد أي فتوى من قبل المرجع السيستاني بأن المندائيين هم أصحاب كتاب، بينما العالم أجمع يقر بأننا أول الأديان والموحدين".
فيما طالب الدكتور أسعد فيصل وهو من الديانة المندائية، ومقيم في البصرة، بـ"تمثيل رسمي، حيث إلى الآن لا يوجد لنا تمثيل سواء في الحكومة أو مجلس المحافظة"، وعن هاجس الهجرة الذي يراود أغلب أبناء الأقليات بالعراق يقول فيصل في حديثه لـ"ألترا عراق"، "أنا كطبيب أفكر بالهجرة بعيدًا عن كوني صابئي، وإنما لأن الأطباء بالعراق دائمًا يهددون ويطالبون بالفصول العشائرية، فلا يوجد قانون مفعّل لحماية الأطباء".
وعن هجرة الصابئة، يقول فيصل، إن "أغلب أبناء الديانة الصابئية هاجروا لعدم توفر الأمان والعمل حالهم حال الطوائف والديانات الأخرى بالعراق، وفي أي لحظة ممكن أن يتعرضوا إلى الخطر تمامًا مثل ما حصل للمكونات الأخرى لحظة سقوط الموصل على يد داعش"، مشيرًا إلى أن "أغلب أصدقائي هم من المسلمين والمسيحيين والأمور جدًا طبيعية ونتبادل الزيارات وقلوبنا عامرة بالمحبة والسلام بيننا كشعب".
آخر من غادر!
آخر من غادر وهو يجر أذيال الحسرة والحزن هو رئيس مجلس شؤون الصابئة المندائيين فرع الديوانية، خالد ناجي، إذا كتب على حسابه في فيسبوك، "وداعًا بلدي عراق الخيرات والجدود، غادرناك مجبرين لا مخيرين"، مبينًا "أما عن مغادرتنا مجبرين هي نتيجة الإقصاء والتهميش وعدم توفير مستلزماتنا الحياتية بالعبادة من الحكومة المركزية وعدم تشريع قانون لحماية ورعاية الأقليات، وذلك هو واجب وطني".
ويرى مختصون أن ضعف القانون والدولة بشكل عام يقف وراء هجرة المندائيون في عموم العراق، حيث أن سلاح الميليشات هو الأقوى، فيما تأتي هجرة المندائيين بعد عدة مطالبات توفر لهم حرية ممارسة طقوسهم وعبادتهم، إذ طالب رئيس الطائفية المندائية الشيخ ستار جبار الحلو في 6 شباط/ فبراير، بتشريع قوانين تحد من التطرف، داعيًا إلى البحث عن مسببات الاحتقان في العراق الذي يتمثل بتقسيم العراق على أساس مذهبي وديني وعرقي، مطالبًا ببناء دولة مدنية تتجاوز المحاصصة.
اقرأ/ي أيضًا: