الترا عراق - فريق التحرير
اتفقت الدول المشاركة في القمة، السبت، على أهمية دعم العراق في المرحلة المقبلة كشرط لتحقيق الاستقرار داخل المنطقة، في وقت تسعى فيه بغداد للابتعاد عن الصراعات وحصد الدعم مع اقتراب موعد الانتخابات.
أكد الكاظمي رفض استخدام الأراضي العراقية ساحةً للصراعات الإقليمية والدولية
ورحب الرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في افتتاح المؤتمر، 28 آب/أغسطس، بوفود الدول التسع التي حضرت بتمثيل متابين على مستوى رؤساء وملوك وأمراء ووزراء خارجية.
"ظرف حساس وتاريخي"
وقال الكاظمي في كلمته، إنّ "المؤتمر يعقد في ظرف حساس وتاريخي ليمثل زخمًا جديدًا لمساعي العراق، بتوطيد علاقاته الخارجية على أسس التعاون والتضامن والتفهم المشترك والعلاقات الأخوية والمصالح المشتركة".
وأضاف، أنّ "العراق واجه خلال المراحل السابقة تحديات كبيرة، لكنه قطع خطوات واسعة لتجاوز تلك التحديات بإرادة شعبنا، وإصراره على العمل والحياة؛ من أجل مستقبل يليق به، بمساعدة كل أخوانه وجيرانه".
وبيّن الكاظمي، "إن انعقاد هذا المؤتمر في بغداد، يجسد رؤية العراق بضرورة إقامة أفضل العلاقات مع دول العالم مبنية على أسس التعاون، والتكامل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتغليب لغة الحوار والشراكات والاحترام المتبادل".
الأمن والإعمار..
وتابع بالقول، "تعهدنا مع استلام هذه الحكومة المسؤولية، أن يستعيد العراق دوره الريادي الطبيعي في المنطقة، عبر استلهام مبادئ الأمن والسلم والتعاون، والرغبة في تعزيز المشتركات. إن دور العراق التاريخي يمكن في أن يكون أحد ركائز الاستقرار في المنطقة، ووضعنا أساسًا صلبًا لتعريف هذا الدور، يبدأ برفض استخدام الأراضي العراقية ساحةً للصراعات الإقليمية والدولية، أو أن يكون منطلقًا للاعتداء على جيرانه من أي جهة كانت".
وأوضح، أنّ الحكومة "تطمح لقطع أشواط أكبر على مستوى إعادة إعمار العراق، خاصة بِناه التحتية التي تعرضت إلى أضرار كبيرة منذ عقود؛ بسبب الحروب العبثية والإدارة الخاطئة والإرهاب، والسلاح المنفلت"، مشيرًا بالقول "نطمح للتعاون، والدعم من كل الأصدقاء، بوضع مدن العراق على خريطة التحديث والاستثمار والتنمية وترسيخ الحكم الرشيد".
وقال أيضًا، "فتحنا الباب لاستقبال الشراكات الاستثمارية مع جيراننا وأصدقائنا في كل العالم، ولمسنا حماسة كبيرة على مستوى رغبة الجميع في دعم هذا الاتجاه. نعترف أنّ هناك بعض التحديات في مجال تسهيل الاستثمارات في العراق، ونعمل من خلال الإجراءات الحكومية والإصلاحات الاقتصادية على تجاوزها".
وأعرب رئيس الحكومة، عن أمله "بتحقيق الشراكات الاقتصادية الكبرى للإعمار والبناء، من خلال هذا المؤتمر واللقاءات الثنائية والجماعية؛ ليكون العراق مساهمًا قويًا في إنماء المنطقة عبر التكامل الاقتصادي المستند إلى المشتركات التاريخية والجغرافية والثقافية".
الحرب على الإرهاب..
وأكّد الكاظمي، أنّ "القضاء على تنظيم داعش انتصار لشعوب المنطقة وللإنسانية جمعاء، لأن الإرهاب والتطرف بكل أشكاله يمثل خطرًا مشتركًا، وقد خاض العراقيون حربهم العادلة ضد الإرهاب بالنيابة عن العالم ودفاعًا عن المعاني الإنسانية".
وحذر، من أنّ "الإرهاب ما زال يحاول أن يجد له موطئ قدم، ولكننا نقضي باستمرار على تلك المحاولات اليائسة بإرادة شعبنا المحب للسلام والحياة، والرافض لكلّ أشكال التطرف والعنف وبجاهزية قواتنا المسلحة بكل صنوفها"، مبينًا أنّ "القضاء التام على الإرهاب يتطلب مواجهة الظروف والبيئات التي تسمح بنمو هذه الجماعات، وتلك مهمة تتجاوز العامل العسكري إلى ثقافة الحوار والتسامح والتنمية الاقتصادية والبشرية".
انتخابات تشرين
كما تطرق رئيس الحكومة إلى ملف الانتخابات المقررة في العراق، مؤكدًا أنّها ستجري "في العاشر من تشرين الأول المقبل".
وقال الكاظمي، إنّ "الانتخابات ستحدد المسارات المقبلة، وقد طلبنا من المجتمع الدولي دعم الانتخابات من خلال فرق المراقبة، وكانت الاستجابات إيجابية من المنظمات الدولية والإقليمية والدول الصديقة"، مشيرًا إلى أنّ "الشعب العراقي احتكم إلى المسار الديمقراطي لتحديد خياراته، وهذا المسار يتطور عبر التجارب وتتم معالجة بعض النواقص فيه، فلا عودة إلى الماضي، ولا عودة للمسارات غير الديمقراطية، ولا عودة للعلاقات المتوترة مع الجيران والأصدقاء".
وختم الكاظمي بالتأكيد على "أنّ ما يجمع دول وشعوب منطقتنا من مشتركات، أكبر بكثير مما يفرقها وإن لغة النوايا الحسنة وبناء الثقة وفتح أبواب التعاون والشراكة هي الرافعات الأساسية للأمن والسلم للمنطقة، وبالتالي الأمن والسلم الدولي"، معربًا عن أمله بأن "يكون هذا اللقاء، محطة جديدة على طريق تحقيق تطلعات الشعب العراقي، وشعوب منطقتنا والمضي معًا إلى مستقبل يليق بتاريخنا ومشتركاتنا".
"نصر للعراق.."
وأجمعت الدول المشاركة في المؤتمر، على أهمية دعم العراق خلال المرحلة المقبلة والمساهمة في عمليات إعادة الإعمار، حيث عدّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في كلمته، عقد مؤتمر الشراكة والتعاون في بغداد "بمثابة النصر للعراق".
وأكّد ماكرون، دعم بلاده "لسيادة العراق من أجل ضمان أمنه"، وكذلك "دعم الشعب العراقي في مجال إعادة الإعمار، مع استمرار الحرب على الإرهاب".
"مرحلة جديدة"
فيما قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، إنّ "العراق يلعب دورًا مركزيًا في تعزيز الحوار الإقليمي".
وأكّد الملك الأردني، "دعم الجهود العراقية في مكافحة الإرهاب والتطرف"، داعيًا إلى "تبني سياسية التوازن والانفتاح".
من جانبه، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته، دعم بلاده لبغداد بهدف "استعادة مكانتها التاريخية في العالم العربي"، مشددًا على ضرورة "وقف التدخلات في شؤون دول المنطقة وتدشين مرحلة جديدة من التعاون مع العراق".
وقال السيسي، "نثق في نجاح العراق بالوفاء بالاستحقاق الانتخابي المقبل، ونرفض كافة التدخلات الخارجية في شؤون العراق والاعتداءات غير الشرعية على أراضيه".
أما الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، فقد أكّد في كلمته، أنّ العراق "مؤهل للقيام بدور فاعل في إرساء الأمن والاستقرار بالمنطقة"، مشيرًا إلى ضرورة "الحفاظ على وحدة العراق وتعزيز مؤسسات الدولة كأهم خطوات الاستقرار"، فيما دعا المجتمع الدولي إلى "دعم العراق لاستكمال عملية إعادة البناء".
"السلاح.. والنفوذ"
بدوره، قال رئيس الوزراء الكويتي صباح خالد الأحمد الصباح، إنّ "استقرار العراق يسهم في استقرار المنطقة، مبرزا أن العراق مقبل "على مرحلة سياسية محورية في تاريخه متمثلة بالانتخابات المقبلة"، مطالبًا "بعدم التدخل في شؤونه الداخلية".
فيما عبر وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، عن دعم بلاده لـ "استقرار العراق ووحدة أراضيه"، داعيًا إلى "رفع مستوى التنسيق بين دول المنطقة".
وأشاد فيصل بن فرحان، بـ "دور الحكومة العراقية في السيطرة على السلاح المنفلت"، مؤكدًا أنّ بلاده تواصل "التنسيق مع شركائها لمواجهة التطرف".
بدوره، قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، في كلمته، إن مؤتمر بغداد "خطوة مهمة لعودة العراق إلى محيطه الإقليمي"، مؤكدًا ضرورة "الوقوف إلى جانب بغداد في هذه المرحلة التاريخية".
موقف طهران وأنقرة..
بالمقابل، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إنّ "المنطقة لا يمكن لها أن تستقر دون استقرار العراق"، مشيرًا إلى أنّ "المنطقة تعاني من الانقسامات إلى جانب التهديدات الإرهابية"، وأبدى استعداد تركيا "للمشاركة في إعادة إعمار العراق".
نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان تحدث في ذات الإطار، مشددًا على أهمية "أمن واستقرار ووحدة العراق، بوصفه مؤثرًا وفاعلاً في المنطقة".
وقال الوزير الإيراني، إنّ بلاد "قدمت الدعم للعراق في مكافحة الإرهاب"، داعيًا إلى "حوار بين دول المنطقة بعيدًا عن التدخلات الأجنبية".
كما دعا، إلى "خروج القوات الأجنبية من العراق".
اقرأ/ي أيضًا:
قمة بغداد والتوقيت الحرج.. هل يستطيع العراق حصد نتائج حقيقية؟
مؤتمر "دول جوار العراق".. هل يسمح عمر الحكومة بعقد اتفاقات استراتيجية؟